الرئيسية أخبار وتقارير موقع أمريكي: هجمات البحر الأحمر تعيد العالم إلى زمن ما قبل قناة...

موقع أمريكي: هجمات البحر الأحمر تعيد العالم إلى زمن ما قبل قناة السويس

أفاد موقع “فوكس” الأمريكي أن تصاعد التوترات الجيوسياسية والنزاعات المسلحة قد ألقت بظلالها على ممرات الشحن العالمية، وخاصة في البحر الأحمر، الذي يُعد من أبرز طرق الشحن في العالم، مشيراً إلى أن الهجمات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية دعماً وإسناداً لغزة والتي تستهدف السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” تسببت في تحويل ثلثي السفن التي كانت تعبر قناة السويس إلى مسارات أطول، مما أضاف آلاف الأميال وأسابيع إضافية من وقت السفر لرحلاتها.

وأضاف الموقع أن تأثير هذه الهجمات اليمنية لا يقتصر فقط على زيادة تكلفة ووقت الشحن، بل يهدد أحد أسس العولمة الحالية: اليقين في الممرات البحرية. وقد يؤدي الوضع الحالي إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد العالمية، مما يضيف ضغوطاً جديدة على الاقتصاد العالمي المتعثر بالفعل، مؤكداً أن هذه الأحداث والتطورات في البحر الأحمر تعيد الشحن البحري العالمي إلى ما قبل افتتاح قناة السويس في عام 1869.

وفي تقرير نشره تحت عنوان “الصراع المسلح يضغط على عظام الاقتصاد العالمي”، قال الموقع: “في زمن يشهد تصاعد الصراعات المسلحة وزيادة التوترات بين القوى العظمى، أصبحت المبادئ الأساسية التي تحكم الاقتصاد العالمي موضع تساؤل. التجارة العالمية، التي كان يأمل دعاة العولمة أن تجمع بين الدول، باتت تستخدم بشكل متزايد كسلاح بين الدول المتنازعة ضد بعضها البعض. العقوبات أصبحت تقسم الاقتصاد العالمي، خاصة أسواق الطاقة، إلى شطرين. وحتى الإنترنت، التي كانت تعتبر يوماً ما فضاءً مفتوحاً دون سيادة وطنية، أصبحت هي الأخرى مقسمة على نحو متزايد حسب الحدود الوطنية.”

وتابع التقرير قائلاً: “عندما نتحدث عن العولمة، غالباً ما نركز على حركة الأشخاص والبضائع والأموال والمعلومات. لكن هذه التحركات تعتمد على بنية تحتية مادية تسهّل تلك التبادلات: سفن الحاويات التي تنقل البضائع من المصانع في آسيا إلى المتاجر في أمريكا؛ الطائرات العملاقة التي تمكن الناس من تناول الإفطار في أبو ظبي والعشاء في باريس؛ والكابلات البحرية التي تجعل مكالمات الفيديو وطلبات أمازون والألعاب عبر الإنترنت ممكنة”.

وأشار التقرير إلى أن “الصراعات المسلحة المتزايدة والتوترات الجيوسياسية، من البحر الأحمر إلى القطب الشمالي، تهدد هذه البنية التحتية، مما يفرض ضغطاً غير مسبوق على سلاسل التوريد العالمية للسلع والأشخاص والبيانات. حتى الآن، صمدت هذه الشبكة المادية التي يعتمد عليها الاقتصاد العالمي، لكن الشركات والمسؤولين المعنيين بالحفاظ على هذه الشبكة يستعدون لما هو قادم، وسط مخاوف متزايدة من أن النظام العالمي قد يكون أكثر هشاشة مما كان يُعتقد”.

دوامة البحر الأحمر

وذكر موقع “فوكس” في تقريره: “في 9 يوليو، تعرضت سفينة الحاويات (بنجامين فرانكلين)، التي ترفع علم مالطا وتديرها شركة الشحن الفرنسية (CMA CGM)، لأحوال جوية سيئة قبالة الساحل الجنوبي لأفريقيا، مما أدى إلى فقدان 44 حاوية في البحر. جاء هذا الحادث بعد أيام قليلة من جنوح سفينة أخرى قبالة سواحل كيب تاون”. وأوضح الموقع أن “هذه الحوادث تذكرنا بالخطر الذي يجعل السفن نادراً ما تخاطر بالإبحار حول الطرف الجنوبي لأفريقيا خلال فصل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي”.

وأضاف التقرير أنه “منذ نوفمبر الماضي، نفذ الحوثيون في اليمن هجمات على السفن في البحر الأحمر باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ، بل وحتى استولوا على بعض السفن. وعلى الرغم من أن الحوثيين يستهدفون السفن المرتبطة بإسرائيل تضامناً مع حلفائهم في حماس وشعب غزة، إلا أن بعض الهجمات أضرت بسفن أخرى لها صلة ضئيلة بإسرائيل، مما أدى إلى غرق سفينتين ومقتل ثلاثة بحارة. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة للتصدي لهذه الهجمات عبر اعتراض المقذوفات والصواريخ ومهاجمة مواقع الإطلاق في اليمن، إلا أن التهديدات لا تزال مستمرة وقائمة”.

وأشار إلى أن خطر هجمات الحوثيين يكمن في دفع حوالي ثلثي السفن التي عادةً ما تعبر قناة السويس إلى التوجه حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، مما يضيف آلاف الأميال وأسابيع إضافية إلى رحلاتها. وهذا الأمر أدى إلى تقليص حركة الشحن بشكل كبير، مما يعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل افتتاح قناة السويس في عام 1869″.

تأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي

وأكد التقرير أن “التأخير وعدم اليقين الناتج عن هذه الأوضاع له تأثيرات كبيرة، بما في ذلك الازدحام في الموانئ ونقص حاويات الشحن وارتفاع أسعار الشحن، التي أحياناً تتجاوز ضعف التكاليف العادية. ويؤثر هذا على أحد أسس العولمة الحديثة: اليقين في الممرات البحرية”.

ونقل الموقع عن سال ميركوجليانو، مؤرخ الشحن في جامعة كامبل: “لقد اعتمدنا على فكرة أنه يمكنك نقل البضائع إلى أي مكان حول العالم خلال فترة زمنية محددة. الآن لا يمكنك أن تكون على يقين من ذلك”.

وأضاف الموقع أن “البحر الأحمر، الذي يختنقه من الشمال قناة السويس ومن الجنوب مضيق باب المندب بين اليمن وشرق أفريقيا، ويعد أحد طرق الشحن الرئيسية في العالم، يشهد حالياً تحديات غير مسبوقة. في الظروف الطبيعية، يمر حوالي 12% من التجارة العالمية و10% من تجارة النفط البحرية عبر مياه البحر الأحمر”.

وذكر الموقع أنه “تم إغلاق الطريق من قبل – لا سيما في عام 2021 عندما جنحت سفينة حاويات في قناة السويس، مما أدى إلى عرقلة حركة المرور لمدة أسبوع. لكن هذه المرة الأمر مختلف. وحتى لو انتهت الحرب في غزة غداً، فليس هناك ما يضمن أن الحوثيين، الذين لديهم مجموعة متنوعة من المطالب والتظلمات من القوى الإقليمية والمجتمع الدولي، سوف يتنازلون ببساطة عن النفوذ الذي استولوا عليه فجأة. وليس هناك ما يضمن أن المجتمع الدولي يمكن أن يجبرهم على ذلك”.

ونقل الموقع عن نيلز هاوبت، مدير الاتصالات المؤسسية في شركة “Hapag-Lloyd” الألمانية، التي تعرضت إحدى سفنها لهجوم من الحوثيين في ديسمبر، قوله: “من غير الممكن تحديد الظروف التي ستجعل البحر الأحمر آمناً للشحن مرة أخرى”. وأكد أن الشركات البحرية غير مستعدة حتى الآن للعودة إلى استخدام هذا الممر الهام.

وقال هاوبت: “من سيكون أول خط ملاحي يقول لبحارته: “حسناً، اعتباراً من الغد سنمر عبر البحر الأحمر”؟ لن نكون هؤلاء. إذا سألتني إلى متى سيستمر هذا، سأعطيك نفس الإجابة التي قد يعطيك إياها أي عسكري أو أي شركة تأمين: لا أحد يعرف”.

وأكد الموقع أن تداعيات أزمة البحر الأحمر تتجاوز شركات الشحن. فالسعودية، على سبيل المثال، التي تسعى إلى تعزيز مكانتها اللوجستية في إطار رؤية 2030، تجد نفسها أمام تحديات جديدة. كما أن منتجي الغاز في الشرق الأوسط، الذين يسعون إلى زيادة حصتهم في السوق الأوروبية في أعقاب الحرب في أوكرانيا، يعتمدون على استقرار البحر الأحمر.

ونقل الموقع عن نعوم ريدان، خبير الشحن والطاقة في الشرق الأوسط في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، قوله: “كجزء من مبادرة التنمية الاقتصادية الكبرى لرؤية 2030، أطلقت الحكومة السعودية مؤخراً مشروعاً كبيراً لتحسين القدرة التنافسية لموانئها على أمل أن تصبح مركزاً لوجستياً لصناعة الشحن العالمية. ويتنافس منتجو الغاز في الشرق الأوسط على زيادة حصتهم في السوق الأوروبية، حيث دفعت الحرب في أوكرانيا العديد من الدول الأوروبية إلى تقليل اعتمادها على الغاز الروسي. وكل ذلك يعتمد على الاستقرار في البحر الأحمر”.

وقال ريدان: “لا أرى أننا نعود إلى طبيعتنا. هذا وضع جديد. لا أرى أن الأمر سيعود إلى ما كان عليه قبل أكتوبر”.

خطر البحر الأحمر ليس الوحيد

وأشار الموقع إلى أن “البحر الأحمر ليس نقطة الاختناق الوحيدة للشحن العالمي، حيث تتزايد المخاوف أيضاً بشأن التعطيل الإيراني المحتمل لمضيق هرمز، بين الخليج الفارسي وخليج عمان، والذي يعتبر أكثر أهمية بالنسبة لتجارة الطاقة الدولية والذي شهد قتالاً بحرياً في الماضي”.

وأضاف الموقع أن “أزمة البحر الأحمر تأتي في أعقاب تهديد الشحن في البحر الأسود في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا ومحاولة موسكو فرض حصار فعال على موانئ أوكرانيا في عام 2022. وتهديدات الصراع الأخرى على ممرات الشحن العالمية الرئيسية، بما في ذلك مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي، لا تزال قائمة ولكن لا يمكن استبعادها”.

ونقل الموقع عن ميركوجليانو قوله: “لقد تعرضت المحيطات بالفعل لتهديد كبير، وما نشهده الآن هو مشكلات متعددة تسبب التأخير والتحويلات في جميع أنحاء الكوكب. الخوف هو أنه قد يكون هناك المزيد في الأفق وما قد يأتي في المستقبل”.

الأجواء غير الصديقة

أفاد موقع “فوكس” الأمريكي في تقريره أن “الأزمة الجيوسياسية المتصاعدة بدأت مع الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث أغلقت أوروبا وكندا والولايات المتحدة مجالها الجوي أمام شركات الطيران الروسية، في حين ردت روسيا بإغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات من هذه الدول. وقد تسببت هذه القيود في زيادة مدة الرحلات الجوية بين أوروبا وآسيا بما يصل إلى أربع ساعات، مما أدى إلى ارتفاع كبير في التكاليف”.

وأضاف الموقع أن “القيود الجوية فرضت عقبات على بعض المسارات من أمريكا الشمالية إلى آسيا، مما وضع شركات الطيران الأمريكية في موقف غير مواتٍ مقارنة بشركات الطيران الأخرى التي لا تزال تستفيد من استخدام المجال الجوي الروسي”.

تهديد البنية التحتية الأساسية

وأشار الموقع إلى أن “الكابلات البحرية، التي تُعد شريان الاتصالات العالمية، لم تكن محصنة من المخاطر. ففي 2 مارس، تسببت هجمات صاروخية للحوثيين في غرق سفينة الشحن (روبيمار). ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن مرساة السفينة، عندما غرقت، انجرفت على قاع البحر، مما أدى إلى قطع ثلاثة كابلات اتصالات تحت البحر. هذا التقطيع تسبب في اضطراب كبير في الاتصالات بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط”.

وتابع الموقع: “الضرر الذي لحق بالكابلات لم يكن نتيجة تخريب متعمد من الحوثيين، بل كان نتيجة غير متوقعة لهجومهم. ومع ذلك، يُعد الحادث تذكيراً بأهمية وحساسية البنية التحتية تحت الماء. هذه المشكلة أثارت قلقاً متزايداً لدى الباحثين في مجال الدفاع، خصوصاً أن حادث غرق (روبيمار) ليس الحادث الوحيد الذي أثار هذا القلق مؤخراً”.

وذكر التقرير مثالاً آخر على التهديد، وهو انقطاع كابل الألياف الضوئية الذي يربط النرويج بأرخبيل سفالبارد في القطب الشمالي في يناير 2022. هذا الكابل كان حيوياً ليس فقط للاتصالات المحلية بل أيضاً لمحطة فضائية تجارية كبيرة تُستخدم من قبل الشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم.

واختتم الموقع تقريره بالقول: “رغم أن معظم حالات قطع الكابلات كانت عرضية، إلا أن المخاوف تتزايد بشأن احتمال تعرض هذه البنية التحتية للتخريب المتعمد في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية”.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version