مافعلته المخابرات الأمريكية في اليمن منذ الثمانينات وحتى ثورة 2014، تعتبر أكبر كارثة اجتاحت اليمن وكان من ضحاياها معظم الشعب اليمني من خلال استقطاب القيادو السياسية والبرلمانيين، اذ قامت المخابرات الأمريكية بصناعة شبكة تجسس تجذرت في مؤسسات الدولة وقياداتها.
وضمن سلسلة الاعترافات التي أدلى بها عناصر شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية، كشفت الأجهزة الأمنية اليوم عن اعترافات خلية التجسس في استهداف الواقع اسياسي لليمن من خلال اختراق السياسة اليمنية والسيطرة على اللجنة العليا للانتخابات، استقطاب البرلمانيين وقيادات الأحزاب، اضافة الى استقطاب المعارضة، والتدخل في ثورة 2011 وثورة 2014م.
عاش اليمن تجربة مريرة من الصراع السياسي منذ سنوات عديدة، وظل الخائن علي عبد الله صالح متربعاً على عرش السلطة، مهيمناً على كل مفاصل الحياة السياسية في البلد. وخلال تلك الفترة وجدت الإدارة الأمريكية الكثير من الفرص لاختراق الواقع السياسي في اليمن، مستخدمة كل الإمكانات لتحويل اليمن إلى منطقة تابعة للأمريكيين، ومنتهكة لسيادته. وتظهر اعترافات شبكة التجسس الأمريكي الإسرائيلية جانباً من هذا الاستهداف الأمريكي لليمن في الواقع السياسي، وهنا سنركز على ما تم من استهداف في المرحلة التي سبقت ثورة فبراير 2011.
اعترافات “شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية” حول استهداف “الواقع السياسي” اليمني #جواسيس_أمريكا_وإسرائيل #شبكة_التجسس_الأمريكية_الإسرائيلية pic.twitter.com/jvlID8xFKt
— المشهد اليمني الأول (@Alyemen_One) August 17, 2024
كيف عملت أمريكا وجواسيسها على استهداف ثورة 2011؟
نشرت الأجهزة الأمنية، السبت، سلسلة جديدة من اعترافات خلية التجسس الأمريكية الإسرائيلية، التي كانت تعمل داخل صنعاء لصالح واشنطن. وأظهرت الاعترافات جوانب الاستهداف الأمريكي للثورة الشبابية في عام 2011، والواقع السياسي اليمني من خلال الاستقطاب للقيادات في تلك الثورة وتقديم الدعم لهم، بهدف السيطرة على القرار، ولإبقاء الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن تحت سيطرتهم.
ومن خلال الاعترافات يتضح للجميع حقيقة حزب الإصلاح، والهدف من دوره القيادي لثورة الشباب، وكذلك الرهان الأمريكي على قيادات الإصلاح أثناء وبعد الثورة، كوسيلة لتدمير المجتمع اليمني وتقسيم اليمن، من خلال المبادرات الخليجية الهادفة الى تمزيق اليمن، وبغطاء أمريكي، وعبر حزب الإصلاح كشفت حقيقتها اعترافات الجواسيس الذين كانوا الأذرع الأساسية لواشنطن داخل المجتمع اليمني.
الدعم الخفي.. أمريكا في مركز صنع القرار
وتظهر اعترافات الجاسوس شائف الهمداني جانباً من الاستهداف الأمريكي للثورة الشبابية، حيث يقول في اعترافاته: “عندما بدأت الثورة الشبابية في عام 2011 كان هناك دور خفي للسفارة الأمريكية بشكل عام بما فيها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عبر قطاع الديمقراطية والحكم الرشيد، و كان يتم دعم بعض القيادات البارزة في المكونات الشبابية بشكل خفي، وذلك بهدف تكوين شخصيات ذكية لها دور مستقبلي في الوصول إلى مركز صنع القرار الذي يمكن الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة على القرار.
ويضيف: “ومن تلك القيادات الذين تم تقديم الدعم لهم، توكل كرمان حيث أنها من الذين شاركوا في برنامج الزائر الدولي من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية من خلال الملحقية الثقافية الأمريكية، وكذلك حسام الشرجبي، وأفراح الزوبة ، وأسامة الرعيني ، وهؤلاء ضمن الذين كان لهم الدور البارز في أوساط الشباب”.
ويوكد “أن السفارة الأمريكية كانت تحفز تلك القيادات وبعض الشخصيات للسيطرة على الثورة حينها، وذلك لإبقاء الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في اليمن تحت سيطرتهم، وكان يتم التركيز على مكون الشباب أكثر كونهم يشكلون أكبر شريحة في المجتمع”. موضحاً أن الكثير من الشخصيات التي وصلت إلى مناصب بارزة في الحوار الوطني مثل أسامة الرعيني، وأفراح الزوبة، وحسام الشرجبي وغيرهم من الشباب والذين وصلوا إلى مراكز حكومية تمكن من اتخاذ القرار مثل جلال يعقوب الذي وصل أيضاً إلى منصب وكيل وزارة المالية، كان بفضل التحركات الأمريكية عبر السفارة.
وفي السياق ذاته، ووفق الجاسوس شائف الهمداني، فان التحرك الأمريكي والدعم الخفي جاء بعد أن لاحظت الولايات المتحدة أن الثورة في اليمن بدأت تأخذ بعدا آخر، حيث عملت على الحفاظ على مصالحها عبر مكون حزب التجمع اليمني للإصلاح، فتم الإيعاز لـ علي محسن بأن يقوم بإعلان انفصاله عن القوات المسلحة وانضمامه إلى الثورة الشبابية كذلك الشخصيات الأخرى من حزب الإصلاح مثل حميد الأحمر وغيرهم بتقديم الدعم والسيطرة على الثورة الشبابية حينها لأهداف سياسية تخدم المصالح الأمريكية.
مراقبة عن كثب.. الساحات تحت المجهر الأمريكي
أما الجاسوس عبد المعين عزان فكشف في اعترافاته عن الدور الذي كلف به أثناء الاحتجاجات الشعبية، موضحاً أن الدور الذي كلف به كدور مخابراتي في 2011 أثناء الاحتجاجات التي كانت في الساحات، هو التواصل مع منظمات المجتمع المدني، سواء المنظمات الموجودة والبارزة في الساحة عبر الممثلين لها، وكان على اطلاع بما يتم في الساحة.
ويقول الجاسوس عزان في اعترافاته: “كنت أتواصل مع تلك المنظمات، لأخذ معلومات عن الساحة، وعن أي تحركات معينة عن توجهات الشباب في الساحة، وعن توجهات الكتل المختلفة داخل الساحة، وذلك من خلال منظمات المجتمع المدني التي كانت شريكة للميبي والذي كانت متواجدة بفعالية”. ويضيف” كان حتى بعض المنظمات الشريكة للميبي تنفذ فعاليات داخل خيم في الساحة وأذكر أني حضرت فعالية وزرت الساحة مرة أو مرتين، والتقيت بممثلي المنظمات التي كانت تتلقى دعماً ومنحاً من الميبي، وكانت متواجدة في الساحة ولها علاقات وتواصلات مع الجهات المختلفة والشباب والكتل الشبابية المختلفة داخل الساحة، وكانت كل المعلومات الذي تأتيني طبعاً أكتبها في تقارير وأرفعها لجوان كمينز.
من جهته يقول الجاسوس محمد الخراشي:” أيام ساحات الاعتصام في 2011م كان يتم إرسال مجموعات من الجواسيس لمراقبة الساحات ومعرفة من الشخصيات البارز الذي تنضم يومياً في الساحة وأبرز الأحداث التي تحصل يومياً في الساحة، وكتابتها في تقرير وإرسالها إلى ضابط الأمن الإقليمي فوراً.
التدخلات الأمريكية وتقسيم اليمن
وعن الدور الأمريكي في خلق الصراعات والانقسامات أوساط المجتمع اليمني، يقول الجاسوس عبد القادر السقاف في اعترافاته: “من خلال عملي تلك الفترة بالسفارة الأمريكية في الملحقية السياسية، كان واضحاً أن التدخلات الأمريكية أدت إلى خلخلة المجتمع اليمني، وخلق الصراعات البينية، حتى العام 2011، الذي تم فيه انقسام المجتمع وانقسام الأحزاب، منها حزب المؤتمر الحزب الحاكم، الذي هيئ لتدخلات الخارجية والأمريكية.
ويضيف:”ومن التدخلات الخارجية فكرة” المبادرة الخليجية” التي تبنتها السعودية وبمساعدة الدول الخمس العضوية الدائمة في الأمم المتحدة، وبعض الدول الأخرى المساندة حتى أصبحت تلك الدول الراعية التي سموها العشر الدول الراعية، وأصبحت الفوضى تكبر، موضحاً أن تلك المبادرة والتدخلات الخارجية بتزامن مع تدخلات المبعوث الأممي الذي أرسلته أمريكا، لكي يتم إنقاذ الحوار الوطني الذي في نهاية المطاف يصب في المصلحة الأمريكية وهو الذي تبحث عنها أمريكا نفسها فيما يتعلق بأنهم يأتون بمشروع الأقاليم لليمن، والذي هو جزء من المخطط الأمريكي الذي تسعى واشنطن والرياض لتنفيذه في اليمن.
السيطرة على اللجنة العليا للانتخابات
يقول الجاسوس شايف الهمداني: “من البداية عمل قطاع الديمقراطية على تحديد الرئيس الذي يتولى إدارة اليمن، وذلك من خلال دعم الانتخابات الرئاسية، والسيطرة على اللجنة العليا للانتخابات.”
وفيما يتعلق ببرنامج الانتخابات – يقول الجاسوس عبد المعين عزان- الذي كان يعمل في المعهد الديمقراطي الأمريكي إن البرنامج كان يديره خبير يمني يدعى مراد ظافر، وكان في الظاهر على أساس أن البرنامج يقدم الدعم الفني للأحزاب السياسية، فيما يتعلق بالانتخابات، وكيف تشارك في الانتخابات، وتستهدف الناخبين وغيرها، وكان أيضاً على أساس أنه يقدم الدعم الفني للجنة العليا للانتخابات والاستفتاء، مشيراً إلى أن برنامج الانتخابات لا يختلف عن غيره من البرامج، وكان له دور مخابراتي، ودور خفي، حيث كان من أبرز هذا الدور المخابراتي استقطاب القيادات الحزبية التي كانت مهتمة بموضوع الانتخابات، والأهم من ذلك أن السفارة والمخابرات الأمريكية كانت تسعى من خلال البرنامج للحصول على السجل الانتخابي حق المواطنين اليمنيين، تحت مبرر أتمتة السجل، الذي كان ورقياً، ولذا كانوا يسعون للحصول على نسخة من السجل الانتخابي للمواطنين اليمنيين.
بدوره يقول الجاسوس شايف الهمداني إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عملت في اليمن مع بقية المكاتب والملحقيات في السفارة الأمريكية مع اللجنة العليا للانتخابات أيام الانتخابات الرئاسية بين علي عبد الله صالح وفيصل بن شملان، لافتاً إلى أنه كان من ضمن الفريق المكون من مختلف أقسام السفارة الأمريكية، وكان السيد براد هانسن هو مدير الفريق، حيث كلفه بمتابعة اللجنة العليا للانتخابات لمعرفة أن الأمور في عملية الانتخابات تسير وفق ما تريده أمريكا والاطلاع على سير الأعمال والترتيبات التي تقوم بها اللجنة العليا للانتخابات والنزول الميداني إلى أبرز الدوائر والمراكز الانتخابية من حيث عدد الناخبين، مع التركيز على الدوائر الانتخابية التي يوجد فيها الثقل الجماهيري الذي سيحدد من سيفوز بالانتخابات، كون براد هانسن من طرف السفارة الأمريكية، ويقدم المساعدات للجنة العليا للانتخابات في هذه المهمة، التي كانت إرادة براد هانسن ترجح فوز علي عبد الله صالح بالانتخابات حينها.
برنامج الأحزاب واستقطاب قيادات الأحزاب
وفي سياق هذه الاعترافات يقول الجاسوس عبد المعين عزان :”عملت بشكل غير مباشر لصالح المخابرات الأمريكية وذلك عبر المدعو مراد ظافر الذي كان وقتها مدير البرامج، والذي كان أيضاً يلعب دوراً في تهيئة الموظفين اليمنيين، وتجهيزهم للعمل لاحقاً لصالح المخابرات الأمريكية، وكان يستضيفني في البيت عنده في جلسات القات، وكان يعطيني التعليمات عن كيفية الاستقطاب، وعن كيفية الحصول على المعلومات، وعن كيفية إقامة علاقات، وحتى هو شخصياً فتح لي علاقات مع جهات، ومع أشخاص مختلفين”.
ويضيف: “برنامج الأحزاب الذي كانت تديره سيدة صربية خبيرة دولية تدعى “ساشا بسفيتش” وكان معها مساعدين يمنيين، وعمل البرنامج في ظاهر الأمر على أنه يقدم الدعم للأحزاب السياسية والقيادات السياسية اليمنية، بينما في الحقيقة عمل على استقطاب القيادات الحزبية والقيادات السياسية اليمنية وتجنيدها لصالح المخابرات الأمريكية، وعمل أيضاً على إقناع الأحزاب السياسية على أن السفارة الأمريكية هي الراعي للعملية السياسية في اليمن والمحكم للخلاف، والصراع السياسي بين الأطراف المختلفة في اليمن.
وفي هذا الإطار يقول الجاسوس شايف الهمداني أن المخابرات الأمريكية كانت تقدم دعماً لأشخاص معينين في أحزاب سياسية معينة، وذلك لتقوية أحزابهم، وكان الكل يسعى لإرضاء أمريكا، فيما يتعلق ببناء العلاقة معها بأي حالة من الأحوال، فقد كانت كل الأحزاب والشخصيات تسعى إلى رضاها، مثلاً في الأحزاب السياسية الدكتور ياسين سعيد، الذي كان من أقرب الأصدقاء للسفارة الأمريكية، ومن الحزب الناصري عبد الملك المخلافي كان من أصدقاء السفارة الأمريكية ومن الأشخاص الذين كانوا يترددون على السفارة..أيضاً في حزب التجمع اليمني للإصلاح كان هناك عبد الوهاب الآنسي وغيره ممن كنا نلتقيهم في الحفلات”.
ويواصل الجاسوس الهمداني قائلاً: ” كانت هناك علاقة حميمة تربط الفريق علي محسن الأحمر بالسفارة الأمريكية خاصة بالسفير فيرستاين الذي كان يتردد عليه كثيراً، وكان بينهم زيارات مشتركة كثيرة.. أيضاً كان من أهم الأهداف التي تقوم بها السفارة والوكالة بشكل عام مثل ما ذكرنا أنه كان هناك دور تكاملي بين مختلف وكالات السفارة فيما يتعلق بجانب الديمقراطية والحكم الرشيد حتى يتم الوصول إلى قرارات مشتركة تقدم الدعم أو تقدم الفائدة الاستخباراتية على كل شيء، وذلك من خلال استقطاب هذه الشخصيات للعمل على إيجاد حالة قلاقل بين الأحزاب السياسية” منوهاً إلى أن الإصلاح لا يطيق المؤتمر الشعبي العام، والإصلاح لا يطيق الاشتراكي لأسباب عقائدية، وكانت في البداية كل الأحزاب تدخل في حالة صراعات بإيعاز من أمريكا حتى يبقى الوضع السياسي مهلهلاً.
الجاسوس عبد المعين عزان يواصل سردية اعترافاته فيما يتعلق ببرنامج الأحزاب، وتطوير الأحزاب، مؤكداً أن من ضمن المهام هي كيف تكون الأحزاب قادرة على أن تشارك في الانتخابات وتساهم وتستقطب الناخبين وغيرها وهو عمل أيضاً في ظاهره أمر جيد، ولكن من خلاله تم استقطاب النخب السياسية الكبيرة وبالذات النخب التي كانت ترفض التعامل مع الأمريكيين، موضحاً أن المعهد الديمقراطي لعب دوراً في استقطاب الكثير من تلك القيادات كي تعمل على دعم الأجندة الأمريكية”.
برنامج البرلمان واستقطاب البرلمانيين
ويضيف الجاسوس عزان :”بالنسبة لعملي فقد كان في المعهد، لاسيما برنامج البرلمان، حيث كنت مساعداً لرئيس البرنامج الذي كان من جنسية كندية، أو مدير البرنامج بالأحرى كان وقتها من الجنسية الكندية، حيث عملت على أساس أنه كان أولاً كان في متابعة لجلسات مجلس النواب بشكل يومي وما هي الجلسات، وكنت أعمل عليها ملخصات سواءً من الأخبار ولاحقاً من خلال صحفيين كانوا يعملون داخل، وحتى من نواب كنت أتصل بالنواب نيابةً عن الشخص الكندي هذا المدير الكندي أتواصل معهم وأكون على اتصال أبلغهم إذا هو بحاجة يريد منهم معلومات في مجال معين أو في شيء معين”.
ويزيد: ” أثناء عملي في المعهد الديمقراطي وتحديداً في برنامج البرلمان كان مراد ظافر، وخبير لبناني يدعى علي شاهين كان قد حضر لليمن كانوا يدرسون بدرجة أساسية ظهور الحركة الناشئة وقتها حركة “أنصار الله” وتحركاتها، وحجمها، ونشاطها وغيرها، مهتمين بها كثيراً، وأنا ساعدت أيضاً في الدراسات التي كانوا يعدونها والتقارير التي كانوا يعدونها عن حركة أنصار الله في ذلك الوقت.
ويضيف: “فيما يتعلق بعملي في برنامج البرلمان في المعهد الديمقراطي عملت لفترة أولاً تحت إشراف هذا السيد اللي كان اسمه كارلو بيندا، لاحقاً كارلو راح وتم ترقيتي أنا كمسؤول على برنامج البرلمان، واستمريت في إدارة برنامج البرلمان تقريباً لنهاية نصف العام 2009
وكان برنامج البرلمان استقطب مجموعة من البرلمانيين عن طريق شخص كان يعمل كنائب لمدير البرنامج لفترة هو كان برلمانياً سابق يدعى سعد الدين بن طالب، وكان عضو برلمان لفترة قبل أن ينضم للمعهد، وأثناء عمله وهو من العاملين وهو من رجال المخابرات الأمريكية المركزية وعمل هذا الشخص على استقطاب مجموعة من النواب أثناء عمله وعمل صداقات وأقام صداقات شخصية وعلاقات شخصية”، موضحاً أنه حتى بعد أن انضم للمعهد الديمقراطي كان يستضيف البرلمانين هؤلاء في بيته، واستغل الصراع بين السلطة والمعارضة في ترويج أن أمريكا تساعدهم في الوصول إلى السلطة، مؤكداً أنه استطاع أن يجند مجموعة من البرلمانين من خلال الدعوات في البيت، ومن خلال الورش والندوات التي كانت تعقد داخل أروقة المعهد الديمقراطي.
ويقول الجاسوس عزان :” من الأعمال المخابراتية التي قمت بها استقطاب البرلماني عبد المعز دبوان، والذي من خلاله حصلت على معلومات كثيرة وعلى مواقع كثيرة استخدمت بعضها فيما يتعلق بالجانب النفطي في اليمن، والعمل للشركات النفطية والاستكشافات النفطية وغيرها، كما حصلت على معلومات كثيرة من هذا الجانب بحكم علاقاته أيضاً هو كنائب كان يستطيع الحصول على هذه المعلومات من زملائه وغيرها وكنت أرفعها لمسؤولة مكتب اليمن داخل إدارة المعهد الديمقراطي في واشنطن و اسمها لي كاثرين مايلز التي لاحقاً لما أصبحت أنا مشرف على البرنامج ومسؤول على البرنامج كنت أتعامل معها بشكل مباشر وأكتب لها تقارير وأرفع لها تقارير عن البرلمان اليمني وعلى الوضع في البرلمان اليمني وبعض التقارير وخصوصاً فيما يتعلق بالجوانب النفطية وخصوصاً فيما يتعلق بجوانب الاستكشاف والتنقيب وغيرها بشكل مباشر إلى عندها.
أما الجاسوس عبد القادر السقاف فيقول إن الدور السلبي للسفارة الأمريكية فيما يتعلق بالبرلمان اليمني، ومثلاً في تكثيف اللقاءات مع أعضاء البرلمان الذين هم فاعلين وإقامة علاقات واسعة لكي يتم التعارف بينهم بشكل أوثق و يتبادلون الآراء ويقدمون لهم أيضاً بعض الأساليب، منوهاً إلى أنهم بهدف كسبهم كانوا يرسلونهم إلى أمريكا للمشاركة في دورات، و فيما يتعلق بمجلس النواب، كانت تتم دورات زيارات إلى مجلس النواب الأمريكي عبر برنامج الزائر الدولي، ويتم بعد ذلك توثيق العلاقة واللقاءات والربط.
ويشير إلى أن السفارة الأمريكية أثناء تنفيذ الأنشطة السنوية كانت حريصة على دعوة البرلمانيين، ويتم من خلالها عقد اللقاءات المكثفة والتواصل والربط، والتنسيق مع هؤلاء بما يتم تناوله في البرلمان، وتمرير ما يطلبه الأمريكيون، فيما يتعلق إذا كان هناك قروض، أو شراء أسلحة، أو اتفاقيات، بخصوص ما يتعلق بمجال الأمن و مكافحة الإرهاب، وفي المجالات الاقتصادية، وغيرها، بمعنى يمررون المشاريع التي هي لصالح الأمريكيين، ويتم عرقلة واعتراض المشاريع الأخرى التي ليست لصالح الجانب الأمريكي.
ويبين أن من أبرز البرلمانيين الذين كانت لهم علاقة قوية وتواصل مع السفارة الأمريكية سلطان البركاني، وصخر الوجيه، ومحمد علي الشدادي، لافتاً إلى أن اللقاءات كانت تتم في منزل محمد علي الشدادي.
وأوضح أن من ضمن اللقاءات التي تمت مع المسؤولة السياسية في السفارة الأمريكية لقاء محمد الحزمي وهاشم الأحمر وعثمان مجلي الذي كان يحضر اللقاء في السفارة مع السفير مباشرة عن طريق مراسيم السفارة. ومن الأعضاء الآخرين الذين كانت لهم لقاءات مع السفارة شوقي القاضي الذي كان عنده منظمة لتدريب خطباء المساجد حسب ما يقولون، وكان علاقته مع الملحقية الإعلامية في قسم مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (ميبي ) بهدف القيام بدورات تدريبية للخطباء، حيث كانت تعطى له مثلاً نوع من المنحة المالية لتسيير هذه المنظما،ت فكان هذا مع الملحقية الثقافية والإعلامية في ذلك القسم يتواصل وموجود.
ويواصل الجاسوس السقاف في سياق اعترافاته: ” رئيس كتلة برلمان الإصلاح زيد الشامي ونائبه عبدالرزاق الهجري، كانت لهم لقاءات مع الملحق السياسي، و لقاءات مع مكتب في مقر الإصلاح حول أمور البرلمان يعني وأمور الحزب”.
استقطاب المعارضة
ويوضح الجاسوس شايف الهمداني كيف كانت المخابرات الأمريكية تعمل على استقطاب المعارضة اليمنية، مشيراً إلى أنه كانت توجه إليهم دعوات لحضور حفلات السفارة المختلفة، حيث كانت تأتي معظم الشخصيات السياسية إلى تلك المناسبات.
ويضيف: “كان أيضاً يتم إرسال هذه الشخصيات في برامج تتعلق بتبادل الزيارات مع الولايات المتحدة الأمريكية، و كان يأتي إلى هذه الزيارات، ويقوم بهذه الزيارات عدة شخصيات لها وزنها السياسي، ولها وزنها الاقتصادي، ولها وزنها الاجتماعي من مختلف شرائح المجتمع في اليمن، فمثلاً في جانب القضاء كان هناك شخصيات منيت من مستوى قاض في استئناف، حتى وصل إلى مستوى قاضي في المحكمة العليا، حيث كانوا ضمن الأشخاص الذين شاركوا في برنامج الزائر الدولي.”
ويواصل: “أيضاً كان هؤلاء الأشخاص على صلة وثيقة بالملحقية الثقافية الأمريكية والسفارة الأمريكية بشكل عام، وكانوا مصدر بيانات ومصدر معلومات خاصة فيما يتعلق بجانب القضاء وسن القوانين، حيث يكون لهم معرفة مسبقة وأيضاً يكون لهم تأثير عليها.
وفيما يتعلق بموضوع الجانب السياسي كان يتم استقطاب عدد من الشخصيات السياسية، من خلال العمل عن قرب مع النخب السياسية، وذلك من خلال عملية الاستقطاب وإشراكهم فيما يتعلق ببرامج التبادل، وتبادل الزيارات مع الولايات المتحدة الأمريكية كأحد الوسائل، فكانت هذه أحد وسائل بناء العلاقات وبناء الشخص ليكون مصدر معلومات ومصدر بيانات وعين لأمريكا سواءً كان على المستوى الحكومي أو على مستوى المعارضة أو على مستوى المجتمع المدني واسم منظمات المجتمع المدني والحقوقي في الصحافة في القانون، و في الجانب الأكاديمي، و في الجامعات وغيرها، فقد كان يتم الاستثمار في هذا الجانب كثيراً.
حالة اللا حرب واللا سلم.. استراتيجية واشنطن الفاشلة في اليمن
تتوالى اعترافات شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية التي كان لها الدور الكبير في تخريب كل قطاعات الدولة بدعم كبير من السفارة الأمريكية والمخابرات الأمريكية. وتوضح الاعترافات أن الإدارة الأمريكية كانت تعمل على إدخال اليمن في حالة من اللاحرب واللاسلم لفترة طويلة جداً.
وفي اعترافاته، تطرق الجاسوس هشام الوزير، إلى استراتيجية “حالة اللا حرب واللا سلم” الأمريكية التي بدأت معالمها تتضح وتتبلور في العام 2016 أثناء مفاوضات الكويت، وكان مقرراً لها أن تبدأ بالتطبيق في ذلك الوقت لكن خسارة الديمقراطيين في الانتخابات أدى إلى عدم تطبيقها.
وأشار الجاسوس الوزير إلى أنه بدأ الاستعداد مباشرة لهذه الحالة مرة أخرى مع قرب الانتخابات الأمريكية في عام 2020، حيث بدأت الوكالة مرة أخرى تعيد الموضوع، وتعيد النقاشات فيه وتقييمه ودراسته، وتم هذا بالتنسيق مع الخارجية الأمريكية، وحتى وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” التي كانت مشاركة في هذا الموضوع، مبيناً أنه كان يتم استدعاؤه لاجتماعات عبر الانترنت بهذا الخصوص مع كل من “كريس جينينز” و”والسون ماينر” المسؤولة عن مكتب اليمن في الوكالة الأمريكية للتنمية ومسؤولة مكتب اليمن كذلك في الخارجية الأمريكية “لورا مكادمس” وممثلين عن وزارة الدفاع الأمريكية.
وبين عضو شبكة التجسس، أنه تم اعتماد الموضوع، وإقراره بشكل مباشر مع وصول الرئيس الأمريكي “جو بايدن” للحكم، موضحاً أن تعيين المبعوث الأمريكي “تيم ليندر كينغ” هو من أهم ملامح هذا المشروع من ناحية فنية تخص حكومة الولايات المتحدة لكي يكون شخصاً مشرفاً على ما يسمى بالعملية السياسية، ومشرفاً على جهود الوكالة الأمريكية للتنمية والخارجية الأمريكية والسفارات الأمريكية في صنعاء والرياض وأبو ظبي وعمان.
ولفت الجاسوس الوزير إلى الدور الخاص بالمبعوث الأمريكي “تيم ليندر كينغ” ومن يعملون جميعاً تحت إدارته، باعتباره مبعوث الرئيس الأمريكي ولديه الصلاحية الكاملة بالتواصل مع البيت الأبيض مباشرة عبر “جاكو سليفن” المسؤول عن شؤون الأمن القومي، وكذلك بارتباط حتى مع محطة الـ CIA المسؤولة عن هذا الموضوع.
وأوضح أنه في الوقت الذي تم فيه إقرار هذا المشروع بقيادة أمريكا، والتنسيق مع المانحين ابتداءً أولاً ببريطانيا عبر سفارة بريطانيا وسفيرها والمسؤول عن وكالة التنمية البريطانية، فقد تم حبسه، لافتاً إلى أن الاتحاد الأوروبي عين سفيراً له كمبعوث أممي على هذا الأساس ليعمل على نفس العمل، وهو شخص مشارك كان في هذه العملية في ذلك الوقت من خلال دوره كمسؤول عن سفارة الاتحاد الأوروبي الخاصة باليمن والمتواجدة في عمّان الأردن، بالإضافة إلى الدور التقليدي التابع والمكمل من ناحية توزيع الأدوار لكل من سفارة هولندا وسفارة ألمانيا ووكالة التنمية الخاصة بها وفرنسا جزئياً حسب الإمكانيات المتاحة لها.
وسلط الجاسوس هشام الوزير في اعترافه الأخير الضوء على برامج الأمم المتحدة التي كان لها الدور في هذا الموضوع وتحديداً البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، ووكالة التنمية الألمانية، من خلال دعم السلطة المحلية في هذا الموضوع، بالإضافة إلى دور الاتحاد الأوروبي من خلال دعم منظمات المجتمع المحلي ودعم مشاريع المجالس المحلية والسلطة المحلية عبر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.
وأكد أن الاهتمام الذي توليه المنظمات الدولية بالقيادات المجتمعية الذي يكون لها دور شبيه بهذا الدور، مثلاً يكثف مسؤولو منظمة رنين ومسؤولي منظمة RDD لقاءاتهم بالقيادات الشابة، التي تعد من أهم الجهات الفاعلة في هذا الموضوع، من ناحية عملها على الشباب والبنات من خلال ما يسمى بالمهارات الحياتية، لأن هذه عملية مستمرة للقيادات الشابة ولها دور أساسي في هذا الموضوع، وهذا من أبرز ملامح حالة اللا حرب واللا سلم.
وذكر الجاسوس الوزير أن الأمريكيين أطلعوه بشأن الاستراتيجية المعتمدة لهم، وأنهم على قناعة أن الحرب لم تؤدي النتائج المناطة بها ولم تحقق الأهداف المناطة بها، بل على العكس زادت أنصار الله قوة وأصبحت قوتهم غير مقبولة، وبالتالي فإن الهدف الأساسي للأمريكيين هو إطالة حالة اللا حرب واللا سلم إلى أطول فترة ممكنة.