مجلة “ذي ناشونال إنترست” الأميركية تنشر مقالاً للكاتب جايكوب هيلبرون، يتحدث فيه عن خطابات دونالد ترامب، وكيف يقوم باستخدام الإهانات ومهاجمة كامالا هارئيس، بدلاً من الخطابات حول سياسته المستقبلة إذا فاز بالرئاسة.
نص المقال:
في روايتها “كبرياء وتحامل”، تقول الروائية جاين أوستن على لسان إحدى بطلات عملها ماري بينيت، وهي تتأمل التمييز بين الكبرياء والغرور: “قد يكون الشخص فخوراً، من دون أن يكون مغروراً، فالكبرياء يرتبط أكثر برأينا في أنفسنا. أما الغرور، فيرتبط بما نريد أن يعتقده الآخرون عنّا”.
ولكن ماذا يحدث عندما يكون شخص ما فخوراً ومغروراً في الوقت ذاته، مثل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. في حواره الطويل على منصة “إكس” مع مالكه رجل الأعمال إيلون ماسك، قدم ترامب درساً فاشلاً ومتقناً في كلا المستويين، وتنقل من موضوع إلى آخر من دون القليل من المنطق الواضح، مع تركيزه في أغلب الأحيان على عظمة دونالد ترامب؛ الرئيس الوحيد القادر على التعامل مع فلاديمير بوتين ومجموعة من الأشرار في جميع أنحاء العالم الذين يحبون بلدانهم، لكن ليس على الطريقة التي تشتهيها الترامبية.
وقد كرر عباراته الذي يواظب عليها منذ 4 سنوات حين خسر السباق الانتخابي أمام جو بايدن، وقال: “لو لم أحرم من حقي عام 2020، لكان العالم في مكان أفضل بكثير اليوم، فلا حرب في أوكرانيا ولا في الشرق الأوسط، ولا تضخم في البلاد”. ووافق ماسك ترامب، وقال: “أنت الطريق إلى الرخاء، وأعتقد أنّ كامالا هاريس هي العكس”، وهذا أمر صحيح بالنسبة إلى مصالح ماسك؛ ففي حال فوز ترامب سيتقبل إزالة أي عقبات تنظيمية تعوق أنشطة ماسك التجارية. ويبدو أنّ الأمر نفسه ينطبق على صناعة الطاقة، فقد ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أنّ أقطاب شركات النفط تسعى إلى تلبية طلب ترامب بمنحه مليار دولار كتبرعات لحملته الانتخابية.
من الواضح أنّ ترامب حريص على توجيه الأضواء بعيداً عن منافسته نائبة الرئيس كامالا هاريس والتركيز على نفسه. ومنذ العام 2016، استخدم ترامب “تويتر” مثل سيف أو هراوة لسحق خصومه السياسيين. ومع ذلك، لم تعد المنصة المذكورة على حالها كما كانت قبل أن يمتلكها إيلون ماسك، ويغير اسمها إلى “إكس”، إذ تتزايد الشكوك في استمرار المنصة التأثير بالمستوى السابق عينه.
لقد كانت المشكلات في مقابلة ماسك مع ترامب واضحة منذ البداية، إذ تأخر بثّها لمدة ساعة تقريباً بسبب الصعوبات التقنية التي كان يعانيها موقع التواصل الاجتماعي، بسبب طرد ماسك عدداً كبيراً من موظفي الهندسة. في الوقت عينه، تعرضت المنصة لهجوم كبير على الشبكة، كما زعم صاحبها إيلون ماسك، الذي أشاد به ترامب لطرده عدداً كبيراً من موظفي شركة تيسلا، واصفاً إياه بـ”العظيم”.
المشكلة الحقيقية التي كشفتها المقابلة هي أنّ ترامب نفد من المواد الجديدة. كانت تعليقاته بمنزلة ألبوم ناجح يجذب المعجبين منذ فترة طويلة، ولكن من غير المرجح أن يجذب معجبين جدداً، وهو يحتاج إلى تجديد خطابه، ولكنّه يبدو غير قادر على الانخراط في أي شيء آخر غير التفكير في إنجازاته الماضية، وتأكيد أنّه ظلم في انتخابات 2020، وسرقت منه بالتزوير.
على النقيض من ذلك، تسوّق هاريس نفسها على أنّها ما جسده ترامب ذات مرة، وهو التغيير الذي يمكنك أن تؤمن به. “لن نعود”، هتفت الحشود في المسيرات المؤيدة لها. إنّها تصعد بثبات في استطلاعات الرأي. كشف آخرها الذي أجرته صحيفة “فاينانشال تايمز” أنّ هاريس تتفوق الآن بفارق ضئيل على ترامب في ثقة الناخبين حول من يمكنه توجيه الاقتصاد بشكل أفضل. إضافة إلى ذلك، يشير استطلاع جديد أجرته “يو أس توداي” إلى أنّ هاريس على مسافة قريبة من ترامب في فلوريدا، ويزيدها فقط بفارق 5 نقاط مع 47 % يؤيدونه و42% لها.
مع ذلك، يبدو أنّ من غير المحتمل أن تنتقل الولايات المتأرجحة إلى التصويت لنائبة الرئيس كامالا هاريس حتى الآن، مع أنّ موجة تأييدها تكبر بسرعة بين قواعد جيل الشباب، وأولئك الساعين إلى التجدد، ما يعني أنّ ترامب سيواجه بحاراً سياسية أكثر قسوة مما كان يتوقع أن يضطر إلى الخوض فيه.
وفي الوقت الذي يحثّ حلفاء ترامب على التركيز على السياسة، من الواضح أنه يشعر بالملل منها، كما أظهر خطابه في مؤتمر الحزب الجمهوري، مفضلاً الانغماس في الإهانات والشتائم عوضاً عن طرح رؤاه السياسية حول الصناعة والاقتصاد وغيرها من الأولويات، ووصف هاريس بأنها “غير كفؤة” و”زعيمة يسارية راديكالية” و”من الدرجة الثالثة”، ثم أشاد بمظهرها على أنه جميل، لكنه ادعى بغرابة أنّ صورتها على غلاف مجلة تايم تشبه زوجته ميلانيا. وقد نتساءل ما رد فعل ميلانيا على ملاحظة زوجها، وربما الأمر برمته لا يهمها.
ــــــــــــــــــــــــــــد