مقالات مشابهة

بين الانتظار ومحاولات كبح جماح الرد: العمل جارٍ من أجل تأديب العدو والتأخر “تكتيك” وأمريكا تحاول إنقاذ الكيان

كشف مشهد التصفيق في 24 يوليو داخل الكونغرس الأمريكي لمجرم الحرب رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو النفاق الأمريكي وفضحه أكثر للعالم، فأمريكا تقف وراء مقتل وجرح أكثر من 150.000 فلسطيني دعماً للكيان المجرم بأفتك الأسلحة وبالمال وبالغطاء السياسي، ولم يعد هناك أي شك بهذا الشأن، إذ ضجت الولايات بالمظاهرات والاحتجاجات ضد الدعم الأمريكي للعدوان على غزة.

أيام مرت التقى فيها نتنياهو ببايدن وهاريس وترامب وتم فيها التخطيط لمؤامرات سيقدم على تنفيذها برعاية أمريكية، حيث يتقرب معظم المسؤولين هناك للوبي الصهيوني بخدمة الكيان الذي باتت صورته مكشوفه للعالم وملطخة بدماء الأطفال والنساء.

مساء السبت 27 يوليو ارتكب الكيان الصهيوني المجرم مجزرة بحق الدروز في مجدل شمس بالجولان السوري المحتل، إثر سقوط صاروخ اعتراضي على ملعب كرة قدم، ليسفر ذلك عن مقتل 12 من الفتية وإصابة 30 آخرين، ليقطع نتنياهو زيارته ويعود مهدداً لحزب الله بالرد، وكان حزب الله نفى أي صلة له بما جرى، مبلغاً الأمم المتحدة بأن المجزرة ارتُكبت بصاروخ اعتراضي «إسرائيلي».

الإقدام على الاغتيالات

حيكت المؤامرات في واشنطن، وكانت تلك كانت ذريعة أزبد بها نتنياهو وأرعد وعاد للاجتماع بالمجلس الأمني المصغر تمهيداً للعدوان على ضاحية بيروت والإقدام على اغتيال القائد الجهادي الكبير في حزب الله السيد فؤاد شكر في بناية مدنية مساء الثلاثاء 30 يوليو، في حين أبطل أهالي مجدل شمس ذرائع نتنياهو وأفشلوا خططه لإشعال الفتنة الطائفية.

فجر الأربعاء، 31 من يوليو، أقدم الكيان المجرم على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس بالعاصمة الإيرانية طهران، وهو ضيف على الجمهورية الإسلامية بمناسبة حضوره بدعوة رسمية لمراسيم تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب.

وحتى ما بعد ساعات الاغتيال لم تتعالَ تصريحات المسؤولين الأمريكيين والغربيين المطالبة بضرورة ضبط النفس والمضي في اتفاق تبادل الأسرى وعدم توسيع دائرة الصراع وإشعال الحرائق في المنطقة، بل جرى تصوير تلك الحماقات التي ارتكبها نتنياهو كانتصارات تحسم الصراع والمواجهة لصالحه.

العمل من أجل الرد

لم يكن لجريمة بهذا المستوى من الخطورة أن تمر بدون رد، حيث تمس بسيادة وهيبة وشرف الجمهورية الإسلامية، ولذا سارعت أعلى المستويات القيادية الإيرانية وعلى رأسها المرشد الأعلى السيد علي خامنئي وقيادات الحرس الثوري للتأكيد على حتمية الرد القوي والمناسب على هذه الجريمة التي لا يمكن التغاضي عنها، ولذا فإن على المجرم انتظار العقاب القاسي.

الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته خلال تشييع الشهيد القائد الجهادي فؤاد شكر توعد الصهاينة المجرمين بالرد مخاطباً لهم: «ستبكون كثيراً لأنكم لا تعلمون أي خطوط حمراء تجاوزتم، وعلى العدو ومن يقف خلفه أن ينتظروا ردنا الآتي حتماً إن شاء الله».

وأضاف الأمين العام لحزب الله أنه «لا نقاش في هذا الموضوع ولا جدل، وبيننا وبينكم الليالي والأيام والميدان»، مؤكداً أن القرار في يد الميدان وظروفه وفرصه، وأنه « نبحث عن رد حقيقي ومدروس جداً، وليس عن رد شكلي».

السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في إطلالته الأولى بعد اغتيال الشهيد القائد إسماعيل هنية أكد أن موقف محور القدس والجهاد والمقاومة واضح، حيث لا بد من الرد عسكرياً على الجرائم الخطيرة والتصعيد الإسرائيلي الكبير، وأن العمل يجري من أجل الرد، مشدداً على أن «المتغيرات ستأتي» بما يسوء العدو الإسرائيلي ويسوء الشامتين ويخزيهم جميعاً.

البيان الثلاثي ومذبحة الفجر

فجر الجمعة التاسع من أغسطس، أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية وقطر ومصر بياناً مشتركاً بشأن ما يسمى «وقف إطلاق النار في قطاع غزة»، وجاء في البيان «أن الوقت حان لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين».

على أن تُستأنف المناقشات العاجلة الأربعاء أو الخميس 15 أغسطس في الدوحة أو القاهرة لسد كافة الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق دون أي تأجيلات جديدة، وعلى غير العادة يبادر المجرم نتنياهو بالموافقة على إرسال وفده المفاوض في الموعد المحدد.

يأتي البيان في خضم المناورات الأمريكية للتخفيف من مستوى رد محور المقاومة على تصعيد العدو باغتيال القادة، في حين كانت حركة حماس أبدت مرونة في عدة مراحل للمفاوضات وقبلت بالمقترح الأخير لوقف إطلاق النار، بينما استمر الكيان في العربدة والإجرام إلى أن وصل بالأمور إلى هذا المستوى.

وهنا جاء البيان الثلاثي بعد الفشل في الضغط على إيران بكل الوسائل، وهو في سياق الحرص الواضح على ألا يُعاقب الكيان اللقيط، وهيهات ذلك، بحسب تأكيد قادة محور القدس والجهاد والمقاومة، لتفشل على إثر ذلك كل المحاولات الأمريكية للخداع واللعب على وتر المفاوضات إذ لا اختراق جديد على صعيد إمكانية قبول العدو بشروط المقاومة الفلسطينية.

سياسيون يرون في البيان الثلاثي محاولة أمريكية لتحميل المحور مسؤولية فشل ما يدعون أنها مفاوضات نهائية لوقف إطلاق النار، لكن هذا وأي مزاعم وادعاءات أخرى لا يشكل عائقاً للرد القادم لا محالة بحسب ما تقتضيه ظروف الميدان.

وفجر أمس أقدم العدو الإسرائيلي على ارتكاب مجزرة الفجر المروعة بحق مدرسة التابعين التي تؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة، وذلك بثلاثة صواريخ يزن كل واحد منها ألفي رطل من المتفجرات، بحسب الإعلام الحكومي في غزة، ما أدى لارتقاء أكثر من 100 شهيد وعشرات المفقودين والمصابين، بما يكشف ادعاءات أمريكا وتسويقها للوهم الكاذب بشأن مفاوضات إطلاق النار، حيث ما يزال الأطفال والنساء في غزة يُقتلون بأسلحة أمريكية.

“مسألة تكتيكية بحتة”

صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أشارت إلى وجود مخاوف تسود «إسرائيل» بشأن «قوة التحالف بقيادة الولايات المتحدة وقدرة أنظمة دفاعها الجوي على صد هجوم معقد»، يعتقد المسؤولون أنّه «قد يكون مفاجئاً وأوسع نطاقاً وأطول ومنسقاً من اتجاهات متعددة».

يشغل تأخر الرد على عربدة العدو باغتيال القادة اهتمام معظم وسائل الإعلام العربية والعالمية، ولا تبرح القنوات الصهيونية الحديث عن الرد وطبيعته، ويعترف الكثير من قادة الكيان بأن الانتظار هو جزء من الرد، ويقول وزير الدفاع الأسبق في جيش العدو الإسرائيلي موشيه يعلون: «نفس جلوسنا متوترين هو جزء من رد الطرف الثاني».

يرى خبراء أن قادة محور المقاومة قد انتصروا على الكيان الصهيوني بالضربة القاضية في الحرب النفسية إذ استطاعوا إبقاء أعين نحو تسعة ملايين مستوطن صهيوني مفتوحة تجاه الملاجئ.

أبعد من أن يكون انتظار الرد هو جزء من الرد نفسه، جاء في إطلالة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي الخميس الماضي ما يكشف أن تأخر الرد يعود إلى التحضير للرد نفسه، إذ يؤكد أن تأخر رد المحور بشكلٍ عام، مقابل تصعيد الإسرائيلي باغتيال القادة وقبله العدوان على الحديدة «هو مسألة تكتيكية بحتة، وبهدف أن يكون الرد فعلاً مؤثراً، في مقابل استعدادات الحماية التي يحاول العدو الإسرائيلي توفيرها بإشراف أمريكي، وتعاون غربي، ومن بعض الأنظمة العربية؛ ليخفف على الأقل من أضرار هذا الرد».
_________
صحيفة الثورة