المشهد اليمني الأول/
25 مليار دولار أمريكي هو مجموع الأسلحة الثقيلة التي قدمها الغرب للمملكة السعودية خلال العام 2015. طائرات من دون طيار وطوربيدات وصواريخ موجهة وغير موجهة حلَّت بركاتها على الشعب اليمني فخلفت أكثر من 24 ألفًا بين شهيد وجريح وأبادت عوائل بأكملها.
وعلى مدى عامٍ من العدوان وجهت المنظمات الحقوقية الدولية رسائل حادة اللهجة لهذه الدول بالتخلي عن نفاقها ووقف تمويلها للحرب ضد اليمن.
لم تُعرها الدول اهتمامًا. لكن فداحة وفظاعة الممارسات السعودية بحق مواطني اليمن وتوسع نفوذ “القاعدة” ساهم في بروز أصوات غربية نادت علنًا بضرورة وقف توريد الأسلحة إلى المملكة.
مثال على ذلك مبادرة طرحها السيناتور الأمريكي الديمقراطي كريس ميرفي، والجدل داخل الحكومة الكندية الذي أدى إلى انقسام الوزراء بين مؤيد لتصدير الأسلحة ومعارض لها.
سيناتور أميركي يرفع الصوت لوقف توريد أسلحة لقتل مدني اليمن.. وأوباما “العلاقة مع الرياض معقَّدة”
وفي خطوة نادرة، أطلق السيناتور من الحزب الديمقراطي الأميركي كريس ميرفي مبادرة جديدة لمنع تصدير الأسلحة إلى المملكة السعودية بعد الدمار الهائل الذي خلفته الرياض في حربها على اليمن.
وبحسب صحيفة الـ “واشنطن بوست” فإن مجلس الشيوخ لم يتخذ أي قرار تصويت لمنع مبيعات الأسلحة للرياض على مدى ثلاثة عقود.
ولكن جهود مورفي تأتي وسط تذمر بعض المشرعين الأمريكيين، على الرغم من كون الرياض حليفًا رئيسيا لواشنطن في المنطقة وواحدة من أكبر دول استهلاك الأسلحة الأمريكية عالميًا، إلا أنها لا تتصرف بالضرورة في مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة.
تشير الصحيفة في مقالتها إلى أن صدى فظاعة ممارسات الرياض وصل إلى البيت الأبيض، حتى أعرب أوباما عن الإحباط حول سلوك وتصرفات المملكة السعودية في الشرق الأوسط، ووصل به الأمر إلى وصف العلاقة بين واشنطن والرياض، مؤخراً في لقائه مع صحيفة “ذي أتلانيك” بالـ”معقدة”.
وفي حديث السيناتور كريس ميرفي لصحيفة “واشنطن بوست”، اعترف شخصياً أنه مدرك لعدم قدرته حشد تأييد عدد كبير من أقرانه في مجلس الشيوخ أو داخل إدارة الرئيس أوباما، مشيرًا إلى أنه لربما ينتقد النواب والمسؤولون الحكوميون السعودية علنًا، رغم اعتمادهم على قوتها وثرائها كحليف حيوي في الشرق الاوسط”.
ومن أهم الشكاوى التي طرحها السيناتور مورفي هو سلوك السعودية في اليمن، كما أن شكاوى عدة قدمتها منظمات مدنية معنية بحقوق الانسان تكشف عن مدى استهداف القصف السعودي للمدنيين الأبرياء بـ”أسلحة امريكية”.
وأضاف ” نحن نُلام اليوم لما تشهده اليمن من مذابح بحق المدنيين أكثر من السعوديين، وقد بات الصراع في اليمن يغذي المنظمات “الجهادية” المتطرفة حيث اكتسب تنظيم القاعدة موطىء قدم أقوى مما كان عليه”.
السيناتور مورفي كشف أيضًا أن مشروعه يسعى إلى إخضاع صفقات الأسلحة والذخائر من طراز “أرض – جو” إلى مراقبة متشددة تحيل عملية المصادقة إلى البيت الأبيض على أن السعوديين يستهدفون الارهابيين حقًا وليس المدنيين في اليمن.
مضيفاً أنه يود التأكد من أن السعوديين يلعبون دورًا أكبر في تقديم المساعدات الإنسانية والحماية في النزاعات في أنحاء الشرق الأوسط، والمساهمة بشكل فعال في أولويات الأمن القومي الأمريكي في المنطقة – وخاصة مكافحة “داعش” وليس قتل المدنيين.
جدل في الحكومة الكندية: الليبراليون يؤيدون صفقات السلاح والمحافظون ” لا لقتل المدنيين في اليمن”
,وفي كندا، دافع الليبراليون في الحكومة عن صفقات بيع الأسلحة الثقيلة للسعودية، فواجههم المحافظون بتحذير من صفقةٍ جديدة لبيع الأسلحة والتي يُعتقد أنها الأكبر في تاريخ كندا، ومن بين الأحزاب المحافظة حزب الديمقراطيين الذي اتهم الليبراليين بتضليل الرأي العام الكندي في هذا الشأن.
في المقابل، رفض الليبراليون إلغاء العقد الذي وقعته الحكومة المحافظة السابقة في شباط/ فبراير من العام 2014 مع المملكة السعودية لبيعها مدرعات خفيفة بقيمة 13 مليار دولار أميركي، وذلك على اعتبار أنه “عقدٌ مبرم مع شريك استراتيجي” ولا يمكن إلغاؤه بدون عقوبات وخسارة وظائف”.
وفي ردٍّ على دعوى قضائية تطالب بوقف العمل باتفاق تصدير الأسلحة للمملكة، نشرت وزارة العدل الكندية وثائق كشفت أنَّ وزير الخارجية ستيفان ديون وقَّعَ الجمعة الماضي تراخيص تصدير المُعَدات من قبل الفرع الكندي للمجموعة الأميركية جنرال دايناميكس.
ونشرت وسائل الاعلام الكندية فقرات من الوثائق تفيد أن ديون قال إن بيع الآليات المزودة بمدفعيات رشاشة وأسلحة مضادة للدَّبّابَات سيساعد الرياض في جهودها “لتطويق الاضطرابات في اليمن” ومكافحة تنظيم “داعش”، وفي الإطار رأى الوزير الكندي أن السعودية استخدمت بطريقة “مسؤولة” منظومات أسلحة مماثلة بيعت لها منذ العام 1993.
وقال للصحافيين “أفضل وأحدث المعلومات تفيد أن السعودية لم تستخدم هذه الأسلحة بشكل ينتهك حقوق الإنسان، وهذه المعدات لم تستخدم أيضًا بطريقة تخالف المصالح الإستراتيجية لكندا وحلفائها”.
من جهته، رأى النائب عن حزب المحافظين توني كليمنت أن مراقبة صادرات كندا من الأسلحة لا تحتاج إلى أدلة على مخالفات، بل عن احتمال سوء استخدام. وقال “إذا كان هناك دليل على إمكانية استخدامها ضد السكان المدنيين فالعقد يجب أن يلغى”.
كذلك أعلن زعيم الحزب الديموقراطي الجديد (يسار) توماس مالكير إن “الحكومة كذبت على الكنديين حول من وقع عقد الأسلحة مع السعودية وهذا أمر خطيرٌ جدًا”.
الجدير بالذكر أن المنظمات الحقوقية الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان طالما ندَّدت بتصدير الغرب الأسلحة الثقيلة للسعودية في تمويل حربها ضد الشعب اليمني، آخر التقارير كان لمنظمة العفو الدولية “آمنستي” في شباط/فبراير 2016 كشف عن مبيعات أسلحة بمليارات الدولارات من دول غربية للسعودية التي تستخدمها في الهجوم على المدنيين في اليمن، مطالبة إياها التخلي عن نفاقها وقف بيع تلك الأسلحة.
وذكرت المنظمة في تقريرها ، أنه “قبيل انطلاق أحدث جولة من المحادثات بشأن تطبيق معاهدة تجارة الأسلحة في جنيف، أهاب ناشطون بحكومات الدول المشاركة ضرورة التخلي عن نفاقها والتوقف عن بيع أسلحة تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات للسعودية التي تستخدمها في الهجوم على المدنيين في اليمن.”
وفي تقرير جديد أورد “الائتلاف من أجل مكافحة الأسلحة” أن كلاً من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والجبل الأسود وهولندا وإسبانيا والسويد وسويسرا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات الأمريكية المتحدة قد أعلنت عن إصدار رخص تصدير ومبيعات أسلحة إلى السعودية بقيمة إجمالية تتجاوز 25 مليار دولار أمريكي خلال عام 2015 تضمنت طائرات بلا طيار وقنابل وطوربيدات وصواريخ موجهة وغير موجهة.