واقعُ الأُمَّــة بين الماضي البعيد والحاضر المرير

183

إن ما تشهده أمتنا العربية والإسلامية من ابتلاء وتعيشه من انقسام يشابه إلى حَــدٍّ كبير ما شهدته بعد وفاة الرسول الأعظم “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ” ذلك الانقسام الذي كان نتاج الفتنة المرافقة لهوى النفس والطمع في الدنيا، وهنا تجدر الإشارة إلى أن ذلك الانقسام لم يكن نتيجة خلاف في طبيعة إدارة شؤون المسلمين.

وإنما كان له علاقة بجانب الدين من حَيثُ كونه المصدر الذي يجب أن تسير الأُمَّــة الإسلامية وفقًا لنهجه وتبعاً لأوامره؛ فعندما يقول الله سبحانه وتعالى في محكم آياته: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، فالله سبحانه وتعالى يحذر المسلمين من أن عدم طاعته وطاعة رسوله سيكون عاقبته أن تبطل أعمالهم بالنفاق ومشاقة الرسول؛ فكل ما نحن فيه من ذل وهوان كأمة إسلامية إنما يعود إلى عدم الطاعة لله ورسوله، فلن يفلح المسلمون إلا بطاعة الله ورسوله “صلى الله عليه وآله وسلم”.

ومن يتأمل تاريخ الصراع والاختلاف في أوساط الأُمَّــة، يجد أن السبب الرئيسي هو الابتعاد عن أوامر الدين وموجبات الإسلام التي أكّـد عليها رسولنا الأعظم؛ فعندما تجاهل المسلمون كُـلّ ذلك، كانت تلك هي البداية التي وظفها اليهود للتوغل والتأثير في حكام المسلمين وتحريف السنة النبوية الصحيحة من خلال إدخَال الكثير من الإسرائيليات التي أصبحت من صلب العقيدة لدى بعض التيارات الإسلامية؛ مما تسبب في وجود فجوة كبيرة وتباين شاسع في الفكر والمنهج في صفوف المسلمين.

امتدت واتسعت تلك الفجوة بما رافقها من اختلاف في ثوابت الدين حتى وصلت بآثارها السلبية إلى واقعنا الإسلامي اليوم، مدعومة بأفكار وحركات تدعي الإسلام والتي تعد امتداداً لتوغل اليهود ومخرجًا لمؤامراتهم الجديدة القديمة؛ فتحول المسلمون إلى جماعات متناحرة نتيجة تباين في الفهم الحقيقي للرسالة السماوية والتنفيذ المنحرف للسنة النبوية وتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

إذًا، فالمشكلةُ التي تواجه المسلمين هي الانحراف عن تعاليم ديننا الحنيف الذي وصل بآثاره للحد الذي أصبح فيه بعض المسلمين موالياً لليهود معادياً للمسلمين، وما يشفع لهم في هذا الانحراف عن الحق هو الأحاديث التي دَسَّتها الحركات اليهودية، فأوجدت ثقافة مغلوطة وفكرًا مشوهًا يعتقده الكثير من المسلمين بأنه من صميم العقيدة.

إن ما يمثل تهديدًا خطيرًا للمسلمين هو الحال الذي وصلت إليه الأُمَّــة من الاستسلام المطلق لبعض الأنظمة العربية لأعداء الإسلام، إلى درجة أن الحكام لا يستطيعون تقديم مصالح شعوبهم على مصالح الأميركي أَو الصهيوني، بدون أي شعور بالمسؤولية الوطنية، ناهيك عن المسؤولية والواجب الديني الذي من المفترض أن يكون من أولوياتهم كمسلمين، أصبح من الممكن التحالف مع الكيان الصهيوني لضرب المسلمين، ومن غير الممكن التحالف مع المسلمين للدفاع عن الأُمَّــة ومقدَّساتها.

ـــــــــــــــــــــــــــــ
د. شعفل علي عمير

مصدرصحيفة المسيرة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا