الحرب لها فتورتها التي يجب دفعها من كل المستويات.. لمواطنون، الجنود، الضباط القادة، والساسة كل منهم له نصيب يقدمه، سنة لا تتبدل، ما ينظر اليه فقط هو مدى الاستعداد للاستمرارية والديمومة !
ولهذا فان ما يتم تقييمه من قبل العدو هو حجم الاصرار والعزم على المواصلة.. استشهاد القادة على درب المسيرة الجهادية هي نكبة لا شك في ذلك ، ولكنه عامل مهم يزيد من صلابتها ويعلي من رصيد انتصارها.. وهكذا جرت السنن.
وعلى الرغم من ان العدو اصبح متيقن للغاية من ذلك فلماذا اعاد اختيار هذا الخيار ؟! لا شك انه يهدف من خلال ذلك اعادة صورته التي سقطت في الميدان وتدمر معها هالة ردعه ، التي تسبق سقوطه النهائي الحتمي فانتقل الى هذا الخيار.
يحاول العدو جاهد رسم خطوط الفعل و تثبيت قواعد اشتباك جديدة في كل مرحلة ومن يقع ضمن حدود شبكته يبدأ بالتعامل معه وفق معادلة ردة الفعل وقاعدة الاشتباك الامر اشبه برسم حدود رقعة الشطرنج او ملاعب كرة القدم كل خطوة محسوبة او على الاكثر متوقعة الحدوث وعلى هذا الاساس قامر العدو بافعاله.
في اليمن بعد الضربة التي تم تسديدها له في يافا خرج بشكل مرعوب ويأس لضرب ميناء الحديدة بشكل استعراضي بهدف رئيسي وهو محاولة وضع خطوط ردع معينة وتحديد سقف لقضية المساندة لغزة بحيث تبقى قضية المساندة في حدود ضرب السفن والموانى المحتلة خارج النقطة القاتلة ويفهم اليمنيين انه لن يسكت اذا ما شعر ان الضرب وصل الى القلب وهو مخطئ بذلك فالمانع كان بسبب القدرات لا الحسابات والقواعد.
وعلى اساس ذلك انطلق العدو ليحشد الرأي والامكانات الغربية و الامريكية وعمد الى ارتكب مجزرة في منطقة “مجدل شمس” لحشد الجبهة الداخلية له وايضا ايجاد ذريعة لقياس مدى خلخلة الوضع الداخلي في حاضنة حزب الله ومعدل الاستجابة ليتمكن من النفاذ و توجيه ضربة ردع .. لذلك اختار توجيه الضربه ضمن ذلك السيناريو سوى من حيث سوقه للمبررات التي سبقت الضربة او من خلال اختيار نوع الهدف..
في نفس الوقت تولت امريكا ضرب مقرات رسمية للمقاومة في العراق وذلك في نفس السياق الذي تم تحديده مسبقا.
لتكون الضربة التالية والاشد خبث ونكاية هي للجمهورية الاسلامية في ايران وسددت في عمق اراضيها لاهداف عديدة لا شك في ذلك مستند في ذلك الى مؤشرات ومعطيات سابقة لقياس الردود مسبقا والطمع في محاولة التحكم بمجرياتها.
ومن ملخص ما جرى نخرج بالاتي:
الدرس المهم الأول هنا: هو ان الاختراق وارد في اي نقطة والساحة التي تظنها أكثر أمنً هي الاكثر عرضة للاختراق المعادي في حال اطمئننت لها وتناقص منسوب حذرك فيها
وبالطبع فان الأمر يزداد طرديا بالنظر الى طبيعة النظام القائم فالنظام التنظيمي البحت اسهل للاختراق من ذلك التنظيم المبني على اسس دينية قيمية واخلاقية، ولذلك تبقى المعادلة الثابتة هو في السعي المستمر للتحصين في كل الاتجاهات يفشل الاختراق ويفشل معه مشاريعه.
الدرس الثاني الذي لا يفصل عن الدرس الأول: هو سحب زمام المبادرة من العدو والضرب بدون قواعد وخارج اطار الحسابات وفي كل الاتجاهات
ضمن قاعدة اذا امتلكت ما تضرب به عدوك فسارع الى ذلك مباشرة ودع الباقي على الله القائل: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور).
ــــــــــــــــــــــ
الباهوت الخضر