بهدف إطالة أمد الحرب في غزة وتوسيع الصراع في المنطقة، وخدمةً للمصالح الصهيونية في العديد من الملفات.. نفذ العدو الصهيوني يوم السبت الماضي هجومه الغاشم على منطقة “مجدل شمس” بهضبة الجولان السوري المحتل ما أودى بحياة 12 شخصاً على الأقل.. مُحملاً وزر جريمته الشنعاء ومجزرته الفظيعة حزب الله اللبناني.
وفي هذا السياق حملت وزارة الخارجية السورية في بيان لها الليلة الماضية، العدو الصهيوني مسؤولية ذلك الهجوم.. قائلة: “في إطار محاولاته لتصعيد الأوضاع في منطقتنا، وتوسيع دائرة عدوانه عليها، اقترف كيان العدو الصهيوني يوم السبت جريمة بشعة في مدينة مجدل شمس بالجولان السوري المحتل منذ عام 1967، ثم قام بتحميل وزر جريمته للمقاومة الوطنية اللبنانية”، في إشارة إلى حزب الله.
وأضافت: “إن الجمهورية العربية السورية إذ تدين استمرار قيام كيان العدو الصهيوني بارتكاب المجازر يوميا الواحدة تلو الأخرى، فإنها تستنكر محاولاته المفضوحة لاختلاق الذرائع لتوسيع دائرة عدوانه، كما تحمله المسؤولية الكاملة عن هذا التصعيد الخطير للوضع في المنطقة”.
وتابعت: “تؤكد الجمهورية العربية السورية أن شعبنا في الجولان السوري المحتل، الذي رفض على مدى عقود من الاحتلال الصهيوني أن يتنازل عن هويته العربية السورية، لن تنطلي عليه أكاذيب كيان الاحتلال واتهاماته الباطلة للمقاومة الوطنية اللبنانية بأنها هي التي قصفت مجدل شمس، لا سيما أن أهلنا في الجولان السوري كانوا وما زالوا وسيبقون جزءا أصيلا من مقاومة المحتل ومقاومة سياساته العدوانية التي تستبيح الأرض والهوية”.
كما أكد كُتاب ومُحللون سياسيون، أنّ مجزرة “مجدل شمس” في الجولان السوري المحتل، ليس لحزب الله فيها أي مصلحة، وأنّ أصابع الاتهام تشير بشكلٍ واضحٍ إلى تورط العدو الصهيوني في هذه الجريمة، بهدف إطالة أمد الحرب وخدمة المصالح الصهيونية في العديد من الملفات.
وأشاروا في الوقت ذاته إلى عدم قدرة العدو الذهاب بعيدًا في حربٍ مفتوحةٍ على لبنان قد تتطور إلى حربٍ إقليميةٍ واسعةٍ لا يمتلك ذلك العدو القدرة على خوضها في ظل الاستنزاف الواضح في جنوده وآلياته، فضلاً عن فشله الواضح في جبهة غزة، وفي جبهة الضفة الغربية وجبهة اليمن ولبنان والعراق، الأمر الذي يظهر العدو الصهيوني مكبل اليدين، وعاجزًا عن القيام بردٍ كبيرٍ.
وحذر الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون في منشور له على منصته إكس، من أنّ العدو الصهيوني ارتكب مجزرة مجدل شمس عن عمد وتقصد، وليس عن طريق الخطأ في الصواريخ الاعتراضية.. مؤكداً أنّ هذه المجزرة تخدم مصالح العدو الصهيوني وخصوصا نتنياهو وحكومته المتطرفة، الذي يسعى لإطالة أمد الحرب وتوسيعها على الجبهة الشمالية.
ولفت المدهون إلى أنّ العدو يهدف إلى الضغط على أهالي مجدل شمس لتجنيدهم في الجيش الصهيوني، في ظل رفض متزايد للتجنيد وأزمة في عدد الجنود.. مشدداً على ضرورة الاستعداد لأي سيناريو لأن العدو سيدخل في دوامة كبيرة.
كما شدد المدهون، على الفلسطينيين واللبنانيين بحشد الجهود العربية والدولية لتحميل العدو الصهيوني المسؤولية ومحاكمته على هذه المجازر، بما في ذلك المجازر التي يرتكبها في قطاع غزة، والتي تستهدف العائلات والأطفال والنساء والمدنيين، وتضرب خيام اللاجئين دون أي حساب.
بدوره أكد الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد في مقال له، أنّ ما يقلق العدو الصهيوني رد فعل حزب الله والمقاومة اللبنانية على أي هجوم صهيوني على لبنان، تحت عنوان الانتقام لحادثة مجدل شمس المزعومة، وهو قلق أكد احتفاظ حزب الله بزمام المبادرة على الرغم من الإعلانات المتكررة للعدو بأنه سيرد بقوة، فالقلق والهواجس الصهيونية أضعفت وقيدت الرد الصهيوني وقللت من قيمته واهميته العسكرية والسياسية.
وقال عياد: إنّ العدو بدا مكبل اليدين أمام حزب الله ومُحرجاً أمام سكان مجدل شمس التي تعرضت لضربة صاروخية ناجمة عن فشل واضح في القبة الحديدية التي ادعى العدو أنها لم تستجب للهجوم، في حين وردت شهادات مؤكدة وصور فيديو بأنه المسؤول عن الإصابة في البلدة السورية المحتلة منذ حرب يونيو عام 1967.
ونوه بأنّ مخاوف جيش العدو من رد فعل حزب الله تستند الى ضعف كامن في جيشه المستنزف في قطاع غزة، إذ أنه عاجز عن التحرك إلا من داخل المدرعات والمواقع شديدة التحصين، فضلا عن الطائرات التي يعاني طياروها من ساعات الطيران الطويلة كما تعاني الطائرات من حاجتها للصيانة بعد مواجهة دامت أكثر من تسع أشهر من القتال.
وختم عياد مقاله بالقول: إنّ شمس المجدل كشفت عن تحول سؤال اليوم التالي للحرب بالتدريج الى سؤال اليوم التالي لإفشال صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار، إلى أين ستقود العدو؟ إلى مزيد من العجز للاحتلال والاستنزاف في قطاع غزة والتصعيد في الضفة الغربية وجبهات لبنان واليمن؟ أم إلى الحرب الإقليمية في لبنان والعراق وسوريا واليمن؟ أم الى سقوط حكومة نتنياهو، أم إلى مزيد من انعدام الثقة والتشرذم والانقسام والضعف في المجتمع الاستيطاني في الأراضي المحتلة ليتحول الى الجبهة الثامنة التي يستحيل معالجتها بقصف المدنيين.
فيما رأى أستاذ الأخلاقيات السياسية الدكتور محمد المختار الشنقيطي، في منشور له على منص إكس، أنّ جيش العدو الصهيوني يهدف من هذه العملية لتحقيق جملة من الأهداف.. منها: التظاهر أمام العالم بأن الصهاينة ليسوا وحدهم قتلة الأطفال.. مؤكداً أنّ العدو يسعى من هذه العملية إلى السعي لسحب الدروز أكثر إلى الحضن الصهيوني.. أما الهدف الآخر فهو: التمهيد لعدوان عسكري أو عملية نوعية كبرى في لبنان.
ويُذكر أنّ أهالي “مجدل شمس” طردوا وزراء في حكومة الكيان الغاصب وأعضاء كنيست من البلدة حضروا خلال تشييع ضحايا سقوط القذيفة الصاروخية على القرية مساء الأحد.
وأفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن عدد من أهالي مجدل شمس هاجموا ما يسمى بوزير المالية الصهيوني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، وصرخوا بوجهه “ارحل من هنا يا مجرم، لا نريدك في الجولان”.
وعقب الحادث، زعم المتحدث باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي أن “المؤشرات الميدانية تشير إلى قيام حزب الله بإطلاق صاروخ من نوع “فلق 1″ نحو منطقة مجدل شمس”.. قائلاً: “لا يوجد أي تنظيم إرهابي آخر في لبنان يمتلك هذا النوع من الصواريخ.. حزب الله هو المسؤول عن المجزرة في مجدل شمس ومقتل الأطفال والشبان في ملعب كرة القدم”.. حسب قوله.
في المقابل، نفى حزب الله اللبناني مسؤوليته عن الضربة، وقال في بيان له: إنه “ينفي نفيا قاطعا الادعاءات التي أوردتها بعض وسائل إعلام العدو ومنصات إعلامية مختلفة عن استهداف مجدل شمس”.. مؤكدا أن لا علاقة له بالحادث على الإطلاق”.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، يكثف العدو الصهيوني من عمليات تبادل إطلاق النار على طول الحدود اللبنانية الصهيونية مع شن طيرانه غارات جوية، يقابلها هجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة ينفذها حزب الله على مناطق أعمق وأبعد عن الحدود.
ويُشار إلى أن حادثة “مجدل شمس” في الجولان السوري المحتل استحوذت اهتماماً واسعاً في الأوساط الإعلامية العالمية، أمام حجم التصريحات الصهيونية، والمعلومات المغلوطة، ورفع السقف تهديداً بالحرب على لبنان.
وجاء بيان حزب الله، ليوضح المشهد، وينفي استهداف “مجدل شمس” ويكشف عن نوايا العدو، وتستره على حماقته، واستغلاله الموقف للتهرب من الكارثة التي أدّت لعدد من القتلى والجرحى المدنيين من سكان هذه المنطقة.
وأعلنت الحكومة اللبنانية، في بيان لها، عن إدانتها “كل أعمال العنف والاعتداءات ضد جميع المدنيين”.. ودعوتها إلى “الوقف الفوري للأعمال العدائية على كل الجبهات”. وشدد بيان الحكومة على أن “استهداف المدنيين يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويتعارض مع مبادئ الإنسانية”.
وبناءً على المعطيات المطروحة يبدو أن العدو الصهيوني كما هو دأبه يحاول التستّر على أخطائه واستغلالها من أجل تبرير أي خطوة مقبلة تصعيدية تجاه لبنان و”حزب الله”، واستغلال الحادثة ونشر الصور لتحصيل التعاطف الدولي، ما يؤكد سعي العدو وإصراره على تحميل حزب الله المسؤولية.
وهذا ما اعتبره مراقبون استعداداً من جانب الكيان لعمليات تصعيدية ضد لبنان، يحاول التمهيد لها والحصول على الشرعية الدولية بعد أن أخذها من الإدارة الأمريكية، وذلك من خلال استغلاله لضحايا “مجدل شمس”.
في السياق ذاته.. أكّد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” في البرلمان اللبناني، محمد رعد، أنّ نهاية الكيان الصهيوني “ستكون في ذهابه إلى خيار شن حرب واسعة ضد لبنان”.. مضيفاً: إنّ “أهداف العدو سقطت في غزّة نتيجة صمود شعب غزّة، وبطولة مقاوميها، والدعم والإسناد الذين توفّرا من جهات محور المقاومة”.
الجدير ذكره أن بلدة “مجدل شمس” تقع في منطقة الجولان السوري، التي يحتلها العدو الصهيوني منذ عام 1967، وتشكل الطائفة الدرزية معظم سكان بلدة “مجدل شمس”، وعرض العدو عليهم الحصول على الجنسية الصهيونية، إلا أن غالبيتهم رفضوا الحصول عليها.