إن حديث السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، اليوم، عن مواصفات طائرة يافا وما أحدثته من تأثيرات عسكرية وأمنية واقتصادية على العدو، قد أثبتتها الوقائع والأحداث وأقر بها العدو الإسرائيلي والإعلام الغربي بشكل صريح.
وفي حديثه كشف السيد أن طائرة يافا قطعت مسافة أكثر من 2200 كم واخترقت كل الأسوار والأطواق التي يحتمي بها العدو من قبل حماته ومن يتجندون لدعمه، بعد أن أصابت الوكر الذي فيه أهم المنشآت والمراكز ويمثل نقطة حساسة لألم العدو وتكبره وغطرسته، الأمر الذي أصاب المحتلين بالهلع، خاصة وأن الطائرة انطلقت من اليمن لاستهداف هدف محدد ومقصود، وأصابته بدقة ما جعل قادة العدو ومنهم وزير ” الأمن القومي” الصهيوني الذي أقر فقدانهم الأمن في “إسرائيل” بعد تجاوز الخطوط الحمراء.
بعد أن رأى العدو بعضاً من بأس اليمن وشاهد العالم القدرة اليمنية للوصول إلى أي هدف في فلسطين المحتلة، فقد ثبت السيد القائد معادلة جديدة حين أكد أن فلسطين المحتلة لم يعد فيها مكان آمن لليهود الصهاينة.
يدرك اليهود الصهاينة ذلك جيداً وبات الاعتراف بذلك حديث الإعلام الغربي، فخلال اليومين الماضيين صدرت العديد من التصريحات المؤكدة على فشل الانظمة الاعتراضية في صد أسلحة اليمن، وكذلك اعترف العدو بفشل الضربات الجوية التي استهدفت الحديدة، ناهيك عن الاقرار بفشل التحالف الأمريكي الأوروبي في ردع اليمن أو التقليل من عملياته البحرية .
ومن ذلك ما صرح به وزير خارجية العدو الصهيوني لوكالة لبلومبرغ الأمريكية والتي ذكر فيها أن ” الحوثيين” يخططون لهجمات جديدة ولم يرتدعوا رغم الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة السبت الماضي، مضيفا أن “الحوثيين” سيستمرون في الهجمات، وهم يعملون مع حزب الله وكذلك “الجماعات المسلحة” في العراق.
وفي إشارة على عزم العدو على التراجع من المعركة مع اليمن قبل أن تبدأ فقد قال وزير خارجية العدو الإسرائيلي لـ”بلومبرغ”: نفضل أن يتولى التحالف بقيادة الولايات المتحدة الحرب ضد “الحوثيين”، وأضاف: “قدرات “إسرائيل” محدودة بسبب المسافة التي تفصلها عن اليمن، بينما “الحوثيون” تحدوا الهجمات في حربهم مع السعودية وصمدوا بوجه الضربات الأمريكية البريطانية”.
رعب الطيران المسير
وكالة “بلومبرغ” الأمريكية ذكرت أن أفضل الدفاعات الجوية في العالم التي تفخر “إسرائيل” بامتلاكها، والتي تتضمّن أنظمةً “تبلغ قيمتها مليار دولار”، يتم اختبارها، في هذه المعركة، من خلال هجمات حركات المقاومة، و”القتال المتبادل” الذي تخوضه القوات المسلحة اليمنية و حزب الله مع “إسرائيل” منذ اندلاع الحرب في تشرين الأول/أكتوبر”.
وأوضحت وكالة “بلومبرغ” الأمريكية أن الهجوم من اليمن بطائرة بدون طيار على “تل أبيب”، دون إطلاق أي إنذارات تحذيرية، كشف ضعف “إسرائيل” في مواجهة الطائرات بدون طيار، مضيفة أن استخدام الطائرات المسيرة المتفجّرة، أثبتت فعّاليتها في التهرّب من دفاعات “إسرائيل”، عالية التقنية، من الصواريخ والقذائف، ما جعل تصعيد هجمات المقاومة يطغى على أنظمة العدو.
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن هجوم القوات المسلحة اليمنية على “تل أبيب”، بطائرة من دون طيار، “والذي لم يطلق على إثره أي إنذارات تحذيرية، قد سلّط الضوء على ضعف “إسرائيل” في مواجهة الطائرات المقبلة.
تضرر 250 شقة في “تل أبيب”
الخسائر المادية التي أحدثتها الضربة في “تل أبيب” لا تزال تظهر تباعاً ويعلن عنها العدو على التقسيط حتى يتفادى الحرج، فبعد أن أقر العدو بمقتل مستوطن صهيوني وجرح آخرين، أفادت صحيفة ” يدعوت أحرنوت” العبرية بتضرر 250 شقة سكنية جراء الضربة اليمنية، موضحة أن مكتب ضريبة الأملاك في “تل أبيب” تلقى أكر من 250 طلبا بعد تضرر أكثر من 250 شقة.
من جانبه ذكر الرئيس التنفيذي لشركة Vespucci Maritime أن الهجوم اليمني على “تل أبيب” يؤكد تهديدهم السابق باستهداف الشحن في شرق البحر الأبيض المتوسط.
أما معهد “USIP” الأمريكي للدراسات فأكد أن الهجوم بطائرة مسيّرة من اليمن كان ذا ثقل رمزي، كونه تجاوز الدفاعات الجوية “الإسرائيلية” التي تحمي المركز الاقتصادي والثقافي من جميع الضربات المتفرقة تقريبًا، مضيفا أن الضربة أثبتت أن “الحوثيين” قادرون على الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، كما أعلنوا عن عمليات ضد السفن هناك، لافتا إلى أن الضربة على “تل أبيب” تعكس براعة “الحوثيون” وكيف أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية المتقدمة ومتعددة الطبقات قابلة للاختراق.
فشل ” نتنياهو” أمام اليمن
ويوم أمس أكدت صحيفة “هآرتس” العبرية أن “الحوثيين” وحزب الله أظهروا أن بإمكانهم ضرب أي مدينة في “إسرائيل” وأنهم لن يترددوا في القيام بذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، مضيفة أن “فشل نتنياهو في ردع “الحوثيين” هو نتيجة مباشرة لسياسته الجبانة، فقد كان أكثر اهتماما بتعزيز صورته كقائد “قوي وحازم”.
وأوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية أن “نتنياهو” أمام خيار صعب، إما أن يستسلم لمطالب “الحوثيين”، مما قد ينقذ الأرواح على المدى القصير ولكن سيعرض “إسرائيل” لخطر أكبر على المدى الطويل، مضيفة أن “الخيار الثاني أن يتخذ نتنياهو إجراء حاسما ويشن هجوما “وقائيا” ضد “الحوثيين”، مع المخاطرة بتصعيد الوضع إلى حرب شاملة”.
وكشفت الصحيفة أن من أسمتهم “الحوثيين” أطلقوا في الأسبوع الثاني من الحرب على غزة 4 صواريخ كروز وعددا من الطائرات بدون طيار بشكل مفاجئ على “إيلات”، مضيفة أن هذه كانت المرة الثانية التي يهاجم فيها الحوثيون “إسرائيل”،، بعد أن أطلقوا صاروخين على “تل أبيب” في أبريل 2019، ورد نتنياهو بضرب أهداف إيرانية في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن ” نتنياهو” قرر هذه المرة اتباع سياسة احتواء أكثر حذرا، فقد كان يخشى أن تؤدي الضربات الانتقامية إلى تصعيد الوضع، واندلاع حرب شاملة مع إيران وحزب الله
وأكدت صحيفة “هآرتس” العبرية أن الهجوم على “إيلات” أظهر أن “الحوثيين” كحزب الله، لا يخافون من الردع الإسرائيلي.
عجز صهيوني في تقدير الموقف
ومع تصاعد العمليات العسكرية اليمنية يتضح جليا مدى التخبط الإسرائيلي في تقييم التبعات المترتبة على العدوان على الحديدة، فمن جهة ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن نتنياهو سيطلب من بايدن وقف العمل بشكل دفاعي فقط مع “الحوثيين” واتخاذ خطوات لردعهم.
ومن جهة أخرى نقل موقع “المونيتور” الأميركي عن مسؤولين أمنيين “إسرائيليون” أنهم يقدّرون أن الهجوم على الحديدة، لن يردع “الحوثيون” عن مضايقة “إسرائيل”.
وذكر مصدر أمني “إسرائيلي” كبير لـ “المونيتور” شريطة عدم الكشف عن هويته أن “الحوثيين” في حالة حرب مع كل ما يحيط بهم منذ سنوات عديدة، ويعرفون كيفية استيعاب الضربات، مضيفا أن “الحوثيين” عدو غريب، ولا تنطبق عليهم قواعد الردع المعتادة.
تبعات اقتصادية لعمليات اليمن
وأدت العمليات العسكرية اليمنية ضد السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي إلى أضرار اقتصادية متصاعدة بشكل ملحوظ، فيوم أمس، وبعد أيام من إعلان إفلاس ميناء” إيلات” والبدء بتسريح العاملين فيه، أقرت حكومة العدو الإسرائيلي، حزمة مساعدات لميناء أم الرشراش “إيلات” ، كما تدرس حكومة العدو منح قرض بقيمة 30 مليون “شيكل” إلى جانب تحويل أرصدة “اتحاد العمال” البالغة 6 ملايين “شيكل” إلى شركة ميناء “إيلات”.
وأكد مدير عام “وزارة المواصلات” في حكومة العدو موشيه بن زاكين أنه سيتم تشغيل 30 عاملا في ميناء “أشدود” حتى تعود عمليات ميناء “إيلات”، موضحا أن “إسرائيل” تعتبر ميناء “إيلات” ميناء استراتيجيا، ومن واجبها إيجاد حل له بعد تعطيله.
وكشف إعلام العدو أن مدير عام “وزارة المواصلات” في حكومة بن زاكبين عقد اجتماعا طارئا في ميناء “إيلات” لبحث سبل مساعدة الميناء للحفاظ على طاقته الكاملة ومنع تسريح العمال، موضحة أن ميناء “إيلات” يواجه نفقات مالية باهظة ناجمة عن الصيانة المستمرة وأجور الموظفين.
على ذات الصعيد، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية، أمس، أن معدل العقد قصير الأجل لشحن حاوية من آسيا إلى الساحل الغربي لأمريكا بلغ أكثر من 7000 دولار أي أكثر من أربعة أضعاف السعر في الوقت نفسه من العام الماضي
وأوضحت الصحيفة أن المستوردين الأمريكيين في سباق مع الزيادات المستمرة لأسعار الشحن الأمر الذي قد يزيد التكاليف، مؤكدة أن تجار التجزئة في الولايات المتحدة يقومون بتقديم موعد الطلبات الخارجية لاستباق اضطرابات وارتفاع أسعار الشحن، مضيفة أن شركات النقل البحري أرسلت سفناً إضافية إلى طرق آسيا وأوروبا للحفاظ على جداول منتظمة.
وذكر مدير استشارات النقل في وكالة “ستناندردز أند بورز” للصحيفة أن اضطرابات الشحن تسببت في ارتفاع أسعار الحاويات إلى مستويات لم نشهدها منذ جائحة كورونا.
شركة أمريكية تخسر مليار دولار
وكشف تقريرٌ دولي حديث، عن تكبُّدِ شركة “بوينغ” الأمريكية لصناعة الطائرات خسارةً شهريةً تتجاوزُ مليارَ دولار؛ بسَببِ نقص القطع والأجزاء الذي أَدَّى إلى عدم اكتمال إنتاج الطائرات الجيدة، على خلفية اضطراب سلاسل التوريد؛ بسَببِ عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر؛ دعماً وإسناداً للشعب الفلسطيني ومقاومته.
وأكّـد تقرير صادر عن صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن “نحو 200 طائرة تصطفُّ خارج مصانع الشركة وحتى في أماكن وقوف سيارات الموظفين، بانتظار وصول القطع لتصبح جاهزة للتحليق”.
وبيّنت الصحيفة أن “بعض الطائرات بحاجة إلى أجزاء داخلية، والبعض الآخر إلى محركات، في حين تم الانتهاء من بعض الطائرات ومن المنتظر تسليمها للصين”، مؤكّـدة أن “التأخير في وصول بعض الأجزاء يرجع لمشكلات اضطراب سلاسل التوريد”.
وبحسب قناة “سي إن بي سي” الأمريكية بنسختها العربية، فَــإنَّ شركة تصنيع الطائرات العملاقة “بوينغ” تواجه مشاكل متفاقمة على مختلف الأصعدة، حَيثُ أَدَّى نقص قطع الغيار ومشكلات أُخرى إلى اضطرار الشركة لاستخدام مرآب سيارات موظفيها كجراج لنحو 200 طائرة حتى إتمام تصنيعها.