حمل البيان الأخير للقوات المسلحة عن تنفيذ أربع عمليات عسكرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي، العديد من الرسائل الاستراتيجية والدلالات الهامة.
ويدل على النجاح اليمني السريع في فرض واقع إقليمي جديد واسع النطاق، يمثل أرضية رئيسية لتحولات جيوسياسية كبيرة وتأريخية تثبت حتمية هزيمة المعسكر الصهيوني في المنطقة.
العمليات الأربع غطت مسرح عمليات قد يكون هو الأكبر والأكثر تنوعاً في تاريخ المواجهات البحرية، حيث شمل أربع مناطق بحرية مختلفة، فبين موقع السفينة “أنفيل بوينت” البريطانية التي تم استهدافها في المحيط الهندي، وموقع السفينة “لاكي سايلور” التي تم استهدافها في البحر المتوسط، تشتعل جبهة بحرية غير مسبوقة راكمت انتصاراتها بسرعة قياسية في مواجهة تحالف غربي مدجج بالسفن الحربية وحاملات الطائرات، وفتحت رصيداً لم يغلق بعد من المعادلات التي تفرض لأول مرة، بما في ذلك استهداف ومطاردة تلك السفن والحاملات بصواريخ أسرع من الصوت، وقوارب مسيرة شديدة الانفجار وغواصات وطائرات مسيرة تستنزف مخزونات من أغلى الذخائر الدفاعية في العالم.
هذا النطاق الاستراتيجي للعمليات اليمنية والذي فشلت القوى الغربية في الحد من اتساعه عندما كان لا يزال مقتصراً على البحر الأحمر ومضيق باب المندب، يمثل برهاناً عريضاً على انتهاء عصر كامل من الهيمنة الأمريكية والغربية على البحار، وبشكل خاص على بحار المنطقة العربية والإسلامية التي تعودت واشنطن وشركائها على أن تكون كلها بمثابة منطقة نفوذ خاصة تثبت أركان الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية على المنطقة، وبالتالي فإن فقدان السيطرة عليها يعكس تهاوي تلك الهيمنة بكل جوانبها.
هذا أيضاً ما تؤكده هويات السفن الأربع المستهدفة التي تم الإعلان عنها في البيان الأخير، فإلى جانب السفينتين المذكورتين، تم استهداف سفينة “ديلونيكس” النفطية الأمريكية في البحر الأحمر للمرة الثانية، بالإضافة إلى سفينة “إم إس سي يونيفيك” الإسرائيلية في البحر العربي، وهو ما يعني أن الجبهة اليمنية ملتزمة بشن ضرباتها على قوى المعسكر الصهيوني (أمريكا وبريطانيا وكيان الاحتلال) بنفس الوتيرة، بالإضافة إلى الشركات المرتبطة بهذه القوى، الأمر الذي يمثل دلالة واضحة على حرص القيادة اليمنية على ضرب جميع أركان الهيمنة الغربية في المنطقة، وعلى تصعيد المواجهة ضدها جميعاً لفرض واقع جيوسياسي جديد كلياً يحافظ على مكاسب طوفان الأقصى كمعركة إقليمية تاريخية، ويجعل ثمن الإبادة الجماعية المستمرة في غزة أكبر بكثير مما توقعه الأعداء.
مواصفات السفن الأربع:
وبحسب البيانات الملاحية فإن السفينة الاسرائيلية (إم إس سي يونيفيك) المستهدفة في البحر العربي، هي ناقلة حاويات ترفع علم ليبيريا، ويبلغ طولها 285 متراً وعرضها 40 متراً.
وتتبع هذه السفينة شركة “إم إس سي” المرتبطة بإسرائيل، والتي تعتبر من أكثر الشركات الداعمة للكيان الصهيوني.
أما السفينة الأمريكية “ديلونيكس” والتي أعلنت قوات صنعاء المستهدفة في البحر الأحمر للمرة الثانية، فهي ناقلة نفط وكيماويات ترفع علم ليبريا ويبلغ طولها 164 متراً، وعرضها 23 متراً.
وقد حاول الأمريكيون إخفاء ملكية هذه السفينة من خلال تسجيلها في 20 يونيو المنصرم باسم شركة تحمل اسم “ديلونيكس” في ليبريا، لكن قبل ذلك التاريخ كانت السفينة مسجلة باسم شركة “أوكتري كابيتال ماينجمينت” ومقرها في الولايات المتحدة الأمريكية.
أما السفينة البريطانية “أنفيل بوينت” المستهدفة في المحيط الهندي، فهي سفينة من نوع (رول أون – رول أوف) أو (سفن الدحرجة) التي تحمل السيارات والشاحنات التي تنقل البضائع، وهي ترفع علم بريطانيا، ويبلغ طولها 193 متراً وعرضها 26 متراً.
وبحسب البيانات فإن هذه السفينة مملوكة لشركة “فورلاند شيبينغ” ومقرها في بريطانيا.
وتظهر البيانات أن السفينة الرابعة “لاكي سايلور” المستهدفة في البحر الأبيض المتوسط هي ناقلة نفط وكيماويات ترفع علم مالطا ويبلغ طولها حوالي 184 متراً، وعرضها 27 متراً.
وتدار هذه السفينة من قبل شركة “إيسترن ميديتيرينيان ماريتايم” اليونانية التي تم استهداف عدد مرتفع من سفنها خلال المرحلة الرابعة من التصعيد بسبب انتهاك الشركة لقرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة.