تعتبر الملحقية الثقافية من أنشط الملحقيات في السفارة الأمريكية التي تساعد المخابرات الأمريكية الـ CIA والملحقية السياسية والاقتصادية في الوصول إلى الشخصيات المستهدفة.
وتقوم الملحقية بجمع البيانات والمعلومات الاستخباراتية التي تستهدف المصالح للحصول على معلومات لما يفيد المصالح الأمريكية في اليمن كلاً حسب اختصاصه وكلاً حسب مجاله.
وتبدو الملحقية الثقافية في الظاهر ككيان يقوم ببرامج تبادل ثقافية، بغرض نشر المعرفة، وزيادة القدرات المهنية للشخصيات المستهدفة في اليمن من مختلف شرائح المجتمع، بينما في الحقيقة الدور هو خدمة الاستخبارات الأمريكية في النفوذ، والوصول إلى شخصيات ومؤسسات ذات تأثير، وذات معلومات لها أهميتها في الجانب الاستخباراتي والجانب السياسي والجانب العسكري والاجتماعي والأكاديمي وغيرها من الجوانب، وبالتالي تعد أحد الأذرع التي تعتمد عليها الاستخبارات الأمريكية للحصول على هذه المعلومات ضمن كيان السيطرة والتحكم في القرار في اليمن في مختلف المجالات.
وفي هذا السياق يقول الجاسوس عبد القادر السقاف:” عندما توظفت في الملحقية الثقافية والإعلامية، كانت شبكة المصادر التي كانت أصلاً لهم علاقة موجودة لما بدأت العمل، وبنيت عليهم أشخاص مع الذين كانوا يعملون كمراسلي صحف، ومراسلي قنوات فضائية، أو وكالات أنباء عالمية، ومن ضمنهم المجموعة الذي ذكرتهم كانوا أيضاً أصدقاء، ومنهم حمود منصر الذي كان مراسلاً في قناة العربية، ومحمد صدام كان في وكالة رويترز، والأستاذ نصر طه مصطفى كان أيضاً من ضمن الذين تعرفت عليهم، وأنا أيضاً عرفتهم في الملحق الإعلامي، و في تلك الفترة كان هو آدم ارلي الذي كان نشطاً في اللقاءات، والمقايل، والمكاتب، وكانت الزيارات التي تتم أحياناً إلى عدن كنت أرافق المسؤولين هؤلاء”.
ويضيف: “ومن البداية كان أول ما بدأت مع قسم الملحقية الثقافية والإعلامية في بداية فترة آدم ارلي، حيث كنت أنزل معه إلى عدن، وفيما يتعلق بالتعرف على عدن، وأيضاً بعض المنظمات، وأيضاً الزيارة التي كانت تتم في صحيفة الأيام، وهي صحيفة مشهورة في عدن، وهي أيضاً معها منتدى يتجمع فيه الإعلاميون، وقادة المجتمع السياسي، ومن ضمن هؤلاء أيضاً المحامي الشيخ طارق، الذي كان تتم زيارة له، ولأي واحد يزور شخصية اجتماعية قديمة، يعني محامي على مستوى رفيع يعني حتى قضايا الميناء”.
استبدال الثقافة اليمنية بالثقافة الغربية
الدور الأمريكي في الملحقية الثقافية، لم يقتصر عند هذا الحد، بل كان من ضمن الأهداف لها هي ضرب الثقافة الموجودة في البلد، واستبدالها بالثقافة الغربية، مثل دعم المؤسسات التعليمية، ومعاهد اللغات، وتشجيع الاختلاط، وتمكين المرأة، وتمكين الشباب في المجتمع، وكل ما يتعلق في الثقافة المغايرة لثقافة البلد”.
ومن ضمن الأنشطة للملحقية الثقافية بالسفارة الأمريكية برامج المنح الدراسية مثل منح الماجستير، والهدف منها ارسال الشباب لتبني هذه الأهداف، أو لتغذيتهم بأهداف ديمقراطية، وأهداف يستفيدون من هذه الدورات التدريبية، والمنح الدراسية، ويرجعون يطبقوها في بلدهم أو يتبنوها ويناصروها.
ومن الأنشطة كذلك، الاهتمام بالتعليم، والمناهج التعليمية في المدارس واستهداف الطلاب في المدارس ونشر ثقافتهم، وتغيير المناهج التعليمية حسب حاجتهم وثقافتهم، و تقديم الدعم لوزارة التربية والتعليم، وبناء العلاقات معهم، واقناعهم بسياستهم وثقافتهم في البلد.
وعملت الملحقية على عقد اللقاءات مع عدة وزارات، مثلاً الثقافة والمؤسسات مع المثقفين، و مع الناشطين والتشبيك معهم لمعرفة ماهي التفاصيل، أو كيف تطبيق هذه الأهداف على مستوى خاص أولاً مثل المنظمات المحلية، ودعمها أو على مستوى الشباب ودعمهم بالمنح، أو على مستوى الوزارات كحكومات مثل وزارة التربية والتعليم، و مثل وزارة الثقافة والسياحة، وكل هذه السياسات الثقافية والبرامج التنموية تحت مسمى التنموية التي تستهدف ضرب الثقافة اليمنية واستبدالها بثقافة أخرى أمريكية.
الاستهداف الثقافي عبر الملحقية من ضمن أنشطة الملحقية برنامج “الفول برايت” للماجستير. ويقول الجاسوس شايف الهمداني:” يستهدف هذا البرنامج الطلاب المبرزين المتخرجين من الجامعة، وذلك للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتحضير الماجستير لسنة أو سنتين”.
أيضاً برنامج “البحث الأكاديمي”، وذلك للسفر إلى أمريكا للتحضير لبحث علمي لمدة عام. أيضاً “برنامج الزمالة هنفري” لمدة عام، الذي يستهدف موظفي الدولة وغيرهم من شرائح المجتمع وذلك للسفر إلى أمريكا لمدة عام، والعمل مع مؤسسات أمريكية مختلفة كلاً حسب تخصصه لمدة عام.
أيضاً هناك الفرق الفنية والثقافية التي تأتي إلى اليمن للتعريف بالتراث الثقافي لأمريكا. أيضاً هناك برنامج ما يسمى “بالزائر المتحدث”، والذي يشمل استقبال شخص من أمريكا كلا حسب الموضوع للتحدث إلى الجهات ذات الاختصاص في اليمن عن موضوع معين في ذلك الوقت.
وتتكون برامج الملحقية الثقافية الأمريكية من برنامج الزائر الدولي الذي يعد أنشط هذه البرامج، والذي يستهدف كافة شرائح المجتمع من خلال ارسالهم في زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية من ثلاثة إلى أربعة أسابيع بحيث يصبح هؤلاء الأشخاص مصادر معلومات.
ملف الاستقطاب
وفي هذا الصدد يقول الجاسوس هشام الوزير إن ملف الاستقطاب من أهم الملفات التي عملت عليها السفارة الأمريكية، حيث تبدأ العملية ببناء علاقة عادية مع الأشخاص، تتدرج إلى تقوية العلاقة مع الأشخاص من خلال تكثيف الاجتماعات معهم، ثم تتدرج مثلاً إلى توفير تسهيلات لهم، مثل مثلاً ارسالهم في برنامج الزائر الدولي إلى أمريكا، وتقديمهم وتعريضهم للقيم الغربية والأمريكية، وكذلك ارسالهم إلى برامج أخرى في دول أخرى تابعة للأمريكيين أو مؤسسات تعليميه تابعة للأمريكيين، بحيث يتم تشبيعهم بالثقافة الأمريكية والغربية وضمان أنهم أصبحوا يدورون في نفس فلك هذه الثقافة وهذه التوجهات وهذه المصالح.
من جهته يقول الجاسوس شايف الهمداني: “تبدأ آلية سير برنامج الزائر الدولي في الملحقية الثقافية الأمريكية باستقبال رسالة من العاصمة واشنطن تتحدث عن المواضيع والبرامج لذلك العام ويتم مشاركتها مع الوكالات المختلفة، و بعدها يكون هناك اجتماع للوكالات والمكاتب المختلفة في السفارة الأمريكية لتقديم أسماء مرشحين في هذه البرامج.
ويشير إلى أن هذه الملحقيات مثل الملحقيات السياسية والاقتصادية التي تعد غطاء للاستخبارات الأمريكية التي تقدم مرشحيها عبر الملحقية السياسية والاقتصادية، وأيضاً الملحقية العسكرية، ومكتب السفير وغيرها من المكاتب الأخرى بعد أن يتم تقديم أسماء المرشحين يتم ارسالها إلى العاصمة واشنطن للحصول على الموافقة النهائية للمشاركة في هذا البرنامج، و يتم بعدها جمع البيانات والمعلومات الضرورية لاستكمال سفر هؤلاء المشاركين في برنامج الزائر الدولي.
أما الجاسوس هشام الوزير فيقول:”أستطيع القول بشكل عام أن الأغلبية يتم استقطابهم بواسطة المال والاعجاب بالثقافة الغربية واستخدام وسائل كبرنامج الزائر الدولي الذي يعتبر من أهم الوسائل لعملية الاستقطاب وذلك من خلال أخذ الأشخاص إلى أمريكا وإبهارهم بالثقافة الامريكية والغربية ومن ثم ضمان عودتهم إلى البلاد وعملهم لصالح الأمريكيين والغربيين.
ويعاود الجاسوس شايف الهمداني القول: “من خلال عملي كاختصاص في الشؤون الثقافية في الملحقية الثقافية الأمريكية كنت أقوم بجمع المعلومات عن الأشخاص المرشحين للمشاركة في برنامج الزائر الدولي وتقديمها للملحق الثقافي آدم ارلي الذي كان بدوره يشاركها مع الاستخبارات الأمريكية، و كنت أيضاً أشارك في الاجتماعات التي تعقد للملحقيات الأخرى، وذلك لتقديم أسماء المرشحين لبرنامج الزائر الدولي، كما كنت أقوم بدراسة وتحليل جدوى بعض الشخصيات التي ستشارك في برنامج الزائر الدولي وجدوى مشاركتها وفاعليتها في جمع المعلومات والبيانات الاستخباراتية، وكنت أقترح بعض الأسماء للمشاركة في برنامج الزائر الدولي، وكنت أجلس في اجتماعات مع المشاركين في برنامج الزائر الدولي عند عودتهم من الولايات المتحدة الأمريكية والتعرف على آرائهم وما هي السلبيات وما هي الإيجابيات الخاصة بالبرنامج”.
ويواصل :”كنت أقوم بتحديث البيانات والمعلومات الخاصة عن المشاركين في برنامج الزائر الدولي وتقديمها للملحق الثقافي الأمريكي، وكنت أتواصل مع الأشخاص المشاركين في برنامج الزائر الدولي عند الحاجة إلى معلومات منهم في مجال عملهم وذلك إما بدعوتهم إلى مكتب الملحق الثقافي الأمريكي أو اللقاء بهم في بيت الملحق الثقافي الأمريكي أو اللقاء بهم في أحد المطاعم أو غيرها وذلك للحصول على المعلومات والبيانات المطلوبة منهم”.
أهداف الملحقية الثقافية
بعد عودة اليمنيين من المشاركة في هذا البرنامج، يتم التواصل معهم عبر دعوتهم إلى الحفلات الخاصة بالسفارة الأمريكية أو إلى اجتماعات مع مسؤولي الوكالات أو الملحقيات التي رشحت هؤلاء الأشخاص الذين لهم شخصيات بارزة واعدة تصل بهم إلى مرحلة صنع القرار مستقبلاً، ويصبحون مصدر معلومات للوكالات الأمريكية المختلفة بعد عودتهم من المشاركة.
ويقول الجاسوس شايف الهمداني عن أهداف الملحقية الثقافية بالسفارة الأمريكية: “الظاهر لهذه البرامج هو تبادل المعلومات والمنفعة الثقافية والتعليمية بين الشعوب، لكن في الحقية هو بناء علاقات واستقطاب شخصيات مؤثرة في مختلف شرائح المجتمع من سياسيين واقتصاديين وأكاديميين وغيرهم من شرائح المجتمع، وذلك بغرض أن يتم السيطرة على هؤلاء الأشخاص مما يسهل الحصول على معلومات منهم، وأيضاً التأثير على القرار في مختلف شؤون الحياة في اليمن مما يضمن السيطرة الأمريكية على هذا القرار، وعلى المؤسسات التي يعملون فيها من خلال مشاركتهم في هذه البرامج، بحيث يصبحون مصادر معلومات في هذا الجانب.