قالت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية إن الولايات المتحدة فشلت في ردع قوات صنعاء والحد من هجماتها البحرية المساندة لغزة، مشيرة إلى أن الخبراء يرون أن نجاح الضربات الأمريكية في تدمير قدرات الحوثيين يشكل تحدياً وأن الاستمرار بهذه الاستراتيجية سيشكل مأزقاً للبحرية الأمريكية التي تستنزف مواردها الدفاعية في مواجهة تهديد يصعب السيطرة عليه.
ونشرت الصحيفة، الأحد، تقريراً جاء فيه أنه “بعد نصف عام من الصراع، فشلت الولايات المتحدة في ردع الحوثيين عن مهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، حيث يواصل المقاتلون اليمنيون إغراق السفن التجارية وتعطيل التجارة، مما يشكل تحدياً متزايد الصعوبة للجيش الأمريكي الأكبر بكثير”.
وقال التقرير إن “عمليات القصف الأمريكية المتكررة على مواقع الحوثيين لم تنجح في وقف الجماعة التي تمكنت من استخدام أسلحة متطورة مثل الطائرات بدون طيار التي تحلق فوق المياه والصواريخ الباليستية المضادة للسفن لإرباك القوات الأمريكية، كما واصلت الجماعة وتيرة الهجمات وأطلقت أكثر من 190 طائرة بدون طيار وصواريخ منذ بدء الجهود في أواخر أكتوبر”.
وأشار إلى أن “المقاتلين اليمنيين قاموا حتى الآن بإغراق أو إلحاق أضرار جسيمة بأربع سفن تجارية على الأقل، إلى جانب اختطاف واحدة”. وقال إن “آخر هجوم ناجح جاء في 23 يونيو، عندما ضرب الحوثيون السفينة التجارية (ترانس وورلد نافيجيتور) التي ترفع العلم الليبيري والمملوكة لليونان، وكانت آخر سفينة غرقت، وهي سفينة أخرى مملوكة لليونان، هي سفينة (توتور) في 12 يونيو” وكان سبب استهدافها لاختراقها قرار الحظر الى الموانئ المحتلة.
ونقل التقرير عن بروس بينيت، وهو باحث كبير مساعد في مجال الدفاع الدولي في مؤسسة راند، قوله إن “الحوثيين لديهم إرادة دينية ودافع سياسي يحتضن التضحية، وحربهم، مع الأسلحة المنتشرة في جميع أنحاء اليمن، تشكل تحدياً كبيراً”. وأضاف: “إن الجيش الأمريكي مصمم للحرب النظامية”، معتبراً أن الحوثيين “يمثلون في الحقيقة نوعاً من التهديد العسكري الذي يصعب السيطرة عليه”.
ونقل التقرير عن عدنان مزاري، الباحث في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي والذي يركز على اقتصادات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، قوله إن “التأثير إقليمي” ويتضمن “تقليل حركة الموانئ لدول مثل إسرائيل”، مشيراً إلى أن “الأمر قد يتفاقم بشكل كبير إذا تحققت حرب محتملة وشيكة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان”.
وبحسب التقرير فإن “الحوثيين يحتاجون إلى تمرير طائرة واحدة أو صاروخ واحد فقط عبر الدفاعات لإحداث الضرر، في حين لا يمكن للولايات المتحدة أن تخطئ مرة واحدة أو تخاطر بالإصابة، حسبما قال القائد إريك بلومبرغ من المدمرة يو إس إس لابون، لوكالة أسوشيتد برس، والذي أكد أن الناس قد لا يدركون مدى خطورة ما تقوم به القوات الأمريكية ومدى استمرار تعرض السفن للتهديد”.
وقال التقرير إن “واشنطن تعتقد أن بإمكانها إلحاق الضرر بالحوثيين بما يكفي لوقف فعالية حملتهم، ولكن المسؤولين يشددون الآن على التحدي المتمثل في تحقيق هذا الهدف”. ونقل عن المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي قوله إن الحوثيين “قد غرسوا نوعاً من الحماسة الدينية وجعلوا منها قضية شهيرة، وعندما تفعل ذلك، يصبح الأمر أكثر صعوبة”.
كما نقل عن برايان كلارك، مدير مركز مفاهيم الدفاع والتكنولوجيا في معهد هدسون، قوله إن ”الولايات المتحدة قد تقوم بتدمير مراكز التجميع والتوزيع بدلاً من الاستراتيجية الرئيسية المتمثلة في شن هجوم مضاد على مواقع الإطلاق”، معتبراً أن “هناك أسباباً وراء اختيار الولايات المتحدة لملاحقة تلك الأهداف، لكن ما يعنيه ذلك هو أن التهديد لن يختفي أبداً، وأنك ستبقى دائماً في لعبة الدفاع هذه”.
وأشار التقرير إلى أن “البحرية تنفق أيضاً الكثير من الموارد في القتال، وعادةً ما تطلق صاروخاً أرض-جو بقيمة 4 ملايين دولار لإسقاط طائرات حوثية بدون طيار أرخص بكثير”. وأضاف أن “إدارة بايدن تقول إن تكلفة عدم الدفاع عن الشحن التجاري ستكون أعلى بكثير، لكن كلارك قال إن هذه الاستراتيجية قد لا تكون مستدامة”.
ونقل عن كلارك قوله: “إذا استمر هذا لمدة عام آخر ولم تغير البحرية تكتيكاتها، فستكون البحرية في مأزق، لأن الصواريخ الاعتراضية التي تستخدمها لإسقاط الطائرات بدون طيار ستبدأ في النفاد”. وأوضح التقرير أنه “منذ ديسمبر، تجنبت شركات الشحن التجارية البحر الأحمر إلى حد كبير، وبدلاً من ذلك سلكت الطريق الطويل حول رأس الرجاء الصالح في أفريقيا، مما يضيف أياماً إلى الرحلة ويؤدي إلى تضخم التكاليف، وتواجه السفن التي تمر عبر البحر الأحمر أيضاً تكاليف تأمين أعلى، كما تؤدي الاضطرابات إلى تقليل كمية البضائع المشحونة”.
ونقلت الصحيفة عن كارولين فرويند، عميدة كلية السياسة والاستراتيجية العالمية بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو قولها: “إن هذا يؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع تكاليف النقل وارتفاع محتمل للأسعار”.