إعلان القوات المسلحة اليمنية عن إدخال صاروخ جديد فرط صوتي (حاطم2)إلى ترسانتها العسكرية، والذي ينتمي لفئة الصواريخ الباليستية يمثل تطورًا نوعيًا في قدراتها الهجومية البحرية.
الخصائص التقنية للصاروخ يمتاز الصاروخ الجديد بعدة خصائص متقدمة تجعله سلاحًا فعّالًا ضد السفن الكبيرة والمتوسطة الحجم، وكذلك التشكيلات البحرية المختلفةومن بين هذه الخصائص منها انه يعمل بنظام ذكي وبالوقود الصلب
التحليق على ارتفاعات عالية
يتبنى الصاروخ مسارًا في الفضاء القريب، مما يتيح له تجاوز معظم أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية التي تعتمد على اعتراض الصواريخ على ارتفاعات منخفضة أو متوسطة.
الصواريخ الباليستية الفرط صوتية الحديثة تعتمد على تقنيات متقدمة في الطيران والتحليق، ومن بين هذه التقنيات القدرة على التحليق على ارتفاعات عالية جداً، غالباً في الفضاء القريب (المنطقة الواقعة بين الغلاف الجوي للأرض والفضاء الخارجي). هذا النوع من المسارات يتيح للصواريخ تجاوز قدرات معظم أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية.
الفضاء القريب يُعرَّف على أنه المنطقة التي تبدأ من حدود الغلاف الجوي للأرض، حوالي 100 كيلومتر (62 ميل) فوق سطح الأرض، وتصل إلى حوالي 1000 كيلومتر (620 ميل) في هذه المنطقة، تكون كثافة الهواء منخفضة جداً، مما يقلل من مقاومة الهواء ويسمح للصواريخ بالتحليق بسرعات عالية جداً
الصواريخ الباليستية التقليدية تتبع مساراً قوسياً يأخذها إلى ارتفاعات عالية جداً قبل أن تعود إلى الغلاف الجوي لضرب الهدف كذلك فان التحليق في الفضاء القريب يمنح الصواريخ ميزة الاستفادة من الفراغ الفضائي لتحسين السرعة والمدى
معظم أنظمة الدفاع الصاروخي التقليدية، مثل منظومات الدفاع الجوي متوسطة وقصيرة المدى (مثل منظومة باتريوت)، مصممة لاعتراض الصواريخ والطائرات على ارتفاعات منخفضة إلى متوسطة. التحليق على ارتفاعات عالية يمكن الصواريخ الفرط صوتية من تجاوز نطاق هذه الأنظمة بكفاءة لأنه وفي الفضاء القريب، تكون مقاومة الهواء شبه معدومة، مما يسمح للصواريخ بالحفاظ على سرعات فرط صوتية دون التأثر بشكل كبير بالاحتكاك الهوائي. هذا يزيد من سرعة الصاروخ ويجعل اعتراضه أكثر صعوبة بالاضافة الى أن التحليق على ارتفاعات عالية يعقد عمليات الكشف والتتبع باستخدام الرادارات التقليدية التي تكون موجهة نحو الأهداف ذات الارتفاعات المنخفضة إلى المتوسطة وبالتالي فإن تقنيات الرادار الحديثة تواجه تحديات كبيرة في تتبع الصواريخ التي تتحرك بسرعة عالية وفي مسارات باليستية معقدة
مثل هذه الصواريخ لديها قدره في التكيف مع التحصينات الدفاعية كون التحليق في الفضاء القريب يسمح للصواريخ بالتحايل على الأنظمة الدفاعية الأرضية أو البحرية التي تكون مخصصة لاعتراض الأهداف عند اقترابها من السطح كذلك بالتحليق في الفضاء القريب، يمكن للصواريخ الدخول إلى نطاقات غير محمية أو ضعيفة الدفاع
ولعل السرعات العالية التي تتحرك بها الصواريخ الفرط صوتية تعني أن أنظمة الدفاع لديها وقت ضيق جداً لاكتشاف الصاروخ، او في تتبعه، واعتراضه قبل أن يصل إلى هدفه.
وهنا يمكن القول ان القدرة على التحليق على ارتفاعات عالية تمنح الصواريخ الفرط صوتية ميزات تكتيكية واستراتيجية تجعلها أسلحة فعالة ضد الأهداف البحرية والبرية المحمية بأنظمة الدفاع التقليدية. هذه القدرة تعكس تقدمًا تكنولوجيًا كبيرًا وتضع تحديات جديدة أمام الأنظمة الدفاعية العالمية، مما يتطلب تطوير حلول مبتكرة لمواجهة هذه التهديدات المتطورة.
السرعة الفائقة
ينفذ الصاروخ مناورة تفوق سرعتها سرعة الصوت على طول المدى الكامل، مما يعزز من صعوبة اعتراضه ويزيد من احتمالية وصوله إلى الهدف بنجاح
تُعد السرعة الفائقة واحدة من أهم العوامل التي تمنح هذه الصواريخ ميزات كبيرة في الحروب الحديثة. فكيف تعمل هذه الصواريخ على تحقيق سرعات تتجاوز سرعة الصوت، وكيف تساهم هذه السرعة في تحسين فعاليتها وزيادة صعوبة اعتراضها؟
مفهوم السرعة الفائقة في الصواريخ الفرط صوتية هي تلك التي تتحرك بسرعات تتجاوز سرعة الصوت، والتي تعرف أيضًا باسم “ماخ 1”. للتوضيح، سرعة الصوت في الهواء عند مستوى سطح البحر هي حوالي 343 مترًا في الثانية (1235 كيلومترًا في الساعة أو 767 ميلًا في الساعة). عندما نتحدث عن الصواريخ الفرط صوتية، فإننا نتحدث عن سرعات تتجاوز ماخ 5، أي خمسة أضعاف سرعة الصوت أو أكثر
كيفية تحقيق السرعات الفائقةتحقيق هذه السرعات العالية يتطلب استخدام تقنيات ومواد متقدمة لتحمل الضغوط الحرارية والميكانيكية الكبيرة الناتجة عن التحرك بسرعات فائقة تشمل هذه التقنيات تصميم ديناميكي هوائي متقدم يتطلب التصميم الديناميكي الهوائي للصواريخ الفرط صوتية شكلًا محسنًا يقلل من مقاومة الهواء ويعزز الاستقرار أثناء الطيران وهذا يشمل تصميم الرأس الحربي والأجنحة والعادم
تستخدم الصواريخ الفرط صوتية محركات صاروخية متطورة، مثل محركات الدفع الصاروخي التقليدي أو محركات رام جيت (Ramjet) وسكريم جيت (Scramjet)، التي تعمل بكفاءة عالية في سرعات فائقة
السرعات الفائقة تولد حرارة هائلة نتيجة الاحتكاك مع الهواء. لذلك، تُصنع هذه الصواريخ من مواد تتحمل درجات الحرارة العالية، مثل السبائك المعدنية المتقدمة والمواد المركبة الخاصة
بفضل السرعة الفائقة، يمكن للصواريخ الفرط صوتية الوصول إلى أهدافها بسرعة قبل أن يتمكن العدو من اتخاذ إجراءات مضادة وهذا يزيد من احتمالية إصابة الهدف بدقة وفعالية.
ومايعقد الامور كثيرا بالنسبة للانظمة الدفاعيه التي تعتمد على تتبع مسارات ثابتة أو يمكن التنبؤ بها أن الصواريخ الفرط صوتية تمتلك قدرة عالية على المناورة بسرعات عالية وبالتالي فان السرعه الفائقة للصاروخ
تتجاوز الدفاعات الطبقية التي تعتمد على عدة مستويات من الدفاع (مثل الدفاعات القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى) السرعة الفائقة تسمح للصواريخ بتجاوز هذه الطبقات بسرعة قبل أن يتم تفعيلها بالكامل ويمكن القول ان السرعة الفائقة تعيد تشكيل كيفية تخطيط وتنفيذ الهجمات فالدول التي تمتلك هذه التقنية يمكنها شن هجمات سريعة ودقيقة على أهداف حيوية بعيدة، مما يعيد تشكيل موازين القوة
لمواجهة التهديدات الجديدة التي تفرضها الصواريخ الفرط صوتية، تعمل الدول المتقدمة على تطوير دفاعات متقدمة مثل الليزر عالي الطاقة والأسلحة الكهرومغناطيسية، وكذلك تعزيز قدرات الكشف المبكر باستخدام الأقمار الصناعية والرادارات المتقدمة وبالتالي تتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير لتطوير تقنيات الدفع، المواد المتقدمة، وأنظمة التوجيه والتحكم الدقيقة.
الدول التي تتمكن من تحقيق هذه السرعات تستثمر بشكل كبير في الابتكار التقني والخلاصة ان السرعة الفائقة للصواريخ الفرط صوتية تعزز من صعوبة اعتراضها وتزيد من احتمالية وصولها إلى الهدف بنجاح. هذه السرعة توفر مزايا تكتيكية واستراتيجية كبيرة تجعل من الصعب على الدفاعات التقليدية التعامل مع هذه الصواريخ. مع استمرار التطور في هذا المجال، ستشهد ساحات المعارك تغيرات كبيرة في كيفية التخطيط للهجمات والدفاع عنها، مما يتطلب من الدول المتقدمة استثمارات كبيرة في تطوير تقنيات جديدة لمواجهة هذه التهديدات المتطورة.
الاندساس الطرفي
يتمتع الصاروخ بقدرة على القيام بمناورة اندساس طرفي، حيث يمكنه تغيير مساره بسرعة قبل الوصول إلى الهدف، مما يربك أنظمة الدفاع المضادة ويزيد من فرص نجاح الهجوم
مناورة الاندساس الطرفي تمنح الصواريخ الفرط صوتية ميزة استراتيجية كبيرة في الحروب الحديثة هذه القدرة على تغيير المسار بسرعة قبل الوصول إلى الهدف تزيد من صعوبة اعتراض الصواريخ وتعزز من فرص نجاح الهجوم. مع التقدم التكنولوجي المستمر، ستكون هذه المناورة جزءًا أساسيًا من الترسانة الهجومية للدول، مما يتطلب من الأنظمة الدفاعية تطوير تقنيات جديدة لمواجهة هذه التهديدات المتقدمة.
التأثير العلوي عالي السرعة
يستهدف الصاروخ السفن من الأعلى بسرعة عالية، مما يزيد من فعالية الضربة وقدرتها على إحداث أضرار جسيمة في بنية السفينة المستهدفة
التأثير العلوي عالي السرعة يمثل تطورًا استراتيجيًا في تقنيات الهجوم الصاروخي. هذه القدرة تعزز من فعالية الضربات البحرية وتزيد من صعوبة اعتراض الصواريخ، مما يجعلها أداة قوية في الترسانة العسكرية الحديثة. من خلال القدرة على تنفيذ ضربات دقيقة ومدمرة من الأعلى، تصبح هذه الصواريخ تهديدًا جديًا لأي هدف بحري محمي، مما يتطلب تطوير تكتيكات دفاعية جديدة لمواجهة هذا التحدي المتقدم.
المعرفة بأن الصواريخ قادرة على ضرب السفن من الأعلى بسرعة عالية يمكن أن تؤدي إلى تأثير نفسي كبير على الأعداء، مما يزيد من الحذر والقلق خلال العمليات البحرية.
الأهداف والاستراتيجيات
يُخصص هذا الصاروخ لمهاجمة السفن الحربية الكبيرة والمتوسطة الحجم، وكذلك التشكيلات البحرية المتعددة كما يعزز هذا الصاروخ من قدرة الجيش اليمني على تنفيذ هجمات مؤثرة ضد القطع الحربية المساندة للكيان والتي تشن عدوانها على اليمن
هذا التطور يعكس تقدمًا ملحوظًا في التكنولوجيا الصاروخية لدى اليمن، مما يشير إلى حصوله على دعم تقني أو تطوير داخلي لقدراته العسكرية
وبالتالي يعكس الإعلان عن الصاروخ الجديد قدرة اليمن على تطوير وتحديث ترسانته العسكرية بشكل مستمر، مما يعزز من موقفها في الصراع الجاري
اختبار ناجح بإمتياز
الصاروخ البالستي الفرط صوتي والذي تم اختبار قدراته بنجاح في استهداف السفينة الإسرائيلية (MSC SARAH V) في البحر العربي التي لازالت تحترق حتى اللحظة، هو تطور مذهل ومفاجئ وصادم للعدو
بدءًا بدقة الاستهداف، يكشف هذا الإنجاز عن تطور تكنولوجي مفاجئ يثبت قدرات الجيش اليمني على استخدام صواريخ باليستية جديدة تصل إلى أهدافها بدقة عالية رغم المسافات الكبيرة.
دقة الاستهداف ليست مجرد نجاح تقني، بل هي رسالة واضحة للأعداء بأن الجيش اليمني قادر على ضرب أهدافهم البحرية مهما كانت بعيدة ومحمية.
هذه العملية تحمل رسائل استراتيجية متعددة الأبعاد منها إظهار القوة والقدرة على الردع، حيث يُعد هذا الهجوم دليلًا على أن الجيش اليمني يمتلك القدرة على تنفيذ ضربات دقيقة ضد أهداف بحرية استراتيجية.
ما يعزز من موقف اليمن في الصراع الجاري ويبعث برسالة قوية مفادها أنه سيستمر في عملياته العسكرية ضد الكيان وداعميه حتى وقف العدوان على غزة ورفع الحصار.
في المجمل، يمثل استهداف السفينة الإسرائيلية (MSC SARAH V) تحولًا نوعيًا في القدرات العسكرية اليمنية ويضع القوى الإقليمية والدولية أمام تحديات جديدة، لا سيما مع هذا التفوق النوعي في القدرات الصاروخية التي تعكس تقدمًا تكنولوجيًا ملحوظًا وتبعث برسائل استراتيجية متعددة الأبعاد للأعداء.
هذا الهجوم ليس مجرد عملية عسكرية، بل هو تحذير قوي وإشارة إلى أن التوازنات العسكرية في المنطقة قد تشهد تغيرات جذرية في المستقبل القريب.
واخيرا فان التكنولوجيا الفرط صوتية (Hypersonic) تعتبر جزءاً من سباق التسلح الحديث، ولكن هناك عدد قليل من الدول التي تمتلك هذه التقنية بشكل ناجح حتى الآن من بين الدول التي يُعتقد أن لديها تقنية صواريخ فرط صوتية تشمل:الولايات المتحدة التي تقود السباق في تطوير التكنولوجيا الفرط صوتية، وقد أجرت عدة اختبارات ناجحة لصواريخ فرط صوتية وكذلك روسيا التي تعمل على تطوير واختبار الصواريخ الفرط صوتية، وقد أعلنت عن تطويرها لعدة أنظمة من هذا النوع
الصين: تقوم بأبحاث وتطوير الصواريخ الفرط صوتية، وقد أظهرت إمكانيات متقدمة في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة
فرنسا: تقوم فرنسا أيضاً بالبحث والتطوير في مجال الصواريخ الفرط صوتية، ولكن بشكل أقل مقارنة بالقوى الثلاث الأخرى.
الهند: تملك الهند قدرات متقدمة في مجال الفضاء والصواريخ، وتقوم بأبحاث نشطة في مجال التكنولوجيا الفرط صوتية.هذه الدول هي الرائدة حالياً في مجال الصواريخ الفرط صوتية، وتتسابق لتحقيق التفوق التكنولوجي في هذا المجال الحيوي والاستراتيجي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحفي متخصص في الشؤون العسكرية