الوحدة اليمنية.. راسخة في الوجدان اليمني

168

تقول حقائق التاريخ اليمني القديم والوسيط والحديث إن الوحدة كانت هي الأصل وأن التشطير والتجزؤ هو الاستثناء فقد كانت الوحدة هي السمة المميزة لمعظم فترات التاريخ اليمني ولم تقتصر على فترات محددة أو ترتبط بعهود حكام بعينهم كما هو شائع.

وأن “الوحدة اليمنية” وحدة طبيعية وتاريخية معبرة عن أرض واحدة وشعب واحد وحضارة واحدة ولا إمكانية للحديث عن جنوب أو شمال في الحضارة اليمنية سواء في سبأ أو معين أو حمير أو قتبان وأوسان أو حضرموت، فكلها حضارة واحدة وثقافة واحدة وشعب واحد وأرض وطبيعة واحدة، والوحدة اليمنية تقود اليمن إلى المزيد من الازدهار والقوة.

فلم يكن يوم 22 مايو عام 1990م سوى تحقيق لحلم الشعب اليمني الراسخ في استعادة وحدته المنشودة التي ناضل من أجل تحقيقها أمدا طويلا ضد الاستعمار وضد كل أشكال التفرقة والتمزق والهيمنة وضحى من أجل هذا الهدف بخيرة أبنائه الأحرار.

في حين يستقبل الشعب اليمني عيده الـ34 ذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية فإنه يستذكر أحداث هذه الذكرى والخطوات التي أدت إليها ومراحل النضال الوطني الذي أثمر مستلهما أحداث التاريخ ومحطاته للبناء عليها والسير على نهج رموز النضال اليمني الذين أنهوا ما يزيد عن قرن من التشطير الذي صنعه الاستعمار وقد سجل الشعب اليمني في صفحات تاريخه سجلاً ناصعاً من النضال على طريق إعادة توحيد اليمن الموحد أصلاً وجمع شتات اليمنيين في دولة واحدة تحقق لهم العدالة والحرية والعيش الكريم، وتنهي فصولاً من الشتات والصراع الذي لا يخدم إلا أعداء اليمن.

إن نضال اليمنيين وكفاحهم من أجل الجمهورية والوحدة والديمقراطية كان طويلاً ومريراً وقد سقط على هذا الدرب أفضل الرجال الأحرار ولو كان التراجع عن تلك المكاسب والمنجزات خياراً في أي لحظة ما وصل أبناء الريف الكادحون إلى ما وصلوا إليه من التعليم والثقافة والحرية والمواطنة التي نعتز بها كيمنيين منظمين سياسيا للنضال من أجل عزة ورفعة بلدهم، فالوحدة راسخة في الوجدان اليمني مهما حاول الأعداء وأن كيدهم لخاسر.

وقد شكلت تضحيات اليمنيين وعيا وطنيا ونضاليا كبيرا وأن هذا النضال الذي تجسد بفكرة الدولة اليمنية الحديثة بكل سلبياتها وإيجابياتها التي عرفناها على مدى أكثر من نصف قرن من الزمن، تلك الدولة التي أوجدت هويتنا السياسية التي يتم اليوم التنكر لها ومحاولة تجاوزها والعودة للوراء عقودا من الزمن من خلال فرض واقع الانفصالات المتجسدة في كامل الجغرافية اليمنية بتلك الكانتونات المتنافرة.

فقد مثل يوم 22 مايو ذروة الإرادة الوطنية لجماهير الشعب اليمني في الجنوب والشمال الذين جسدوا الوحدة وشكلوا حالة إجماع وطني منقطع النظير وقبل ذلك كله ثمرة نضال طويل وكفاح مرير خاض غماره اليمنيون إلى أن تحقق هذا المنجز العظيم بعد عقود من النضال.

وفي صحوة شعبية تتصاعد وتيرة الوعي بأهمية العمل من أجل حماية الوحدة، والالتزام بتحقيق أولوية حماية الثوابت وتحقيق السلام والاستقرار ودعم كل الجهود التي تحقق ذلك انطلاقاً من الدستور والقانون لأي حل سياسي سلمي للحفاظ على الثوابت والمكتسبات وعلى رأسها الوحدة بتبني صيغة جديدة متجاوزة نقاط الضعف والاختلالات، ومعتمدة على نقاط القوة بوضع أسس حديثة تضمن توزيع السلطة والثروة على أسس عادلة، وتحافظ على كيان اليمن ووحدته وهويته الوطنية.

وهو الخيار الأفضل كحل عادل للقضية الجنوبية والبلد برمته والخروج من الصراعات والأزمات المتتالية ورغم إيمان الشعب اليمني أن أي محاولات للنيل من الوحدة واستهدافها سوف ينتهي بها الحال إلى الفشل، كون الوحدة تمثل أسمى أهداف أبناء الشعب اليمني بما يعنيه ذلك من الحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان لذلك فهي راسخة في الوجدان اليمني، وهي باقية إلى أبد الآبدين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غالية حمود الحمادي

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا