مقالات مشابهة

الميناء الأمريكي العائم في غزة: عنوانه المساعدات فما هي حقيقته؟

بدأ الميناء الأمريكي العائم في غزة بالعمل، وفقاً لبيان القيادة المركزية الأمريكية صدر في بالأمس الجمعة (17/05/2024) والذي جاء فيه بأنه في حوالي الساعة 09:00 صباحا (من ذلك اليوم)، بدأت الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية بالتحرك إلى الساحل من الرصيف المؤقت في غزة.

هذا الميناء الأمريكي الذي تصفه إدارة بايدن بالمؤقت، يثير الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام، كونه المشروع المنجز الأول، من بين الكثير من الطروحات السابقة لميناء بحري يربط غزة دون الحاجة للمعابر البرية خاصة في رفح.

فما هي أبرز المعلومات حول هذا الميناء العائم؟

هو عبارة عن منصة ورصيف عائمين، أنشأتهما قيادة النقل البحري العسكري والجيش الأمريكيين على شواطئ قطاع غزة، تحت مزاعم تقديم المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء لسكان قطاع غزة، عبر السفن القادمة من قبرص حصراً، مدّعين بأن الميناء سيقوم بتزويد القطاع بحوالي 2 مليون حصة غذائية يومية.

أتم قرابة ألف جندي أمريكي إنشاء المنصة العائمة في عرض البحر المتوسط، على بعد بضع كيلومترات قبالة القطاع (ما بين 5-8 كم)، بكلفة تجاوزت الـ 320 مليون دولار (يتم الحديث عن تمويل عربي لجزء كبير منها). ولا تزال أمريكا تحجب إمكانية الوصول الى تحديد موقعه الجغرافي بدقة (31.49727°, 34.40851°)، خاصةً عبر موقع خرائط غوغل.

أعلن الرئيس الأمريكي عن البدء بإنشائه في الـ 8 من آذار / مارس 2024، خلال خطابه السنوي المعروف بـ “حالة الاتحاد”. لكن الحقيقة هو أن فكرة الميناء إسرائيلية، حاولت حكومة الاحتلال قبل اخبار الإدارة الأمريكية بها، تأمين التمويل لتنفيذها عبر الدول الأوروبية، وقد سعت لذلك من خلال عقد العديد من الاجتماعات مع ممثلين عن الدول الأوروبية في قبرص.

قبيل اندلاع الحرب على القطاع عام 2022، نقل معهد الشرق الأوسط الأمريكي، أن مجموعة من الديبلوماسيين “الإسرائيليين” والمصريين والأردنيين والفلسطينيين والقبارصة، خاضوا نقاشات امتدت لعامين كاملين بحثاً عن خيارات إقامة ميناء بحري في القطاع أو في مناطق بالقرب منه، واستنتجوا بأن ميناء العريش المصري هو الخيار الأكثر جدوى للقيام بدور نقل أي بضائع خارجية الى القطاع، فلماذا الإصرار الأمريكي والإسرائيلي على هذا الميناء العائم إذن؟

يطلق معهد بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية الإسرائيلية يطلق عليه اسم “ميناء اللاعودة”، وهو الاسم الذي كان يطلق على نقاط عبور عند شواطئ إفريقيا كانت تستخدم في تجارة الرقيق عبر الأطلسي. فهل يقصد المعهد الإسرائيلي من هذا الاسم الإيحاء بانه سيستخدم لتنفيذ عمليات ترحيل ممنهجة للفلسطينيين من القطاع. خاصةّ وأن هناك معلومات من مصادر موثوقة تفيد، بأن إحدى الدول العربية اقترحت على مسؤولين كبار في كيان الاحتلال العمل بشكل جدّي عبر قتل أي شكل من أشكال الحياة في القطاع (جامعات، مؤسسات إنتاجية)، من أجل تشجيع كل شاب فلسطيني في القطاع (من عمر 16 عام وما فوق)، على الهجرة الى الخارج (دول أوروبية تؤمن لهم الإقامة والعمل والدراسة)، بدل الانضمام الى المقاومة.

تتصرف المقاومة الفلسطينية مع هذا الميناء على ما يبدو، بكثير من الحذر والتدقيق والانتظار قبل أن تقوم بأي إجراء، كونه يحمّل بالظاهر عنواناً إغاثياً، لكنها بالتأكيد قادرة بسهولة على تدميره أو استهداف نقاط محدّدة، عندما تكتشف أي استخدام له يخرج عن الإطار الإنساني.

طريقة معقّدة لنقل المساعدات

ووفقاً لما تم تداوله من معلومات، فإن عملية نقل المساعدات ستكون في غاية التعقيد، ويشوبها الكثير من التأخير، الذي يمكن حلّه ببساطة من خلال النقل البري عبر المعابر المرتبطة بالقطاع، وخاصةً معبر رفح. لكن هذا ما يشير الى الإرادة الأمريكية في أن يكون هذا الميناء الذي تديره، هو بوابة الحصرية لربط القطاع مع الخارج، وربما لربطه بإدارة عملية إعادة إعمار غزة ما بعد الحرب.

فالمنصة العائمة ستستقبل السفن الآتية من ميناء لارنكا في قبرص بعد تفتيشها. ومن ثم يتم تفريغ حمولتها على المنصة البعيدة عن الشاطئ لأسباب أمنية وأخرى لوجستية تتعلق بصعوبة دخول السفن مباشرة للمياه الضحلة عند شواطئ القطاع. ومن المنصة العائمة تتولى عبّارات عملية نقل المساعدات إلى الرصيف البحري، حيث تنتظر شاحنات استلام المساعدات ونقلها بواسطة جسر مزدوج المسارات، فيما سيتولى ما يُعرف بـ”برنامج الغذاء العالمي” مهمة تلقي وتوزيع المساعدات.

وقد أٌسندت “مهمة” تأمين الرصيف والمنشآت البرية الملحقة بهذا الميناء، الى جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي سيساعده محور نتساريم في أداء هذه المهمة. وهنا لا بد الإشارة الى أنه سبق أن روّجت إسرائيل في الـ 29 من آذار / مارس الماضي، عن نيتها إنشاء قوة متعددة الجنسيات تتألف من ممثلين عن 3 دول عربية لها علاقات مع إسرائيل، من المفترض أن تقوم بحماية الرصيف وقوافل الشاحنات التي ستنقل المساعدات، لكن يبدو أن المقاومة استطاعت تحذير هذه الدول العربية من ذلك، لأن الأخيرة ستكون بذلك قد حوّلت الى قوة شرطة، تعمل في خدمة أمريكا وكيان الاحتلال الإسرائيلي.