بدأ التحالف السعودية – الاماراتي، اليوم الأربعاء، عملية لإعادة تأطير حكومة المرتزقة الموالية لهما جنوب اليمن مناطقيا، وذلك بتشكيل “حكومة جديدة” عن طريق اختيار قيادات جنوبية.
وبعد أيام قليلة على تعيين ابن عدن وشبوة، “احمد عوض بن مبارك” رئيسا للحكومة وجهت السعودية بتعيين ابن الضالع “شايع الزنداني وزيرا” للخارجية في حين تجرى ترتيبات لتعيين ابن شبوة احمد الصالح وزيرا للإعلام والثقافة والسياحة.
ومع أن غالبية المعينين الجدد ليسوا محسوبين على الانتقالي باستثناء الصالح الا ان تقليص حصص الشمال في الحكومة الحالية يشير إلى انها ضمن توجه لإعادة تأطير الحكومة بشكل مناطقي، وفق ما يراه خبراء.
تباينات بين قوى الشمال والجنوب بشأن تعيينات التحالف الأخيرة
هذا واحتدمت التباينات بين قيادات الشمال والجنوب اليمني الموالية للتحالف، مع قراره اجراء تغييرات على الحكومة الموالية في عدن، فكيف تم النظر لتشكيلة الحكومة الجديدة؟
بالنسبة للنخب الجنوبية الموالية للانتقالي فإن قرار تعيين شايع الزنداني وزيرا للخارجية ضمن مخطط جديد يستهدف المجلس، سلطة الامر الواقع في عدن، فهي كما يرى الدكتور عبدالله الغيثي تعيد أولا رجال علي محسن إلى الواجهة من جديد باعتبار الزنداني كان ابرز اذرعه ومن ناحية الثانية محاولة من ما وصفها بـ”الشرعية” في إشارة إلى المجلس الرئاسي لمغازلة أبناء المثلث لتخفيف التفافهم حول المجلس الانتقالي.
وخلافا للغيثي، ترى نخب جنوبية أخرى مناهضة لها بأن تعيين الزنداني ابن الضالع صورة أخرى من النزعة المناطقية لرئيس الانتقالي، عيدروس الزبيدي الذي ينتمي إلى الضالع أيضا، فالزنداني وفق، صالح منصر اليافعي، ضمن سلسلة طويلة من الوزراء الذين ينتمون إلى الضالع وعلى راسهم وزير الدفاع ووزير النقل واخرين.. كما يستشهد اليافعي برفض الزبيدي تعيين ابن ابين محمد مارم وزير للخارجية مع انه كان المرشح الاوفر حضا.
وبعيدا عن الصراع الجنوبي، تبدو القوى الشمالية الموالية للتحالف هي الأخرى تائهة بأهداف التحول الجديد فالنخب في حزب المؤتمر ترى بان القرار يهدف لاجتثاث ما تبقى من “اخوان” عالقين داخل “الشرعية” كما يقول جمال الوادعي في حين يرى سيف الحاضري بأن الهدف انهاء المناصفة في السلطة. وأيا تكون اهداف التغييرات الأخيرة يعكس الجدل بين القوى الموالية للتحالف حالة تيهان وغيابها عن ما يدور خلف الكواليس.
خطوة نحو الحرب الأهلية أم تعكس توجه لفرض الواقع ؟
اثار قرار التحالف إعادة تأطير حكومة المرتزقة الموالية له جنوب اليمن بشكل مناطقي تساؤلات حول الهدف، اهو ضمن ترتيبات الحرب الاهلية أم لتكريس الامر الواقع جنوب وشمال البلاد؟
مع تعيين ابن الضالع شاع الزنداني الذي شغل لسنوات منصب سفير اليمن في الرياض والترتيب لتعيين احمد الصالح ابن شبوة وزيرا للإعلام تكون استراتيجية المناصفة في تشكيل الحكومة بين القوى الشمالية والجنوبية والتي اعتمدها التحالف خلال السنوات الماضية من عمر الحرب على اليمن قد سقطت تمام وفق اجماع العديد من المراقبين بمن فيهم أولئك الذين ينتمون لأحزاب يمنية موالية للتحالف، فالجنوب اصبح الان يستحوذ على غالبية الحقائب الوزارية ولديه نصف مقاعد الرئاسي والاهم انه يسيطر على حقائب سيادية كالخارجية والاعلام والنفط والمالية والدفاع وحتى الداخلية.
فعليا لم يتبقى للقوى الشمالية الموالية للتحالف سوى بضعة حقائب هامشية قد تقصى منها او يقلص نفوذها فيها خصوصا ف ظل التقارير عن توجه التحالف نحو تقليص الحكومة عبر إبقاء الوزارات الهامة لتكون بذلك قد اكتملت حلقة استبعاد القوى الشمالية تمام من حكومة الجنوب في عدن.
ما هو الهدف من هذا التوجه؟
على ارض الواقع تحمل الطبخة الجديدة خبث مهندسوها فهي لن تقف عند حرب بين الشمال والجنوب كما برزت من تصريحات بن مبارك، رئيس الحكومة، الذي بدأ متعصبا للحرب انتقاما من صنعاء، بل قد تحمل في طياتها أيضا صراع جنوبي – جنوبي وهو سيناريو قد يشعل فتيل النار في كل عموم اليمن وتلك استراتيجية يسعى رعاة الحرب في الإقليمي لترسيخها كفكرة منذ بدء الحرب على اليمن في مارس من العام ،2015.
ويعزز تلك الفكرة دخول العام العاشر من الحرب على اليمن والضغوط التي تتعرض لها تلك الأطراف للسر نحو سلام شامل، لكن ذلك لا يعني ان لا تكون تلك الأطراف قد وضعت في ذهنها أيضا فكرة استحالة نجاح الورقة الجديدة خصوصا في تفكيك الكتلة الصلبة للشمال ما يضع إمكانية بهدف المخطط لإرسال واقع جديد يتمثل بتقسيم اليمن شمال وجنوب وحتى لا يثير ادواته المحلية من أحزاب اليمن الشمالي يحاول تخديرها بقيادة جنوبية كانت حتى وقت قريب محسوبة عليها.