كشف مسؤول دفاعي أميركي في حديث صحفي أن السعودية وضعت بعض الإجراءات التي تحدّ من استخدام القوات الأميركية أراضيها وأجواءَها لضرب اليمن، رداً على العمليات التي تنفذها القوات المسلحة في البحر الأحمر. لا يعد هذا الأمر تفصيلاً في هذه المرحلة التي تجتهد فيه الولايات المتحدة في إغراء صنعاء تارة، وتهديدها تارة أخرى بعودة الحرب، دون أن تلقى آذاناً سعوديةً صاغية.
هذا “الصمود” السعودي أمام الضغوط الأميركية بالتدخل الفعلي والمتزايد -اذا دعت الحاجة وتطورت متطلبات الميدان- يدلل على مدى جدية الرياض بإغلاق ملف الحرب التي ابتدأتها في اليمن قبل 9 سنوات، والتي شهدت خلالها قصف عملاقها النفطي أرامكو وتراجعاً بالاقتصاد والاستثمارات الأجنبية نتيجة عدم الاستقرار الأمني. اذ يؤكد المسؤول الدفاعي الأميركي في حديثه لشبكة سكاي نيوز العربية، أن “الأنظمة الدفاعية الصاروخية الأميركية الموجودة في السعودية ممنوع على الأميركيين استخدامها ضد الحوثيين”. مضيفاً “الرياض سمحت للطائرات المقاتلة الأميركية بالتزوّد بالوقود فقط في مطارات القواعد العسكرية في المملكة”.
تجد الإدارة الأميركية نفسها أمام مشكلة مركّبة في إطار مواجهتها للعمليات العسكرية اليمنية المتصاعدة. وبعد فشل التحالف الذي أنشأته لهذه المهمة، ومحدودية جدوى المدمرات الأميركية البريطانية التي استقدمتها لهذا الغرض، اتجهت واشنطن لاستكمال المشروع الذي كانت قد بدأته بواجهة إماراتية منذ حوالي 6 سنوات، في جزيرة سقطرى اليمنية التي تقع على نقطة التقاء البحر العربي والاحمر والمحيط الهندي.
بدأت أبو ظبي لأول مرة في عسكرة سقطرى في العام 2018، عندما أنشأت قاعدة عسكرية في الجزيرة. ودون أي اعتراض أميركي، بل بدعم خفي، بدأت ببناء قاعدة عسكرية ومدرجات لتسهيل اقلاع وهبوط الطائرات. ووفقاً لمقال نشر في مجلة Breaking Defense، فإن أبو ظبي كانت تفكر في توسيع هذا الوجود من خلال وضع أجهزة استشعار للدفاع الصاروخي في الجزيرة، والتي من شأنها أن تدعم تحالفاً ناشئاً تقوده الولايات المتحدة ويتألف من كيان الاحتلال والعديد من الدول العربية، بذريعة مكافحة “التوسع الإيراني”.
الواقع، أن هذه الجهود التي كانت قد مرت بفترات انتكاسة خلال الفترة الماضية، ولم تستكمل، وضعت مجدداً على المسار مع بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. ويشير المسؤول الدفاعي الأميركي في معرض حديثه عن “أزمة البحر الأحمر” أن “هذه الإجراءات لاعتراض صواريخ طويلة المدى قد يطلقها الحوثيون”. وأضاف “إجراءاتنا في سقطرى تحسبا لضرب الحوثيين قواعد أميركية بالمنطقة”.
بعد أن كانت الجهود الأميركية ترتكز في البداية على وقف العمليات العسكرية اليمنية التي تستهدف السفن المتجهة إلى كيان الاحتلال، يبدو أن الأهداف باتت أكثر تواضعاً. اذ تحولت نبرة خطابات المسؤولين الاميركيين من القضاء على “تهديد الملاحة” إلى “الحد من العمليات”، ثم تركزت الجهود أخيراً على إيجاد وسائل لتقليل الخسائر والحد منها، وانتقلت القوات الأميركية من مرحلة الهجوم إلى الدفاع.
من جهته، حذر الناطق الرسمي “للجنة الاعتصام” في محافظة المهرة علي مبارك محامد، من خطورة نشر قوات أميركية ونصب أنظمة دفاعية في أرخبيل سقطرى، وتحويله إلى قاعدة عسكرية. وقال أن “ما أعلنته الولايات المتحدة من تعزيز منظومة صاروخية في أرخبيل سقطرى يؤكد الأهداف الخبيثة والتي حذرنا منها خلال السنوات الماضية بسبب شرعنة المجلس الرئاسي وحكومة المنافي”. مؤكداً على أن “نشر قوة صاروخية في أرخبيل سقطرى وتحويلها إلى قاعدة عسكرية نعتبره نحن في لجنة الاعتصام السلمي احتلال أجنبي ترفضه كل القوانين الدولية والاممية ونرفضه بشكل قاطع ونعتبره انتهاك للسيادة الوطنية… كما نؤكد أن مقاومة الاحتلال حق مكفول لكل الشعوب بحسب كل القوانين”.
وكانت القوات المسلحة اليمنية قد نفذت 96 عملية استهدفت خلالها 62 سفينة كانت تتجه إلى كيان الاحتلال أو داعمة له في حربه على قطاع غزة، بالبحرين الأحمر والعربي والمحيط الهندي. واستهدفت الصواريخ والطائرات المسيرة التي بلغ عددها 479 عدداً من الأهداف منها 32 في فلسطين المحتلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
مريم السبلاني