كان الخيار الأمريكي باللجوء إلى تفعيل الجبهات الداخلية اليمنية احدى الطروحات الموضوعة على طاولة النقاشات لإيجاد مخرج من الواقع المفروض على البحر الأحمر. إضافة الى تنفيذ ضربات جوية تستهدف ترسانة صنعاء الصاروخية وتقلل من فاعليتها مما يجعلها غير قادرة على الاستمرار بعملياتها. يلتقي كلا الخيارين في نقطة مشتركة واحدة: لو أن الخيار العسكري كان ناجحاً لما كانت القوات المسلحة اليوم قادرة على إطلاق صاروخ واحد او امتلاكه حتى. وهذا مردّه بالدرجة الأولى إلى الفشل الاستخباراتي في تحديد مخازن الأسلحة التي شيّدت بتقنيات مدروسة من الدفاع السلبي.
أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، عن استهداف السفينة الإسرائيلية “MSC SKY” في بحر العرب، بعد ساعاتٍ فقط على تنفيذ “عمليةٍ نوعية”، أطلقت خلالها القوة الصاروخية عدداً من الصواريخ الباليستية والطائرات المُسيّرة ضد عددٍ من السّفن الحربية الأميركية في البحر الأحمر”. مؤكداً على ان “هاتين العمليتين تؤكدان قدرة القوات المسلحة على استهداف السفن الحربية وغير الحربية، في آنٍ واحد”. وان “عمليات القوات المسلحة متصاعدة ومستمرة في البحر الأحمر وبحر العرب وخليج عدن وباب المندب، من أجل منع الملاحة الإسرائيلية أو المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة، حتى وقف العدوان الإسرائيلي، ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة”.
وترى صحيفة فايننشال تايمز البريطانية ان “السفن في البحر الأحمر تتعرض للعرقلة بسبب عدم كفاية المعلومات الاستخبارية حول ترسانة المسلحين الحوثيين وقدراتهم الكاملة”.
في الوقت الذي يصدر البنتاغون تقارير تؤكد على ان الضربات الجوية دمرت الكثير من الأسلحة وأجبرت صنعاء على إجراء تعديلات تكتيكية، فإن ينفي تلك المزاعم. وبحسب مسؤولين أمريكيين حاليين فإن “حجم الضرر غير واضح لأن الولايات المتحدة افتقرت إلى تقييم مفصل لقدرات الجماعة قبل إطلاق حملة القصف”.
ويقول مسؤول في البنتاغون لشؤون الشرق الأوسط دان شابيرو، في جلسة استماع بالكونغرس، أن “الجيش الأميركي لا يعرف الترسانة الأصلية للحوثيين قبل بدء الحملة العسكرية الأميركية في كانون الثاني/ يناير”. وتعكس تصريحات شابيرو العلنية القلق المتزايد الذي أعرب عنه مسؤولون أمريكيون كبار سراً من أن الصورة الاستخباراتية غير المكتملة تحجب تقييم البنتاغون بشأن القدرات التي احتفظت بها الجماعة، بحسب ما نقلت الصحيفة.
وتضيف فيليسيا شوارتز، مراسلة فايننشال تايمز والتي قضت أيضاً ثماني سنوات في صحيفة “وول ستريت جورنال” كمراسلة لوزارة الخارجية وإسرائيل، أن “الحوثيين الذين تحملوا ما يقرب من عقد من القصف من قبل التحالف الذي تقوده السعودية قبل الصراع الحالي، أثبتوا مهارتهم في إعادة إمداد مواقعهم، واستمروا في تهديد السفن في المنطقة”.
وقال مسؤولون حاليون للصحيفة إن البنتاغون شهد انخفاضاً في المعلومات الاستخباراتية بشأن اليمن بعد انتهاء الحملة الجوية ضد تنظيم القاعدة في جنوب البلاد والتي تم تنفيذها في عهد الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب. وقال ميك مولروي، وهو مسؤول كبير سابق في البنتاغون وضابط في وكالة المخابرات المركزية: “لأن اليمن كان أولوية، فقد تركزت استخباراتنا هناك أيضاً”.
من جهته يشير وهو مسؤول كبير في وكالة المخابرات المركزية، تيد سينجر، إن “الحوثيين يميلون إلى تخزين أسلحتهم في تضاريس صعبة للغاية… الحصول على معلومات استخباراتية على الأرض أصبح أكثر صعوبة منذ أن أخلت الولايات المتحدة سفارتها في صنعاء في عام 2015، عندما سيطرت الجماعة المتمردة على العاصمة”. ويضيف “إن إعداد التقارير عن بلد ما من بعيد أو من الخارج يمثل تحديًا بطبيعته، وهو أمر مضاعف بالنسبة لبلد شهد الكثير من الاضطرابات على مدى السنوات العشر الماضية”.