يعيش أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني أوضاعًا إنسانية صعبة في مدينة رفح الحدودية، جنوب قطاع غزة، معظمهم من النازحين الذين فرّوا من مناطق أخرى باعتبارها الملاذ الأخير لهم بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع لليوم الـ 148.
وتعاني المدينة المهددة بهجوم إسرائيلي محتمل، من المجاعة القاتلة ومشاكل على المستوى الصحي، ونقصًا في الإمدادات الطبية، وغياب الكهرباء ومصادر الطاقة. وتحديات متصاعدة ترتبط بالمياه وخدمات الصرف الصحي.
وشهد مخيم اللاجئين المترامي الأطراف في رفح، الذي يضم حاليًا حوالي 70.000 نازح فلسطيني يقيمون في 15.000 خيمة، تدهورًا سريعًا في الظروف المعيشية مع فشل إدارة النفايات بسبب التدفقات الضخمة للاجئين والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية المحلية أثناء الغارات الجوية الإسرائيلية.
ومع عدم وجود مرافق صرف صحي مناسبة، اضطر السكان المحليون في المخيم إلى بناء مراحيض مؤقتة، ما أدى إلى انتشار مياه الصرف الصحي بشكل غير منضبط والتلوث البيئي الشديد. وتوقفت مرافق البلدية في رفح بشكل شبه كلي، وهي غير قادرة على التعامل مع انتشار القمامة ومياه الصرف الصحي المنتشرة في كل مكان، ما يشكل تحديات خطيرة على الحياة اليومية والصحة البدنية والعقلية للاجئين في المخيم الموبوء بالآفات.
تحذير أممي من خطر وشيك للمجاعة
جدد مسؤولو الأمم المتحدة التحذير من الخطر الوشيك بحدوث مجاعة في غزة، في وقت ارتفع فيه عدد الأطفال المتوفين نتيجة الجوع. وقال كريستيان ليندماير المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن البيانات الرسمية تفيد بأن طفلا عاشرا- مسجلا بأحد المستشفيات- مات تضورا من الجوع.
وفي مؤتمر صحفي عقدته وكالات الأمم المتحدة في جنيف قال ليندماير: إن العدد الحقيقي للأطفال الذين ماتوا جوعا ربما يكون أعلى من ذلك. وحول استمرار تفشي الأمراض، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: إن النقطة الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في جباليا- شمال غزة- تستقبل ما يتراوح بين 100 و150 حالة من التهاب الكبد الفيروسي يوميا.
وعن الضفة الغربية قال المكتب إن طفلا فلسطينيا استشهد في قرية بيت فوريك في نابلس، ليرتفع بذلك العدد الكلي للفلسطينيين الذين قُتلوا في الضفة الغربية- بما فيها القدس المحتلة- إلى 406 منهم 103 أطفال منذ 7 أكتوبر. وزار فريق من الأمم المتحدة مستشفى الشفاء بمدينة غزة، شمال القطاع، وجلب معه أدوية ولقاحات ووقودا للمساعدة في ضمان استمرار عمل المنشأة الصحية. والتقى الفريق- الذي ضم أعضاء من مكتب الشؤون الإنسانية ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف- أيضا عددا من الجرحى الذين أصيبوا الخميس أثناء سعيهم للحصول على مساعدات منقذة للحياة غرب مدينة غزة.
وتفيد التقارير بأن مستشفى الشفاء استقبل أكثر من 700 شخص أصيبوا أمس، 200 منهم ما زالوا بالمستشفى. وأبلغ العاملون بالمستشفى، الفريق الأممي بأنهم استقبلوا أيضا جثث أكثر من 70 شخصا استشهدوا أمس. وتعد هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها قافلة أممية من توصيل المساعدات إلى شمال غزة منذ أكثر من أسبوع. وقال فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأونروا إن قرار مفوضية الاتحاد الأوروبي بمنح الوكالة 50 مليون يورو يأتي في وقت حرج. وأوضح أن ذلك جزء من 82 مليون يورو من المساعدات سيتم تنفيذها عبر الأونروا خلال العام الحالي.
وقال المسؤول الأممي إن ذلك سيدعم جهود الوكالة للحفاظ على استمرار الخدمات الأساسية والمنقذة للحياة للاجئي فلسطين في جميع أنحاء المنطقة. وتدعم وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين، نحو 5.9 مليون لاجئ في خمس مناطق هي: غزة، الضفة الغربية-بما فيها القدس الشرقية، الأردن، لبنان وسوريا. وقال لازاريني إن الاتحاد الأوروبي شريك للأونروا منذ قديم الأمد، في توفير المساعدات للاجئي فلسطين بالمنطقة. وذكر أن تقديم مساهمته المالية الكاملة للوكالة يعد أمرا رئيسيا للحفاظ على استمرار عمليات الوكالة في منطقة متقلبة للغاية.
وكان الاتحاد الأوروبي من بين المانحين الذين جمدوا تمويلهم للأونروا بعد ادعاءات مقدمة من إسرائيل بأن 12 موظفا في الوكالة شاركوا في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. ويُجري مكتب الأمم المتحدة للرقابة الداخلية تحقيقا في تلك الادعاءات. وقبل تقديم تلك الادعاءات، طلب المفوض العام للأونروا من أمين عام الأمم المتحدة إجراء مراجعة خارجية مستقلة للوكالة.