على وقع المفاوضات بين حماس وكيان العدو الصهيوني في باريس والقاهرة، عرض نتنياهو على حكومته المتطرفة ما أسماه “خطة بشأن إدارة غزة لمرحلة ما بعد الحرب” وذلك في خطوة تنم عن عدم جدية العدو في المفاوضات والتوصل الى حل يفضي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى من الجانبين ويعد العدة لاجتياح رفح.
وبحسب وسائل إعلام العدو الصهيوني فإنه في الوقت الذي أرسل فيه نتنياهو وفداً صهيونياً إلى المفاوضات مع حماس في باريس حول إطلاق الأسرى الصهاينة ووقف إطلاق النار في القطاع فقد عرض نتنياهو على حكومته الخميس، خطة بشأن إدارة غزة لمرحلة ما بعد الحرب، تقضي بأن يتولى مسؤولون فلسطينيون محليون إدارة القطاع لا صلة لهم بحركة حماس التي تحكمه.
وينص الاقتراح الذي عرضه نتنياهو على مجلس وزرائه الأمني، أيضاً على احتفاظ جيش العدو بحرية غير محددة زمنياً للعمل من أجل منع عودة النشاط المسلح.
واقترح نتنياهو خطة “لمرحلة ما بعد الحرب” تنص على احتفاظ الكيان الصهيوني بـ”السيطرة الأمنية” في قطاع غزة على أن يتولى شؤونه المدنية “مسؤولون محليون”، وطرحها على مجلس وزرائه الأمني المصغر الذي قد يطالب بتعديلات عليها.
وبالنسبة للأهداف طويلة المدى المذكورة، يرفض نتنياهو “الاعتراف الأحادي الجانب” بدولة فلسطينية.. ويقول: إن التسوية مع الفلسطينيين لن تتحقق إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الجانبين، دون تحديد ذلك الطرف الفلسطيني.
وفي غزة، حدد نتنياهو نزع السلاح والقضاء على ما أسماه “التطرف” من بين الأهداف التي يجب تحقيقها على المدى المتوسط.. ولم يوضح متى ستبدأ تلك المرحلة أو إلى متى ستستمر، لكنه يشترط لعملية إعادة إعمار قطاع غزة، الذي دمر العدوان الصهيوني جزءا كبيرا منه، أن يتم نزع سلاحه بشكل كامل.
ويقترح نتنياهو أن يكون لكيان العدو وجود على الحدود بين غزة ومصر جنوب القطاع وأن تتعاون مع مصر والولايات المتحدة في تلك المنطقة لمنع محاولات التهريب، بما يشمل معبر رفح.
ولاستبدال حكم حماس في غزة مع الحفاظ على النظام العام، يقترح نتنياهو العمل مع ممثلين محليين “لا ينتمون إلى دول أو جماعات ولا يحصلون على دعم مالي منها”، كما يدعو إلى إغلاق وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة لتحل محلها منظمات إغاثة دولية أخرى.
ولكن سرعان ما رفض المسؤولون الفلسطينيون الخطة الصهيونية غير القابلة للتطبيق إطلاقا لوجود فصائل المقاومة الفلسطينية على الأرض في قطاع غزة صامدة وتنكل بعصابة نتنياهو.
وردا على ذلك، انتقد المسؤول في حركة حماس أسامة حمدان خلال مؤتمر صحفي عقده الجمعة في بيروت، خطة نتنياهو.. مؤكدا أنها آيلة إلى الفشل.
وقال حمدان للصحفيين: “بالنسبة لليوم التالي في قطاع غزة، نتنياهو يقدم أفكاراً يُدرك تماما أنها لن تنجح.. اليوم يقدم ورقة يكتب فيها مجموعة من أفكاره المكررة”. وأضاف: “هذه الورقة لن يكون لها أي واقع أو أي انعكاس عملي لأن واقع غزة وواقع الفلسطينيين يقرره الفلسطينيون أنفسهم”.
وتابع: إن “القراءة لهذه الورقة ولقرار رفض الاعتراف بأي دولة فلسطينية يعكس أمرين لا بد أن يتوقف الجميع أمامهما لا سيما الداعين إلى تسويات سياسية على نمط أوسلو وغيرها، الأول أنه يرفض قطعا الاعتراف بدولة فلسطينية ويرفض الاعتراف بكيانية فلسطينية، وهذا يدفع لسؤال إن كان هو وأمثاله مؤهلين لبحث سياسي مع الفلسطينيين”.
وأوضح أن الأمر الثاني هو إصرار نتنياهو “على الفصل بين الضفة وغزة وعلى الفصل ما بين القدس والضفة، وهذا يعني أن هذا الكيان مخططه الحقيقي هو الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتفتيتها”.
وجدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الجمعة رفض بلاده أي “احتلال جديد” لقطاع غزة بعد انتهاء الحرب، ردا على إعلان نتنياهو خطة تقضي باستمرار “السيطرة الأمنية” في الضفة الغربية المحتلة والقطاع.
وفي حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الصهيو-أمريكي المتواصل على قطاع غزة إلى أكثر من 29514 شهيدا، ونحو 69616 جريح.
وفي تناقض واضح من قبل أمريكا الشريك الأكبر في عمليات الإبادة الجماعية في قطاع غزة ومع مساعيها لإطلاق سراح الأسرى الصهاينة لدى حماس ووقف أطلاق نار إنساني، تعطي الضوء الأخضر لنتنياهو وعصابته بارتكاب المزيد من المجازر والعدوان على رفح.
وقد ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن واشنطن لن تدعم عملية عسكرية صهيونية في رفح “دون تخطيط جدي” حول أكثر من مليون مدني نازح وذلك في إشارة واضحة للتأييد الأمريكي للعدوان واجتياح رفح.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل، في مؤتمر صحفي: إن “إجراء مثل هذه العملية الآن دون تخطيط وقليل من التفكير في منطقة تؤوي مليون شخص سيكون بمثابة كارثة”.
وأضاف: “الولايات المتحدة لن تدعم مثل هذه العملية العسكرية دون تخطيط لأنها تتعلق بأكثر من مليون شخص لجأوا هناك وكذلك دون النظر في آثارها على المساعدات الإنسانية والمغادرة الآمنة للمواطنين الأجانب”.
وتابع: إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أوضح ذلك لنتنياهو خلال الاجتماعات التي عقدها في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48.
وجرى اتصال هاتفي بين نتنياهو وبايدن من أجل الوقوف على آخر تطورات الأوضاع حيث زعم بايدن، خلال محادثات هاتفية أخيرة أجراها مع نتنياهو، أن هناك أهمية لإعطاء الأولوية لسلامة المدنيين في أي عملية عسكرية محتملة في رفح بغزة.
كما زعم بيان صادر عن البيت الأبيض، أن بايدن كرر موقفه بأن أي هجوم على رفح يجب أن يكون مصحوبا بخطة شاملة لحماية حياة أكثر من مليون مدني لجأوا حاليا إلى المنطقة، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات فورية وملموسة لتعزيز المساعدات الإنسانية للمدنيين المتضررين من الصراع، وبالإضافة إلى ذلك، شدد على ضرورة البناء على التقدم الدبلوماسي الأخير للإسراع بالإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة.
وأوضحت وسائل إعلام أمريكية، أن بايدن وصف نتنياهو بأنه العائق الرئيسي أمام محاولات إقناع العدو الصهيوني بوقف إطلاق النار في غزة والتعامل معه أصبح مستحيلا.
وعلى ما يبدو أن العدو الصهيوني ومعه الشريك الأكبر أمريكا يخططان لعدوان واسع على رفح وارتكاب المزيد من المجازر والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين والهروب من الفشل الذريع لنتنياهو وعصابته في إنجاز أي هدف من أهدافهم المعلنة بعد أكثر من 140 يوما من العدوان على قطاع غزة.