برغم إعلان التحالف الأمريكي البريطاني في أغلب بياناته استهداف معظم ما أسماها بـ”الأهداف التي تشكل خطراً على الملاحة البحرية” في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، إلا أن القوات المسلحة اليمنية قد أصدرت عدة بيانات – بعد العمليات التي نفذها التحالف الأمريكي البريطاني – وأكدت فيها استهداف عدة سفن أمريكية وبريطانية – منها سفن حربية – نصرةً لغزة ورداً على العدوان على اليمن.
حتى إن أحد السفن البريطانية التي استهدفتها القوات المسلحة اليمنية في خليج عدن في 26 يناير المنصرم ظلت تحترق نحو قرابة 24 ساعة، وبرغم إن قوات صنعاء لا تسيطر على المحافظات الجنوبية المطلة على خليج عدن إلا أنها استهدفت عدد من السفن “غير البريئة” في منطقة خليج عدن وبدقة متناهية، وهذه رسالة عسكرية تؤكد بأن صنعاء قادرة على ضرب الأهداف في البحرين الأحمر والعربي من أي نقطة في أراضي الجمهورية اليمنية. في هذا الصدد، سنرصد أهم شواهد فشل التحالف الأمريكي البريطاني في تحقيق أهدافه في اليمن؟
الغارات الأميركية والبريطانية
هذه العمليات المستمرة من قبل قوات صنعاء تؤكد بشكل عملي بأن الغارات التي نفذتها أمريكا وبريطانيا غير مجدية وغير مؤثرة على قدرات صنعاء العسكرية، وهذا ما أكده قائد أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي في خطاب له يوم 8 من شهر فبراير الجاري، حيث قال: “الحديث الأمريكي عن تأثير الضربات على قدراتنا العسكرية مجرد تسلية لحفظ ماء الوجه، فالأمريكيون يعترفون بدءاً من الرئيس وقادة الجيش بعجزهم عن منع الضربات اليمنية للسفن المرتبطة بإسرائيل”.
وفي سياق الموضوع فإن أحد المصادر العسكرية ذكر بأن الغارات الأمريكية البريطانية تستهدف في بعض الأحيان مجسمات لصواريخ ومسيّرات تستخدمها صنعاء لتشتيت واستنزاف العدو، بحيث أن الطيران التجسسي والأقمار الصناعية لا تستطيع التمييز بين الصواريخ والمسيرات المجسمة أو الحقيقية.
كما أن واشنطن تفتقر للمعلومات بشكل كبير في اليمن فيما يخص مناطق تواجد الأسلحة، وهذا ما أكدته مجلة نيوزويك الأمريكية بقولها:” إنه على الرغم من قوة مجتمع الاستخبارات الأمريكي إلا أنه ليس لديه صورة كاملة عن مكان التخزين والإنتاج للمعدات العسكرية في اليمن”، ووصفت المجلة بأن الضربات الأمريكية ضد اليمن فاشلة على المستوى الاستراتيجي، حيث قالت:” لم تفشل الضربات الأمريكية كاستراتيجية للردع فحسب، بل كاستراتيجية للإجبار أيضاً”.
الخسائر المالية
هذا الاستنزاف للقدرات الأمريكية ليس بالأمر السهل بل إنه سيكلّف واشنطن خسائر مالية كبيرة خصوصاً وأن صواريخ توماهوك التي استخدمتها البحرية الأمريكية لضرب بعض الأهداف في اليمن غالية الثمن، إذ أن سعر الصاروخ الواحد من هذا النوع يتجاوز أكثر من مليون ونصف دولار.
كما أن مخزون البحرية الأمريكية من هذا النوع من الصواريخ قليل جداً وتعقيباً على هذا الموضوع فقد قالت مجلة التايم الأمريكية بأن:” الضربة الافتتاحية في 12 يناير على “الحوثيين” استهلكت 80 صاروخاً من صواريخ توماهوك للهجوم الأرضي، وهو أكثر من نصف إنتاج صواريخ توماهوك السنوي”.
وأشارت المجلة إلى أن “الحملة الطويلة من الضربات البحرية وصد الصواريخ ضد “الحوثيين” هي أسوأ رد فعل على الإطلاق، لأنها تعني استمرار البحرية الأمريكية في الغرق في رمال الشرق الأوسط من أجل هدف غير قابل للتحقيق”.
أدوات الضغط السياسية والاقتصادية
ويرى خبراء ومحللون بأن تفعيل واشنطن لعدد من أوراق الضغط السياسية والاقتصادية ضد صنعاء مثل إعلانها في 17 يناير الماضي إعادة تصنيف حركة أنصارالله “جماعة إرهابية” وتحديدها مهلة شهر لإدخال القرار حيز التنفيذ وربط إلغائه بشرط إيقاف أنصار الله لهجماتهم في البحر الأحمر.
وكذلك تلويح واشنطن عبر مبعوثها إلى اليمن تيموثي ليندركينج بإفشال السلام في اليمن في حال استمرت صنعاء بتنفيذ الهجمات، حيث قال في أحد تصريحاته لقناة الجزيرة: “على الحوثيين إدراك أنه لا يمكن تحقيق سلام بينما هم يهددون اقتصاد العالم”، يرى خبراء بأن تفعيل واشنطن لهذه الأوراق وغيرها يدل على فشلها العسكري في تحقيق أهدافها، لأنها لم تكن بحاجة لاستخدام كل هذه الأوراق إذا نجحت عسكرياً.
كما نشير إلى أن أحد أسباب فشل التحالف الامريكي البريطاني يتمثل في رفض غالبية دول العالم الانخراط في تحالف ” حارس الازدهار” وبالخصوص الدول الأوروبية وكذلك الدول المشاطئة للبحر الأحمر، ناهيك عن عدم قانونية هذه الهجمات التي شنت بدون أي سند من القانون الدولي ودون إطلاع مجلس الأمن بل حتى دون إطلاع أعضاء الكونغرس الأمريكي.