منذ بدء عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحرين الأحمر والعربي قبل أربعة أشهر وحظر الملاحة المرتبطة بكيان العدو الصهيوني نصرة للشعب الفلسطيني المظلوم في غزة حرص الجيش اليمني في عملياته على سلامة طواقم السفن المستهدفة التي ترفض الاستجابة لتحذيراته فبقيت عملياتها بيضاء تقتصر على الخسائر المالية فقط.
فبين الاستيلاء على السفينة الصهيونية “ليدر جلكسي” في ال19 من نوفمبر الفائت، وبين إغراق السفينة البريطانية “روبيمار” في ال19 من فبراير الحالي، لم تسجل حتى إصابة واحدة لأي من طواقم أكثر من ثلاثين سفينة مستهدفة ما يعكس الجانب الأخلاقي لليمن في معركتها والتي تخوضها بهدف رفع الحصار، ووقف حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني بأسلحة أمريكية فتاكة عادلت، أربع قنابل نووية كتلك التي ألقتها واشنطن على مدينة هيروشيما اليابانية.
وقد لفت انتباه مراقبين وخبراء عسكريين، ماورد في بيان القوات المسلحة أمس التي أعلنت فيه عملية استهداف السفينة “RUBYMAR” وحرصها على مغادرة طاقم السفينة أثناء العملية قبل معاودة الضربات الصاروخية التي أدت إلى غرق الباخرة في خليج عدن، مشددين على أن ذلك يعد انتصارا أخلاقيا لليمن في موجهة الغرب بقيادة أمريكا الذي يدعي حماية حقوق الإنسان والمرأة والطفل ويمارس خلاف ذلك على أرض الواقع.
وفي مداخلة لقناة المسيرة، ركز الخبير العسكري اللبناني العميد عمر معربوني “على مسألة مهمة وردت في البيان وهي حرص القوات المسلحة اليمنية على سلامة طاقم السفينة”، مؤكدا أن “هذا يعني بشكل أو بأخر تأكيد البعد الأخلاقي في هذه المواجهة، وأن الهدف ليس القتل وإنما الضغط باتجاه وقف الحرب الهمجية المتوحشة على أهلنا في قطاع غزة”.
الكاتب والمفكر الفلسطيني عدنان الصباح من جهته شدد على أن “الرسالة الأهم في العملية ضد السفينة البريطانية هي أن اليمن كان حريصا على سلامة طاقم السفينة وأنها سمحت للطاقم بالمغادرة” معتبرا أن هذه الرسالة مهمة جدا، ففي الحال الذي تقوم به قوات العدو وبدعم وأسلحة الولايات المتحدة بقتل وذبح وتدمير والاعتداء على كل مستشفيات قطاع غزة يحرص اليمنيين على سلامة طاقم الباخرة ويسمحوا لهم بالمغادرة.
ويضيف عدنان الصباح، هذا هو الفرق بين أولئك الذين يقاتلون للحق في فلسطين واليمن ولبنان هؤلاء الذين يقاتلون من أجل حق الحياة؛ وبين أولئك الذين يعتدون على هذا الحق، مردفا تتكشف الأخلاق والقيم الإنسانية فيما قاله العميد يحيى سريع عن ضمان سلامة طاقم الباخرة، هذه هي قيم المقاومة وقيم أمتنا.
وعلى ذات السياق، يقول الخبير العسكري اليمني العميد عبدالغني الزبيدي، “أركز على مسألة مهمة لاحظوا وأننا في هذا الجانب ونحن نتعامل مع جانب عسكري نتعامل مع جانب إنساني وقيمي وأخلاقي فيما يتعلق باستهداف السفينة، استهدفنا السفينة وأتحنا المجال ليخرج الطاقم العامل بها وهذه سابقة يفترض أن تقرأ من قبل هؤلاء الذين يتحدثون على القانون الدولي والإنساني وهم يرتكبون الجرائم المشاهدة وأمام مرأى ومسمع من العالم وعدسات التلفزيون في المستشفيات والمدارس وغيرها”.
وعن إجراءات القوات المسلحة اليمنية قبل ضرب السفن الأمريكية والبريطانية والصهيونية، يرى الخبير العسكري العميد أمين حطيط “أن قرار اليمن الذي اتخذه بمنع مرور السفن المبحرة إلى كيان العدو، وحظر الملاحة البحرية التي تخدم هذا الكيان يتم تنفيذه على درجتين الأولى توجيه الإنذار لوضع القرار موضع التنفيذ فإذا التزم المعني بالقرار بالتحذير يكون قد نفذ القرار وامتنعت الملاحة، وإذا أصر من وجه إليه الإنذار على تحدي القرار تكون النار في مواجهته”.
وينوه حطيط بتقيد القوات المسلحة اليمنية بقواعد الصراع وتوفير الأمن والسلامة للسفينة المستهدفة، لأنها لا تهاجم السفن بمجرد خرقها للتحذيرات السابقة بل يسبق ذلك الإنذار ثم إطلاق النار.
يرى مراقبون أن الأخلاق والقيم الإنسانية ليست شعارات فقط بل هي مبادئ وممارسات تثبتها الأفعال لا الأقوال، فأمريكا ترفع عناوين الحرية وحقوق الإنسان والنساء والطفل لكن كشف الواقف زيف ادعاءاتها فهي تساعد الكيان الصهيوني وتمده بالسلاح والغطاء السياسي لمواصلة ارتكاب حرب الإبادة وتمنع رفع الحصار عن أهالي غزة، بل وتكذب بشأن الضحايا المدنيين الذين تجاوزوا مائة ألف شهيد وجريح جلهم نساء وأطفال، وتزعم بكل “وقاحة” أنه لم يسقط مدني واحد في هذه الحرب.
وكذلك كشفت حرب غزة زيف الهالة الإعلامية البراقة الصهيونية عن جيشها والتي سوقت له على أنه الأكثر أخلاقية في العالم ولكن أمام المدنيين العزل وأمام الكاميرات ثبت غير ذلك تماما فهذا الجيش يدمر ويخرب ويسرق، بل ويتفاخر ويوثق قتل الأطفال والنساء والمدنيين بدم بارد وبعشرات الآلاف، ولسان حالهم يقول “ليس علينا في الأميين سبيلا”.