أملاً في بلوغ إنجاز لم يتحقّق بعد، أعلن نتنياهو أنه أوعز إلى الجيش بإعداد الخطط اللازمة لاجتياح رفح، واعتبر في مقابلة مع شبكة “إيه بي سي” الأميركية: “إن من يقولون لإسرائيل إنه لا ينبغي لها اجتياح رفح وكأنهم يقولون إن عليها خسارة الحرب”. في سياق ذلك ارتكب الاحتلال مجزرة جديدة في مدينة رفح كمقدمة لاجتياحها على ما يبدو.
انتقاد أميركي “علني”
قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن نتنياهو يتحدّى بايدن من خلال تأكيده على خطط العملية العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، والتي ترفضها الإدارة الأميركية. ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن نتنياهو يسعى إلى تمديد الحرب في غزة، نظراً إلى ما تظهره استطلاعات الرأي من تراجع شعبيته وتراجع دعم مواطني “إسرائيل” القوي لحربها ضد حركة حماس.
من الجدير التأكيد بأن أي صفقة للتبادل في ظل الوضع الراهن المفتقد لأي نصر عسكري ستنتهي بموت نتنياهو سياسياً، وستؤلّب عليه حلفائه من اليمين المتطرّف، ومع انخفاض شعبيته بحسب استطلاعات الرأي يعتبر نتنياهو أن عملية رفح ستكون “لعبته الأخيرة” التي ستعيد له الدعم الشعبي بين قاعدة ناخبيه التي تتقلّص يومياً، وبالمناسبة هؤلاء الناخبون يحبّون رؤية نتنياهو يقف في وجه الإدارة الأمريكية.
في هذا الصدد، هناك مخاوف لدى إدارة بايدن من تآكل شعبيته بين الناخبين مع استمرار دعمه لإسرائيل، لذا من المرجّح أن نشاهد اعتراضات أميركية واسعة لسلوك إسرائيل في الأشهر القادمة قبل الانتخابات الأميركية، بعض منها حقيقي والكثير منها مفتعل وهدفه إعلامي صرف. في هذا الصدد، قال “بن رودس” نائب مستشار الأمن القومي السابق للرئيس الأسبق باراك أوباما لصحيفة “واشنطن بوست” إن تغيير لهجة بايدن بالحديث علناً عن نتنياهو لن يغير شيئاً طالما أن بايدن يدعم العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة دون شروط ويمنح نتنياهو “شيكا على بياض”، وفق تعبيره.
هذا لا يعني أن بايدن لا يضع خطوطاً حمراء على قرار “النشاط العسكري” الإسرائيلي في رفح، في هذا الإطار، كتبت صحيفة الأخبار بأن “واشنطن تريد عملية بسقف زمني ومدى جغرافي يضمن لها عدم تكرار ما حصل في بقية المناطق. ويتحدث الأميركيون كثيراً عن الصورة المقلقة التي تظهر على الشاشات، وأنهم يتلمّسون الحرج أمام الرأي العام، وخصوصاً بعد قرار المحكمة الدولية”.
لا ممانعة مصرية لقرار العملية عسكرية في رفح
من المرجّح أن العملية البرية في رفح لن تبدأ إلا من خلال تحقق شرطين:
أولاً، إخلاء واسع النطاق للمواطنين من رفح ومحيطها، لكن بشرط مصري بمنع تجاوز أي نازح الحدود باتجاه سيناء، وتشير بعض المعلومات إلى احتمالية انتقالهم إلى المناطق الغربية من قطاع غزة، ويقدّر عدد المتواجدين في رفح ما بين 1.2 – 1.4 مليون فلسطيني، بعد أن أجبر جيش الاحتلال الإسرائيلي مئات آلاف الفلسطينيين شماليّ قطاع غزة على النزوح إلى الجنوب.
ثانياً، اتفاق بين إسرائيل ومصر بشأن نشاط الجيش الإسرائيلي ضد الأنفاق في محور فيلادلفيا.
في هذا الإطار كشفت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، بأن المسؤولين المصريين أبلغوا الجانب الإسرائيلي بأنهم لن يعملوا على منع أي عملية عسكرية في رفح، طالما جرت دون المسّ بالمدنيين الفلسطينيين هناك. وتابعت الإذاعة بأن مصر تخشى فرار الغزيين إلى أراضيها في حال إقدام الجيش الإسرائيلي على عملية عسكرية في رفح. وفي المقابل، فإن التهديد بتجميد اتفاقية السلام يأتي في إطار الاستهلاك الإعلامي والرسائل الموجهة إلى الجمهور المصري، وفق مصادر الإذاعة.
أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) ومجلس الحرب بأنه يجب إنهاء العملية العسكرية البرية في رفح مع حلول شهر رمضان، في العاشر من مارس/آذار المقبل، واستطاع انجاز مقدمات الهجوم البري بتنسيقه مع مصر والولايات المتحدة، بعد موافقة منهم مشروطة بخطوط حمراء لا تترك تداعيات سلبية عليهم.