تحت عنوان “كيف استخرج الحوثيون المعلومات التجارية لتحديد أهدافهم”، نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرًا يكشف عن كيفية استخدام أنصار الله في اليمن لمعلومات استخباراتية لتحديد أهدافهم من بين جمسع السفن.
وقال التقرير أن الحوثيون في اليمن يستخدمون طرقًا ذكية ومبتكرة في تنفيذ هجماتهم البحرية. فقد أفاد خبراء ومسؤولون لموقع Middle East Eye بأنهم يعتمدون على مزيج من الاستخبارات البحرية المفتوحة المصدر. هذا التعاون يمكنهم من تحديد أهدافهم بدقة وتنفيذ هجمات فعالة في المياه البحرية.
وتابع: يعد استخدام الحوثيين لبيانات الملاحة البحرية المتاحة للجمهور وغيرها من المعلومات التي يمكن الحصول عليها من خلال الاشتراكات المدفوعة على مواقع الاستخبارات البحرية حالة غير مسبوقة. فهم يستغلون هذه المعلومات لتحقيق أهدافهم وتنفيذ هجماتهم البحرية. وما يجعل هذه الحالة أكثر تعقيدًا هو أن هذه المعلومات مفتوحة المصدر ويمكن الوصول إليها على نطاق واسع في الغرب، وبالتالي تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
ووفقًا لكوري رانسلم، الرئيس التنفيذي لشركة درياد جلوبال لاستشارات المخاطر البحرية والأمن، فإن الحوثيين أظهروا قدرتهم على الوصول إلى كميات ضخمة من البيانات المتاحة في المجال البحري، باستخدام أجهزة الكمبيوتر والإنترنت، وربما بمساعدة شبكات الخصوصية الافتراضية (VPN). هذا يشير إلى أن لديهم قدرة فريدة على الاستفادة من المعلومات الموجودة على الإنترنت واستخدامها في تحقيق أهدافهم البحرية.
وتابع التقرير: الحوثيون، الذين كانوا في الأصل مجموعة متمردة جبلية في اليمن، وقد وصفهم أحد المشرعين الأمريكيين بلقب “رعاة الماعز”، وهو لقب استخدم للتهكم عليهم. قد اكتسبوا شهرة عالمية بسبب هجماتهم البحرية الجريئة باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ، دعما لفسطين.
نظام التعرف التلقائي “AIS”
وأضاف التقرير أن بيانات AIS (نظام التعرف التلقائي) هي نقطة البداية لهجمات الحوثيين، كما يقول مسؤولو الدفاع الغربيون وخبراء الاستخبارات البحرية، وهي مصدر أساسي لتحديد هوية السفن وتتبع حركتها في المياه البحرية. يستخدم العديد من الأشخاص والجهات المختلفة هذه البيانات لأغراض متعددة، بدءًا من التواصل الاجتماعي وصولاً إلى الصحفيين والقوات البحرية.
وتعتمد تقنية AIS على أجهزة الإرسال والاستقبال عبر الأقمار الصناعية لتبادل معلومات الملاحة بين السفن. وتتضمن هذه المعلومات موقع السفينة ومعلومات السفر والسرعة والهوية وغيرها. وتتوفر هذه البيانات للعامة عبر منصات مثل Marine Traffic
وتقوم السفن بتحديد موقعها عبر أجهزة الإرسال والاستقبال عبر الأقمار الصناعية، والمعروفة باسم أنظمة التعريف التلقائي، أو AIS. باستخدام إشارة AIS، يمكن التقاط موقع السفينة ومسارها. يقول رانسلم إن مواقع مثل Marine Traffic توفر بيانات AIS، ولكن يمكن أيضًا الحصول عليها باستخدام هوائي وجهاز استقبال منزلي.
وأوضحت التقارير أن أنصار الله يقومون بالتواصل المباشر مع السفن التي تسافر عبر البحر الأحمر من خلال نظام الهوية التلقائي، حيث يستخدمون هذا النظام (AIS) للإشارة بأنهم يسافرون مع طاقم صيني أو تركي، أو حتى للتعبير عن عدم وجود أي اتصال مع إسرائيل بهدف تجنب الهجمات.
وأشار نيكوس جورجوبولوس، الضابط السابق في القوات الخاصة اليونانية وخبير الأمن البحري، إلى أن الحوثيين يعتمدون على المعلومات البحرية العامة مثل نظام تحديد المواقع (AIS) لتنفيذ هجماتهم. ومع ذلك، يحتاجون أيضًا إلى المزيد من المعلومات لتحقيق نجاح هجماتهم، وهذه المعلومات قد تكون صعبة العثور عليها.
ويشير جورجوبولوس إلى أن هذه المعلومات غالبًا ما تكون متاحة في مجال الأعمال التجارية والاستخبارات البحرية، بدلاً من الصحراء اليمنية. يشير هذا إلى أن الحوثيين ربما يعتمدون على تجسس أو استخبارات للحصول على معلومات إضافية التي تمكنهم من تنفيذ هجماتهم بنجاح.
تعليق ميشيل وايز بوكمان، كبيرة محللي الشحن في Lloyd’s List Intelligence، يشير إلى أن المواقع المجانية مثل Marine Traffic لا توفر الوصول إلى تتبع السفن عبر الأقمار الصناعية، وهو ما يحتاجه الحوثيون لاستهداف السفن بشكل فعال. هذا يشير إلى أن الحوثيين قد يحتاجون إلى مصادر إضافية للحصول على بيانات السفن وتحركاتها في البحر. بالإضافة إلى تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ، تقول الولايات المتحدة أن إيران تقدم لهم معلومات استخباراتية وخبرة في الوقت الحقيقي لتنفيذ هجماتهم.
فشل الاستخبارات الغربية تحديد طريقة الحوثيون
تقارير تشير إلى أنه في السابق، كان هناك اعتقاد بأن إيران تمتلك سفينة تجسس في البحر الأحمر قد تساعد الحوثيين في تحديد مواقع السفن. وفقًا لموقع Tankertackers.com، غادرت هذه السفينة البحر الأحمر في منتصف يناير/كانون الثاني وعادت إلى ميناء بندر عباس الإيراني.
ومع ذلك، لا تزال الطريقة التي تحددها أهداف الحوثيين غير واضحة وتثير نقاشًا في أوساط الدفاع والأمن.
ويشير مسؤول إلى أنه حتى وكالات الاستخبارات الغربية غير متأكدة بشكل قطعي من الجهة التي تقوم بتحديد الأهداف. وبدون توفر معلومات استخباراتية محددة، يُعتقد أن الحوثيين يقومون بجمع المعلومات بأنفسهم باستخدام بيانات مفتوحة المصدر والرادار.
يُذكر أن الولايات المتحدة قد استهدفت مواقع الرادار والطائرات بدون طيار التابعة للحوثيين في ضرباتها الجوية، بهدف الحد من قدرتهم على تتبع السفن. وعلى الرغم من تعرض الحوثيين لقصف مكثف من التحالف العسكري بقيادة السعودية على مر السنين، إلا أنهم يعملون ببراعة باستخدام معداتهم على المركبات، وفقًا لتقرير صادر عن مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت. بالإضافة إلى ذلك، يتمتع الحوثيون بتقاليدهم البحرية التي تمتد لعدة قرون، وهذا يعطيهم مزايا في مجال العمليات البحرية.
وقال رانسلم، من شركة Dryad Global، إن شركته اكتشفت أنماطًا من الاقتراب المشبوه من السفن بواسطة المراكب الشراعية الصغيرة، “بعد ساعات قليلة تعرضت تلك السفن نفسها للهجوم”. ويقول: “إنها حالة نموذجية للاستطلاع البصري للمدرسة القديمة”.
وأضاف التقرير أن ملاك السفن والمشغلون الإسرائيليون، مثل “زيم”، استسلموا تقريبًا في البحر الأحمر، وبعدها وسع “الحوثيون” حملتهم لتشمل جميع السفن التي تزور “إسرائيل”
وتابع: من المعروف أن الحوثيين قد استهدفوا السفينة ستريندا التي ترفع العلم النرويجي بعدما رصدوا أنها كانت في طريقها إلى ميناء أشدود الإسرائيلي، وذلك استنادًا إلى المعلومات التي وجدوها على موقع الإنترنت للميناء. يُذكر أن الحوثيين أعلنوا أنهم سيستهدفون بشكل واسع أي سفن مرتبطة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة منذ بدء إدارة بايدن حملتها الجوية.
إضافةً إلى ذلك، يقال أن الضباط الحوثيين في التسلسل القيادي يحاولون الحصول على رقم المنظمة البحرية الدولية (IMO) الخاص بالسفينة. والرمز المكون من سبعة أرقام والمكتوب على السطح الخارجي للسفن هو رقم IMO (المنظمة البحرية الدولية). يعتبر الرقم IMO هوية فريدة لكل سفينة ويساعد في تتبع وتعريف السفن على المستوى الدولي.
استهداف دقيق
وأوضح التقرير أن الحوثيين يحاولون استهداف السفن الصحيحة التي تكون مستهدفة لأغراضهم، وعلى العكس من ذلك، يفضلون عدم استهداف السفن الخطأ. هذا يشير إلى أهمية تحصيل معلومات دقيقة واستخدام طرق استخباراتية فعالة لتحديد السفن المستهدفة وتفادي الأضرار المتعلقة بالسفن الغير مستهدفة.
ونقلت ميدل إيست آي عن ديرك سيبيلز، خبير الأمن البحري في شركة “ريسك إنتيليجنس” وهي شركة دنماركية لتقييم المخاطر، انه قال إن حديث الولايات المتحدة بأن “الحوثيين” يستهدفون السفن بشكل عشوائي في البحر الأحمر، حجة سياسية، وليست مدعومة بالمعلومات المتوفرة.
وأشار التقرير إلى تدفق شركات الشحن الصينية إلى البحر الأحمر، وتسلط الضوء على هجمات أنصار الله على السفن في المنطقة. وقد أعلن الحوثيون أنهم لن يستهدفوا السفن القادمة من الصين وروسيا ما لم تكن مرتبطة بإسرائيل.
وبالرغم ان شركة كوسكو، المالكة للسفن الصينية الكبرى، غيرت مسارها الا ان خطوط شحن صينية جديدة ظهرت تعبر البحر الأحمر من خلال موانئ في إسطنبول وجدة.