معضلة الهجرة تطفو من جديد في الولايات المتحدة الأميركية على وقع التوتر الحاصل في تكساس الأميركية، والتحدّي بين حاكم الولاية والرئيس بايدن، بالإضافة إلى أن 25 ولاية تُبدي نيتها تقديم الدعم. يرجع أصل الخلاف الحالي إلى قضية لطالما تصدّر فيها الرئيس السابق دونالد ترامب، ألا وهي قضية الهجرة من المكسيك إلى الولايات المتحدة. على الجهة المقابلة يدعم الديمقراطيون الهجرة غير الشرعية من المكسيك. وهنا يُطرح السؤال التالي: لماذا يدعم الديمقراطيون دخول المهاجرين؟
للإجابة عن هذا السؤال يعتبر الباحث في معهد الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، فيكتور ميزين، بأن سبب أزمة الهجرة في جنوب الولايات المتحدة هو المصالح الأنانية للحزب الديمقراطي الأميركي. وقال: “دخول المهاجرين غير الشرعيين ليس فقط لا يتوقف، بل يجري تشجيعه، لأنهم في قيادة الحزب الديمقراطي يأملون في أن يؤدي هذا الحشد الضخم من المهاجرين اللاتينيين ومنح حقوق الإقامة المؤقتة وحتى المواطنة بسرعة إلى خلق احتياطي سيضمن التصويت في المستقبل للديمقراطيين. هذا يجعل الجمهوريين يسنون أسنانهم”.
وبحسب ميزين، ورغم خطورة الوضع، فإن هذه الأزمة لن تؤدي إلى صراع مسلح، بل ستُحل دون دماء: “لن تكون هناك حرب أهلية، لكن هذه الأزمة الواضحة تدل بالتأكيد على حالة البلد بأكمله، على الحياة الاجتماعية والسياسية الداخلية بالولايات المتحدة، وخاصة عشية الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل هذا العام”.
استغلال ترامب للأزمة
يستخدم الجمهوريون قضية الهجرة باستمرار لمهاجمة خصومهم من الحزب الديمقراطي، ومن المتوقع أن تزداد حدّة هذه الانتقادات مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وهو ما يحاول ترامب أن يواجه به بايدن لكسب السباق الرئاسي من جديد، حيث اتهم بايدن بالفشل في التعامل مع قضية المهاجرين بشكل صحيح، في المقابل تعتبر الإدارة المركزية أن الدستور الأميركي يؤكد أن السيطرة على حدود البلاد مسألة فيدرالية ويحق للإدارة الأميركية أن تتصرف فيها وفق ما تراه صحيحاً. تجري هذه الأحداث في ظل انتقادات لاذعة يطلقها ترامب بوجه بايدن واتهام إدارته أنها تستعمل نظام العدالة والانتخابات كسلاح ضده، ووصفِه بأكثر الرؤساء فساداً في تاريخ الولايات المتحدة.
خلال فترة حكم ترامب تم تشديد الرقابة على الحدود بشكل كبير للغاية، حيث شيّد جداراً فاصلاً، لكن مع وصول بايدن تغير هذا الوضع، والفارق أن حاكم تكساس ومعه أكثر من 20 ولاية أخرى هم من الحزب الجمهوري، ولا يزالون متمسكين بالإجراءات التي تحدث عنها ترامب في السابق، والجدير بالذكر، أن تكساس تكتسب خصوصية في قضية المهاجرين، نظراً لارتفاع معدل الهجرة إليها بشكل هائل، ولذلك اتخذت الولاية إجراءات فردية للحد من قضية الهجرة، ففي السابق استخدمت الأسلاك الشائكة لمنع تدفق المهاجرين من المكسيك. واليوم يدعو ترامب جميع الولايات إلى نشر حراسها في تكساس حتى يتوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين.
ستؤثر أزمة تكساس على الانتخابات الرئاسية الأميركية، وهي بدأت بالفعل، وسيتقاذف الجمهوريون والديمقراطيون الاتهامات تصاعدياً مع اقتراب موعد الانتخابات في نوفمبر، لكن ستكون المعضلة الكبرى الوجودية للولايات المتحدة، انفصال تكساس لما يشكله ذلك من مخاطر اقتصادية وسياسية.
في هذا السياق، تحت عنوان “كيف تعزز معركة حاكم تكساس على الحدود الدعوة إلى انفصال الولاية؟” أوردت مجلة نيوزويك مقالاً يطرح فيه الكاتب فكرة انفصال ولاية تكساس عن الولايات المتحدة الأمريكية يقول فيه” إذا تحولت التوترات إلى أزمة، فهناك كثير من الفصائل، بما في ذلك القوميين من تكساس، على استعداد لتغيير الجغرافيا السياسية لأمريكا الشمالية. وربما تكون المفارقة الكبرى هي أن القوة الوحيدة القادرة على إسقاط الولايات المتحدة، الكيان السياسي الأقوى بالتأكيد في تاريخ البشرية، هي الولايات المتحدة نفسها”.