قد يظن البعض بأن ميزة “الدقة” تقتصر فقط على الصواريخ الباليستية، أو على الصواريخ الذكية ذات التكنولوجيا المتطورة فقط، فلا تشمل الصواريخ المدفعية مثل تلك التي يملكها محور المقاومة (غراد 122 ملم، فجر، زلزال…). لكن الجمهورية الإسلامية في إيران، تمكنت خلال السنوات الماضية من تطوير هذه الفئة من الصواريخ أيضاً، واستطاعت إنتاج نماذج دقيقة الإصابة منها، ما يُشكّل كابوساً لأعدائها، وفي مقدمتهم الكيان المؤقت، لأن ما تصل إليها الصناعات العسكرية الإيرانية من تطور وتقدم، سيتم نقله حتماً الى باقي ساحات محور المقاومة.
فدقة هذه الصواريخ يمكن الاستفادة منها من خلال تدمير أهداف محددة ومختارة للعدو، مثل مقرات القيادة والعمليات والسيطرة وأماكن التجمع والمباني الفنية ومباني الدعم وغرف التوجيه والتحكم بالطائرات بدون طيار ومرافق الاتصالات ومنظومات الجمع والرصد القتالي وغيرها الكثير من الأهداف الحسّاسة. وتقلّل دقة هذه الصواريخ من استهلاك الذخيرة بالتزامن مع زيادة فعالية نيران الدعم المدفعي بشكل كبير. ومن المزايا الأخرى لها، أنها أقل أضراراً جانبية، وهو أمر مهم بشكل خاص لدى حركات المقاومة، الذي تحرص عند استخدامها لهكذا صواريخ من وقوعها في مناطق قريبة من المناطق المدنية (إلا في حالات الردّ بالمثل على الجرائم الإسرائيلية).
وتعدّ صواريخ “فجر” وغراد 122 ملم، من أكثر الصواريخ المدفعية التي تمتلكها حركات محور المقاومة أو تمتلك نماذج مماثلة لها بتصنيع محلي، وخاصة المقاومة الفلسطينية والمقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله.
ويمكن تحويل الصواريخ المدفعية الى صواريخ دقيقة، من خلال تركيب نظام الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية، واستخدام أنظمة تحديد المواقع العالمية مثل GPS و GLONASS لتوجيه الصاروخ بدقة، عبر التحكم بالجنيحات والزعانف المركبة على بدن الصاورخ، للوصول إلى الإحداثيات المطلوبة.
صواريخ فجر الدقيقة
عائلة فجر الصاروخية (فجر 5 وفجر 4 من عيار 333 ملم ورأس حربي 90 كغ)، هي من أكثر الأنظمة المستخدمة لدى حركات المقاومة ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، كونها تتيح ضرب أهداف في مديات تتخطى الـ 20 كم (مدى صاروخ غراد 122 ملم النهائي).
تم البدء بتصنيع وتطوير هذه المنظومة منذ التسعينيات. إلا أنه في العام 2017، قدمت إيران طرازاً مختلفاً، وهو فجر-5 سي، والذي يمكن توجيهه عبر نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
وفي العام 2023، فقد تم الكشف عن نسخة جديدة من صواريخ فجر 5 دقيقة وذات قدرة تدميرية كبيرة، كونها مزودة برأس حربي حراري.
أما فجر – 4 فقد تم تطوير عدّة نسخ دقيقة منه:
1) GF4R: نسخة توجيه عبر القمر الصناعي مع أربعة أجنحة توجيه في الأمام وثمانية أجنحة تثبيت في الخلف. ويبلغ طول هذا الإصدار حوالي 5.2 متر.
2) F4FL:تحتوي هذه النسخة على نظام توجيه بصري، لأن الكاميرا الضوئية موجودة في الجزء العلوي من الصاروخ، رغم أن البعض يعتبرها مزيجًا من التوجيه عبر الأقمار الصناعية والتوجيه البصري، وقد صنعت هذه النسخة للتعامل مع الأهداف المتحركة، مثل الأهداف البحرية.
3)في العام 2020، تم الكشف لأول مرة عن صاروخ فجر – 4 الدقيق الذي يتم إطلاقه من الطائرات الحربية (طائرة سوخوي Su-22)، وهناك نوعان منه فجر 4 وفجر CL4.
وفي العام 2022، عرض صاروخ جديد في معرض منجزات منظمة الصناعات الدفاعية وهو من عائلة فجر 4 أو فجر 3 ويبدو أنه يستخدم باحث بصري أو ليزر، ويتم وضع وحدات التحكم لهذا الصاروخ الموجه في منطقة الأعلى منه.
غراد 122 ملم (آرش هو اسم النسخة الإيرانية لهذا الصاروخ)
تم في السنوات الأخيرة تنفيذ العديد من المشاريع من أجل تطوير صواريخ 122 ملم لكي تصبح موجهة. واستطاعت وزارة الدفاع والاكتفاء الذاتي الإيرانية تصنيع نسخة من الصاروخ بزعانف توجيه بهامش خطأ أقل من 20 مترا. أما مشروع الاكتفاء الذاتي للقوات البرية والجوية التابعة لحرس الثورة الإسلامية فقد استطاع تطوير هذا الصاروخ لكي يصل الى هامش خطأ أقل من 7 أمتار.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
علي نور الدين