الرئيسية زوايا وآراء حديث الإثنين: اليمن وبريطانيا بين الأمس واليوم

حديث الإثنين: اليمن وبريطانيا بين الأمس واليوم

قبل خمسة وعشرين عاما كتبت مقالا اخترت له عنوانا : (صحافة بريطانيا المسعورة ) رديت فيه على حملة الحكومة والصحافة البريطانية ضد اليمن نشر في صحيفة 26 سبتمبر بتاريخ 14 يناير عام 1999 م نهاية القرن الماضي العدد 838 وهو ما يذكرنا بالحملة الاعلامية التي تقوم بها الحكومة البريطانية وصحافتها حاليا ضد اليمن وتحاملها على قيادته.

ومن المفارقات إن رئيس الوزراء سوناك المعروف بأصوله الهندية الذي استعمرت بريطانيا بلده الهند ونهبت ثرواته وأضعفته هو من يقود بنفسه الحملة الاعلامية على اليمن في مجلس العموم البريطاني وعلى الهواء مباشرة ليثبت ولاؤه وإخلاصه كما يفعل المتجنسون اليمنيون في السعودية وإمارات الخليج الذين انسلخوا من جلودهم ومتيحا الفرصة للعديد من أعضاء مجلس العموم للمشاركة في هذه الحملة الظالمة دعما ومساندة لأمريكا التي تورطت في البحر الأحمر واعتدت على اليمن ولم تعد قادرة على الخروج من ورطتها.

ولذلك تقوم أمريكا بتأليب المجتمع الدولي على اليمن من خلال نشرها الأكاذيب والدعايات المغرضة والمضللة وتعمل على توريط دول أخرى إلى جانبها والهدف معروف يتمثل في عسكرة البحر الأحمر حماية لربيبتها اسرائيل وفي محاولة منها لإنقاذها من هزيمة محققة ستحل بها قريبا على أيدي رجال الله في المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة الصامدون في وجه الجيش الصهيوني للشهر الرابع على التوالي.

الحقد البريطاني على الشعب اليمني قديم وليس جديدا ولكنه يزداد قوة مع مرور الأيام لأن اليمن هو البلد الوحيد بين كل البلدان التي استعمرتها بريطانيا الذي استطاع شعبه أن يتصدى لها وأذلها وحجم امبراطوريتها التي لم تكن تغيب عنها الشمس وأعادها إلى حجمها الطبيعي كجزيرة في القارة الأوروبية وما مشاركتها لأمريكا في العدوان على اليمن مؤخرا إلا ترجمة عملية لما تكنه القيادة البريطانية من عداء سافر وحقد دفين ضد اليمن وشعبه العظيم وكأن ما تقوم به هو حق مشروع للانتقام من الشعوب التي دافعت عن نفسها لإخراج المستعمر البريطاني من أراضيها وقد سبق لي أن أشرت في المقال الذي نشرته في هذه الصحيفة تعليقا على ما قامت به بريطانيا من تدمير للعراق وكان الاعلام البريطاني يقف إلى جانب ما تقوم به حكومته مبررا لها هذا العمل الإجرامي.

وكذلك عندما شنت حملة اعلامية ضد اليمن آنذاك لأنه أعترض على ارسال بريطانيا لمتطرفين يحملون الجنسية البريطانية للقيام بأعمال ارهابية في محافظة أبين وكان لهم علاقة مباشرة بالمتطرف المقيم في لندن ابو حمزة المصري ومن ضمن ما قلته في ذلك المقال وكأنه يحدث اليوم أورده هنا للتذكير: ( عندما تتساقط صواريخ وقنابل بريطانيا العظمى على بلد عربي وتدكه حتى الأرض وتهلك الحرث والنسل وتدمر الأرواح والممتلكات فذلك حق مشروع لها تحت طائلة الشرعية الدولية ذات المعايير المزدوجة والنظام العالمي الجديد.

وعندما تفعل بريطانيا كل هذا العبث بالقيم والمثل العليا إن كان بقي هناك من قيم ومثل فإن آلة الاعلام البريطاني لا تكلف نفسها عناء البحث عن الحقيقة والدفاع عن عشرات الألوف من النساء والأطفال والشيوخ الذين يحرقهم سلاح الدمار والقنابل الذكية التي تخترق الملاجئ المكتظة بالهاربين من الموت وتحيلهم إلى كتل من الحمم.

إن الإعلام البريطاني لا يكتفي فقط بالصمت على هذه المحارق التي ترتكب في حق بلد عربي بل يقوم بتحريض آخرين لارتكاب الأعمال البشعة غير المعهودة في دولة تدعي أنها حامية لحقوق الإنسان وعضوا هاما في رابطة الدول التي تنتمي إلى العالم الحر، وتشيع المزيد من تعميق الكراهية بين الشعوب والديانات وتروج للأفكار المريضة التي تدعو لصراع الحضارات بدلا عن الحوار والتسامح.

عندما وقعت حادثة ابين المشئومة وقتل فيها اربعة من السياح ثلاثة منهم بريطانيون وثلاثة من الخاطفين قامت الحكومة اليمنية بواجبها خير قيام في ملاحقة تلك العصابة التي اوضحت التحريات أن معظمهم يحمل جنسيات بريطانية ويقيم في لندن وحماية بقية المخطتفين من قتل محتم، لقد كان يفترض في هذه الحالة أن تتوجه الحكومة البريطانية بالشكر والامتنان للحكومة في نجاحها بإنقاذ الرهائن.

لكنها بدلا من ذلك كشرت عن انيابها الحقيقية وأعلنت بكل وضوح أنها تعاقب اليمن على إدانته العدوان المتغطرس على دولة عربية عزلى من السلاح لم يعد لديها ما تدافع به عن نفسها أمام الآلة العسكرية البريطانية المدمرة ، لقد لجأت الحكومة البريطانية إلى الكثير من المغالطات المتشنجة والنواح على قتل ثلاثة من الرهائن على أيدي المخطتفين بشهادة معظم الناجين الذين برأوا أجهزة الأمن من الضلوع في أي خطأ بل وأشادوا بحكمة المعالجة التي قامت بها أجهزة الأمن لإنقاذ بقية المخطوفين.

أمام كل هذا تصر بعض صحف الإثارة البريطانية مثل الديلي ميل والجارديان والاندبند نت على ممارسة الكذب والتشنيع بدولة صديقة تحاول الابقاء على خيوط الصداقة التي حاولت اليمن صياغتها بالتعاون مع حكومة المحافظين على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، لقد شنت تلك الصحف على اليمن هجوما بعيدا كل البعد عن اخلاق الصحافة التي يفترض فيها السلوك الراقي المتحضر في دولة تعتبر نفسها نموذجا للذوق والقيم الرفيعة.

لقد حشرت تلك الصحف نفسها في مواضيع لا تمت إلى حادثة أبين بصلة وسمحت لنفسها أن توجه نيران غضبها على الشعب اليمني كله… ) أوردت هذا الجزء من المقال لإثبات إن بريطانيا حكومة وإعلاما تسير على نهج واحد معاد لكل الشعوب الحرة التي ترفض الدوران في فلكها وما قامت به من مشاركة فعلية مع امريكا في الاعتداء على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية بحجة واهية مفادها حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر بينما الحقيقة أن هدفها مع امريكا هو حماية السفن المتجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة بعد أن تسبب منعها من المرور في خنق الاقتصاد الاسرائيلي وإحداث الشلل التام في موانئ هذا الكيان اللقيط المطلة على شواطئ البحر الأحمر.

يحدث هذا في وقت يؤكد فيه اليمن ممثلا في قواته البحرية بأن الملاحة الدولية آمنة لكل الدول في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي ماعدا تلك المتوجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني وسبب منعها كما تم الإعلان عنه هو نصرة للأشقاء في فلسطين الذين يتعرضون لإبادة جماعية من قبل الجيش الصهيوني للشهر الرابع على التوالي لا سيما في قطاع غزة على مرئى ومسمع من المجتمع الدولي كله الذي لا يحرك ساكنا.

حتى عندما تقوم امريكا بممارسة الضغوط على مجلس الأمن الدولي واستخدام حق النقض الفيتو لتعطيل قراراته الداعية والملزمة لوقف اطلاق النار في غزة لأن امريكا وبريطانيا تعتبران الكيان الاسرائيلي ربيبهما وأية هزيمة له هي هزيمة بالدرجة الأولى لهما كون هذا الكيان أسسته بريطانيا كخنجر مسموم لطعن الأمتين العربية والإسلامية في ظهريهما وتكفلت أمريكا بحمايته لأنه ينفذ لها أهدافها في المنطقة العربية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
احمد ناصر الشريف

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version