المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    أول تعليق رسمي لصنعاء على الغارات “الإسرائيلية” على المطار

    علق رئيس وفد صنعاء في المفاوضات السياسية، محمد عبد...

    ورد الآن.. عدوان إسرائيلي على العاصمة صنعاء (أماكن الإستهداف)

    شن العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي، مساء اليوم الخميس، غارات...

    تداعيات تصنيف اليمن على لائحة الارهاب: بايدن أمام معضلة جني الثمار!

    بعد أقل من 27 يوماً على تعيينه رئيساً للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني/يناير عام 2021، افتتح الرئيس الرئيس الأميركي جو بايدن عهده بإلغاء تصنيف حركة أنصار الله “كمنظمة إرهابية”، معتبراً أن تصنيفها “خطأ ارتكبته الإدارة السابقة ويعمّق الأزمة الإنسانية في البلاد”. لكن بايدن الذي وضع الحركة على لائحة “الإرهابيين العالميين المحددين” -على الرغم من أن الحصار الإنساني لا يزال قائماً- مع ترك الباب أمام “إعادة تقييم القرار”، بدا وكأنه يُجري مناورة سياسية تقوم على الاستفادة من الفوارق القانونية لكلا التصنيفين، كرسالة ضغط لوقف العمليات العسكرية اليمنية في البحرين الأحمر والعربي.

    في حين، أن تسارع الأحداث في المنطقة التي باتت أشبه بقنبلة موقوتة، قد يقف عائقاً أمام جني البيت الأبيض لثمار هذه الضغوط مع إعلان الحركة استمرارها بفرض الحصار البحري على “إسرائيل” من جهة، وقرب الانتخابات الرئاسية الأميركية من جهة أخرى وسط خلاف متزايد مع الكيان.

    أعلن وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن أن إعادة التصنيف “سيمكن واشنطن من تقييد وصول المجموعة إلى الدعم المالي بشكل أكثر فعالية”. مشيراً إلى أن “القيود والعقوبات المرتبطة بالتصنيف لن تدخل حيز التنفيذ قبل 30 يوماً، وأن التأخير يهدف إلى ضمان الحد الأدنى من تأثير تدفق المساعدات والسلع التجارية إلى المدنيين اليمنيين”.

    وربط بلينكن “التراجع عن هذا القرار” بوقف القوات المسلحة اليمنية هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن “فإن الولايات المتحدة ستعيد تقييم هذا التصنيف”.

    لدى الحكومة الأميركية عدد من أدوات الضغط “الترهيبية” التي تستخدمها في تصنيف الأفراد والمنظمات الأجنبية على أنهم “إرهابيون أو مؤيدون للأنشطة الإرهابية”، ولكل منها مجموعة من التداعيات. وكانت إدارة بايدن قد رفعت الحركة سابقاً من قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية” وقائمة “الإرهابيين العالميين المحددين بشكل خاص”، لكنها قررت إعادة فرض الأخيرة فقط. ويوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر أن “السبب في ذلك هو أن تصنيف “الإرهاب العالمي المصنف بشكل خاص” سيسمح بقدرة أكبر على المناورة للكيانات ومنظمات الإغاثة لتمرير أموالهم”.

    هذا التنصيف افتتح جدلاً في الكونغرس، رأى فيه الجمهوريون ضرورة قيام الإدارة بإعادة التصنيف “كمنظمة إرهابية أجنبية”، على اعتباره عقوبةً أشد لأنه يطال نطاقاً أوسع”. واعتبر رئيس مجلس النواب الجمهوري المشتدد مايك جونسون أن قرار إدارة بايدن “بعدم إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية يرقى إلى استمرار استرضاء إيران”.

    في أعقاب هجمات 11 أيلول أصدرت إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش أمراً تنفيذيّاً وسع الأساس القانوني لاستهداف الأفراد -“الإرهابيين العالميين المحددين بشكل خاص”- وأولئك الذين يدعمونهم أو يساعدونهم أو يتعاملون معهم أو يرتبطون بهم بأي شكل من الأشكال. وقد تبع ذلك ابتكارات أخرى، ولكن النتيجة هي توسيع سلطة وزارة الخزانة إلى حد كبير لملاحقة أولئك الذين يتعاملون مع تلك الجهات، بما في ذلك المساهمات الخيرية. ومع ذلك، لا تزال قائمة “المنظمات الإرهابية الأجنبية” هي “المعيار الذهبي” لعقوبات الإرهاب الأمريكية، لأنها تستهدف المنظمات بأكملها.

    ويشير الكاتب والباحث السياسي علي مراد، في حديث خاص لموقع “الخنـادق” أن “أصل مسألة الإدراج بالنسبة للأميركيين هي مسألة سياسية، يلجأون إليها لتحقيق مصالح معينة”. موضحاً أن “التصنيف هو “منظمة ارهابية مصنفة خصيصاً” وهو تصنيف يختلف عن “منظمة ارهابية عالمية”، ومفاعيل هذا التصنيف ليست كبيرة وستكون محصورة بالتعاملات مع المصارف الاميركية والأصول المملوكة في الاراضي الاميركية، وهو ما ليس موجوداً في حالة أنصار الله وقيادتها”.

    ويرى مراد أن “الهدف من التصنيف هو إظهار أن الولايات المتحدة تواجه ارهابيين في البحر الأحمر، وذلك لحشد التأييد داخلياً وإضفاء الشرعية على اعتدائهم على اليمنيين عالمياً”. مضيفاً أن “واشنطن لجأت الى هذه الخطوة بعدما فشلت بترسيخ سردية أن صنعاء تتحرك في البحر الاحمر بناء على طلب إيران وأنها تقوم بما تقوم به لخدمة أجندة خاصة لا علاقة لها بغزة وفلسطين”.

    مع اعلان صنعاء استمرار عملياتها العسكرية وتوسيع حسابها ليشمل المعتدين عليها في الضربات الأخيرة التي استهدفت عدداً من المحافظات اليمنية، حتى رفع الحصار عن قطاع غزة ووقف الحرب، تكون إدارة بايدن بهذا القرار، قد أعطت للمواجهة بعداً آخر لا يقل تعقيداً.

    اذ أن الولايات المتحدة التي أعادت فرض القرار رغم عدم انتفاء ظروف الغائه، مع استمرار الحرب على اليمن ولو أنها قد دخلت مرحلة خفض التصعيد منذ عامين تقريباً، هي احدى دول التحالف المتشرذم حول مخرجات المفاوضات التي تجري بين اليمن والسعودية لإنهاء الحرب. وبالتالي، فإن استكمال المفاوضات لاحقاً بعد قرار التصنيف قد يأخذ منحى آخر لن تكون فيه الرياض وحدها أبرز المتضررين بل واشنطن أيضاً. خاصة وأن ما تم التوصل إليه في المفاوضات الأخيرة يعد نقطة محورية مبنية على وقائع سياسية وميدانية لا تقبل العودة خطوة إلى الوراء لأن صنعاء أظهرت استعدادها الذهاب بعيداً من أجل رفع الحصار وانهاء الحرب ومنها عودة التصعيد، بحسب ما أكد قائد حركة انصار الله السيد عبد الملك الحوثي، مراراً.

    ويقول الدبلوماسي والإعلامي اليمني، علي الزهري في حديث خاص لموقع “الخنـادق” بهذا الصدد، أن “هذا تصنيف بخلفيات سياسيّة لا يستند إلى أي مسوغات قانونية ولا تعريف محدد للإرهاب، ولو نظرنا لسياقة وتوقيته لعرفنا أنه جاء لمحاولة ثني الجمهورية اليمنية عن موقفها المساند لأهلنا في غزة وفلسطين وهو تصرف بائس وغير مجدٍ”. مشيراً إلى أن “هذا القرار يضيف أي جديد فالحصار الاقتصادي في اليمن على أشده وقد تم مسبقاً نقل عمليات البنك المركزي اليمني من صنعاء والتضييق على القطاع المصرفي والتجاري وحصار ميناء الحديدة وإغلاق مطار صنعاء”.

    فيما يتعلق بتداعيات التصنيف على مستقبل عملية السلام في اليمن، يرى الزهري أن “ارتهان القرار السعودي للرغبة الأمريكية يطيل من أمد الأزمة وقد يفجر الوضع مجدداً في حال استمرت المماطلة السعودية والتسويف وعدم حسم أمرهم”. مؤكداً أن صنعاء “لن تقبل بالابتزاز الأميركي ومقايضة التسوية بالموقف من فلسطين وعلى السعودي في حال استجاب للرغبة الأمريكية أن يتحمل النتائج والتبعات”.

    يأخذ توقيت التصنيف الأميركي للكيانات والمنظمات على قائمة الإرهاب بعداً سياسياً واضحاً. وقد خبر العالم السلوك الأميركي على مدى السنوات الماضية. على سبيل المثال، تم إدراج الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة في عام 2004، بعد وقت قصير من قبول الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي المسؤولية عن تفجير لوكربي وتسليم برامج أسلحته الكيميائية والنووية. وبما أن الجماعة تعهدت بالإطاحة بحكومة القذافي، فقد كان هذا على ما يبدو تنازلاً له.

    من ناحية أخرى أيضاً، لم تتم إضافة “المجاهدين الهنود” المرتبطين بباكستان، الذين ساعدوا في تسهيل هجمات مومباي عام 2008 (مما أسفر عن مقتل 163 شخصاً، من بينهم 6أميركيين)، حتى عام 2011، عندما أرادت الإدارة الأميركية اقامة علاقات أوثق مع الهند.

    ــــــــــــــــــــــــــــ
    مريم السبلاني

    spot_imgspot_img