تعتقد أمريكا وبريطانيا أنهما من خلال العدوان الغادر الذي شنتاه على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية منتهكتان سيادة الشعب اليمني بحجة حماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
ومنع القوات البحرية توجه السفن المرتبطة بإسرائيل إلى موانئ فلسطين المحتلة نصرة لمظلومية أبناء غزة ستستعيدان هيبتهما التي داس عليها الشعب اليمني بأقدامه وفتح المجال واسعاً أمام الشعوب الحرة لمقاومة هيمنتهما والتصدي لها والوقوف ضد تدخلهما في شؤون شعوبهم.
وفي نفس الوقت محاولة منهما لحفظ ماء الوجه الذي أريق على التربة اليمنية غير مدركتين أن الشعب اليمني بعد قيام ثورة 21 سبتمبر الشعبية لم يعد ذلك الشعب الذي كان يسمح فيه حكامه للأمريكيين والبريطانيين بأن يسرحوا ويمرحوا ويتحكموا في قراراته كيفما يشاءون لدرجة أن سماء اليمن كانت مباحة للطيران المسير الأمريكي ليقتل اليمنيين في مختلف المناطق بحجة مكافحة الإرهاب ولا يجدون من يعترض أو يقول لهم لا على ما يرتكبونه من جرائم بحق أبناء الشعب اليمني، الذي أصبح اليوم يشكل نداً لهما دفاعاً عن نفسه ومصالحه وتنفيذاً لما يفرضه عليه الواجب الديني والقومي نصرة لأبناء فلسطين الذين يتعرضون لإبادة جماعية من قبل العدو الصهيوني.
وهي جريمة إبادة تنظر فيها محكمة العدل الدولية حاليا وتحاول أمريكا صرف الأنظار عنها وهذا ما أزعج بريطانيا وأمريكا كون اليمن الجديد هو الدولة الوحيدة من بين أكثر من ستين دولة عربية وإسلامية التي أعلنت موقفها الصريح والواضح بالوقوف إلى جانب الأشقاء في فلسطين والدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل عسكريا واقتصاديا.
وكذلك مواجهة أمريكا وبريطانيا اللتان تدافعان وتتبنيان هذا الكيان اللقيط بل إن اليمن بموقفة هذا تحول من قوة محلية إلى قوة إقليمية وإلى لاعب دولي وهذا ما أكد عليه المتابعون للشأن اليمني من المحللين الاستراتيجيين. أما ردود الأفعال حول ما يقوم به اليمن الجديد بقيادته الفذة والحكيمة والشجاعة ممثلة في قائد الثورة الشعبية والمسيرة القرآنية السيد عبد الملك بن بدر الدين الحوثي من تحد لأمريكا.
التي تعودت من كل الدول العربية والإسلامية عدم الاعتراض على سياستها والتدخل في شؤون شعوبها والعمل على إذلالها، وتنصيب سفرائها ليكونوا هم الحكام الفعليين لتلك الدول إلا ما ندر والنادر كما يقال لا حكم له والتي تقلل مما يقوم به اليمن شعبا وجيشا وقيادة فهي عبارة عن تصعيد إعلامي يائس وإدعاءات وتنظيرات وهمية لا سيما من قبل المرتبطين بتحالف دول العدوان على اليمن الذي تقوده أمريكا والسعودية والإمارات مُنذ تسعة أعوام وهو ما يذكرنا بصحوة المريض في آخر أيامه الذي سرعان ما ينتكس ويموت.
وهذا التوصيف ينطبق تماما على هؤلاء وتحديداً السعودية التي لم تعد قادرة على مواصلة الحرب ولا على إيقافها لأن القرار ليس بيدها وإنما هي أداة منفذة تُدار بالريموت كنترول بحسب ما تريده الإرادة الأمريكية، وكلما تعززت انتصارات القوات المسلحة اليمنية وخاصة في البحر لتصبح حديث العالم كون اليمن تفرد بها بين العرب جميعا كلما حاول المفلسون الذين تبلدت أفكارهم وتحجر وعيهم أن يضاعفوا من حملتهم الإعلامية والتركيز فيها على أسطوانة مشروخة لم يملوا من تردادها.
وهي أن ثورة 21 سبتمبر الشعبية التي جاءت لتصحح أوضاع سابقة كانت خاطئة تريد القضاء على النظام الجمهوري وإعادة الإمامة على حد زعمهم ونحن نقول لهؤلاء وقد سبق أن قلناه أكثر من مرة ولا مانع من التكرار: إذا كانت هذه الثورة الشعبية التي تعتبر أنبل وأطهر ما أنجبته التربة اليمنية هدفها الأساس هو تحرير اليمن وقراره السياسي من الوصاية الخارجية ومواجهة تحالف العدوان والانتصار عليه وبناء دولة وطنية حديثة تتسع للجميع تشارك في بنائها كل التيارات السياسية وتعتمد على ذاتها فهذا في حد ذاته كافيا ليكون فخرا للإمامة التي تتشدقون بها لجعلها مبرراً لحملتكم الإعلامية، وأفضل بكثير من جمهورية ارتمت في أحضان عدوها الذي حاربها مُنذ أول يوم تأسست فيه وسمحت له بأن يحكم اليمن بالنيابة عنها بل ويتحكم في مصير شعب بأكمله ولم يبق لها سوى النشيد والعلم لتتغزل به.
وخير برهان على ذلك أن الذين يطالبون اليوم بهذا النوع من الجمهوريات يقبعون في أحضان نظام ملكي سلالي كهنوتي عفن أفقد شعبه كل شيء بما في ذلك هويته الوطنية وجعله ينتسب إلى الأسرة السعودية التي تحكمه، وهناك جزء من هؤلاء سلموا الجنوب اليمني بأكمله لحكام مشيخة الإمارات ليحتلوا محافظاته ويقتلوا أبناءه بل ويتسابقون على تأجير موانئه وجزره وكأنها قد أصبحت ملكاً خالصاً لهم اشتروها بحر مالهم وسارعوا إلى إصدار بيانات تضامن مع إسرائيل مستنكرين على صنعاء منع السفن من الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة دعما للكيان الصهيوني.
ألا يستحي هؤلاء من هذا الزعم ومن التشكيك في وطنية من يضحون بأنفسهم من أجل الدفاع عن وطنهم وعن سيادته وحريته واستقلاله وإعادة إليه ما سلب منه بفعل العملاء والمرتزقة الذين لا هم لهم إلا عبادة الأموال المدنسة وعجزوا خلال أكثر من نصف قرن عن بناء دولة حقيقية يتمتع أبناؤها في ظلها بكامل حقوقهم المشروعة بل لقد قادهم فشلهم وعجزهم للاستعانة بعدو خارجي ليغزوا اليمن ويقتل أبناءه ويدمر بنيته التحتية ويعتبرون ذلك إنجازاً في نظرهم حسب ما تعودوا وتربوا عليه.
إن ما يقوم به اليمن اليوم ممثلا في جيشه وقواته البحرية والجوية المدعومة شعبيا من تصد لأمريكا في البحر الأحمر التي نصبت نفسها حارساً لحماية السفن الإسرائيلية بدعوى تهديد الملاحة الدولية مستغلة نفوذها كدولة كبرى وهيمنتها على مجلس الأمن الدولي وإبطال قراراته الداعية والملزمة بوقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة وهو عدوان غير مسبوق لم يشهد له العالم مثيلا من حيث ارتكابه لجريمة الإبادة الجماعية بحق سكان غزة من المدنيين خاصة في أوساط كبار السن والنساء والأطفال وتدمير البنية التحتية بما في ذلك المدارس والمساجد والمستشفيات.
يعد هذا التصدي مهما كانت نتائجه في حد ذاتها كافية لكسر هيبة أمريكا وإلى جانبها بريطانيا وجعلها في الحضيض، وكم هو فخر لليمنيين أن يأتي كسر هذه الهيبة على أيديهم وفتح المجال كما أشرنا آنفا للشعوب الأخرى لتقاوم الهيمنة الأمريكية في ظل ظروف استثنائية يمر بها الشعب اليمني حيث ما يزال يتعرض لعدوان كوني وحصار جائر منذ تسعة أعوام لكن إرادته الوطنية المستقلة وتحرره من الوصاية الخارجية جعلته يصنع قراره الوطني بنفسه داخل عاصمته صنعاء.
وهذا يحدث لأول مرة مُنذ ستة عقود وفي نفس الوقت معتمدا ومتوكلا على الله في كل خطوة يخطوها وهو ما جعل أعداءه يحسبون له ألف حساب بعد أن كان في ظل الأنظمة السابقة صفر على الشمال لا وزن له ولا قيمة لأن حكامه كانوا عبارة عن موظفين لدى اللجنة الخاصة بالرياض يتنافسون فيما بينهم على من يستلم اكثر أما من يصنعون قراراته فهم سفراء أمريكا والسعودية المتعاقبين، تلك القرارات التي لم تكن تخدم إلا القضايا المفروضة عليه من الخارج.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
احمد الشريف