قررت الولايات المتحدة، اليوم الأحد، الانسحاب من التصعيد في اليمن.. يأتي ذلك في أعقاب مواجهات في البحر الأحمر. وسربت إدارة بايدن معلومات حول عدم نيتها المواجهة في البحر الأحمر.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم أن قرار توجيه ضربة لمن وصفتهم بـ”الحوثيين” لم يتخذ بعد. والتصريح، وفق خبراء، محاولة لتهدئة التوتر مع اليمن خصوصا وانها جاءت عقب ساعات على كشف القيادة المركزية للقوات الأمريكية عن تعرض احدى بوارجها لهجوم بطائرات مسيرة، زاعمة اسقاط 4 منها.
وأفادت وكالة بلومبيرغ الأمريكية بأن توجيهات لشركات الشحن الأمريكية قضت بتغيير وجهتها بعيدا عن الممرات اليمنية، مؤكدة بدء سفن شحن نفط وغاز تغيير وجهتها صوب راس الرجاء الصالح بالفعل رغم ان الإبحار يحتاج شهر إضافة وارتفاع تكاليفه.
وأشارت الوكالة إلى أن سفن الشحن الأمريكية كانت حتى نهاية الأسبوع الماضي تمر بانسيابية عبر البحر الأحمر وباب المندب، لكنها قررت فجأة تغيير وجهتها بعيدا عن اليمن. وجاءت الخطوة الأمريكية عقب ساعات على استهداف مباشر للبوارج الأمريكية في البحر الأحمر.
ولم يتضح بعد ما اذا كانت الخطوة نتيجة رسائل يمنية أم مخاوف من تداعيات التصعيد الذي تقوده أمريكا في البحر الأحمر، مع أن مسؤولين في صنعاء توعدوا باستهداف سفن اية دولة تشارك بتحالف أمريكا لحماية إسرائيل.
وهذه المرة التي تعترف فيها القيادة الأمريكية بتعرض بوارجها لاستهداف مباشر من قبل من وصفتهم بـ”الحوثيين” حيث ظلت خلال الأسابيع الماضية تدعي اعتراضها هجمات على سفن او مدن إسرائيلية .
ويعد باب المندب ابرز منافذ نقل الغاز والنفط الأمريكي إلى السوق الآسيوية خصوصا اليابان وكوريا الجنوبية، وفق الوكالة الأمريكية، خصوصا في ظل الجفاف والازدحام بقناة بنما التي كانت تتخذها أمريكا منفذ سريع لها للوصول إلى السوق الآسيوية.
فشل التحالف الأمريكي البحري
يتواصل الرفض من كثر من الدول في المشاركة في التحالف الذي دعت اليه أمريكا لحماية السفن الصهيونية في البحر الأحمر. حيث رفضت اسبانيا واستراليا وفرنسا الطلب الأمريكي بارسال سفن حربية الى البحر الأحمر.
الى ذلك قالت وكالة رويترز إن الافتقار إلى التفاصيل والوضوح بشأن ما تفعله الدول التي أعلنت الولايات المتحدة أنها ستساهم معها في تحالف في البحر الأحمر أدى إلى زيادة الارتباك لدى شركات الشحن، التي قام بعضها بتغيير مسار السفن بعيدًا عن المنطقة.
وبينما أعلنت الولايات المتحدة أنها شكلت تحالفا يضم 10 دول هي بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا، ولاحقا انضمام اليونان وأستراليا، أعلن كل من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا مواقف مغايرة.
وفشلت الولايات المتحدة في إقناع مصر التي تُعد إحدى أهم الدول المشاطئة للبحر الأحمر بالمشاركة فيه. وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني، ديفيد كامرون، إن «تأمين البحر الأحمر مسؤولية الدول المطلّة عليه»، في إشارة إلى رفض بلاده أي تحالفات أجنبية لعسكرته. وأكّد شكري أن «التركيز ينبغي أن يكون على وقف الحرب على غزة.
وقالت وزارة الدفاع الفرنسية إنها تدعم الجهود الرامية إلى تأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر والمنطقة المحيطة وقالت إنها تعمل بالفعل في المنطقة لكنها قالت إن سفنها ستبقى تحت القيادة الفرنسية ولم تذكر ما إذا كانت ستنشر المزيد من القوات البحرية.
ورفضت الحكومة الأسترالية طلبا أمريكيا بإرسال سفينة حربية إلى البحر الأحمر والانضمام الى قوات التحالف لحماية السفن الإسرائيلية. وأفادت وزارة الدفاع الأسترالية بأنها ستوفد 11 ضابطاً للمشاركة فقط من دون إرسال بوارج. وكذلك، خفّضت كل من إسبانيا وكندا وهولندا مشاركتها لتجعلها رمزية، ورفضت اليابان وتركيا وماليزيا طلبات أميركية بالانضمام، وهو ما يظهر أن التحالف أبعد ما يكون عن اسمه.
كذلك قالت وزارة الدفاع الإيطالية إنها سترسل الفرقاطة البحرية فيرجينيو فاسان إلى البحر الأحمر لحماية مصالحها الوطنية استجابة لطلبات محددة قدمها أصحاب السفن الإيطاليون، مؤكدة أن هذا كان جزءًا من عملياتها الحالية ولم يكن جزءًا من عملية حارس الازدهار.
من جهتها قالت وزارة الدفاع الإسبانية إنها لن تشارك إلا في المهام التي يقودها حلف شمال الأطلسي أو العمليات التي ينسقها الاتحاد الأوروبي. وأضافت: “لن نشارك بشكل منفرد في عملية البحر الأحمر”.
وقالت هولندا إنها سترسل ضابطي أركان فيما قالت النرويج إنها سترسل 10ضباط بحريين إلى البحرين، مقر القوات البحرية المشتركة. وقالت الدنمارك يوم الأربعاء إنها ستشارك في العملية وأرسلت ضابطا واحدا.
ورفض الحزب الشيوعي اليوناني مشاركة بلاده في تحالف متعددة الجنسيات، بقيادة الولايات المتحدة لحماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر ، معتبرا أن إرسال فرقاطة يونانية إلى البحر الأحمر “يزج بالبلاد في خطط إمبريالية.
ورفضت الصين مشاركتها في التحالف الجديد.. وقالت البحرية الصينية ان سفناً عسكرية صينية تجاهلت نداءات استغاثة عدة أُطلقت من قبل طواقم سفن إسرائيلية تعرّضت لهجمات من قبل القوات البحرية اليمنية في البحر الأحمر الأسبوع الماضي.
رد الفعل اليمني تجاه التحالف البحري
وأكدت صنعاء أن اليمن ينتظر تشكيل أقذر تحالف عرفه التاريخ لخوض أشرف معركة عرفها التاريخ”. وأكد عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أن أي دولة تتحرك ضد اليمن سيتم استهداف سفنها في البحر الأحمر.
وحذر عضو المكتب السياسي لأنصار الله، محمد البخيتي، من سعي أمريكا لإنشاء تحالف دولي ضد اليمن”، مشيراً إلى أن “العالم لم ينسَ بعد عار السكوت على جرائم الإبادات الجماعية السابقة”. وتسائل البخيتي: “كيف سيُنظر إلى الدول التي سارعت لتشكيل تحالف دولي ضد اليمن لحماية مرتكبي جرائم الإبادة الإسرائيلية؟ وكيف سينظر لليمن الذي تحرك بإرادة رسمية وشعبية لوقف الإبادة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني؟”.
الى ذلك أكدت الأحزاب اليمنية ان التحالف الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة، هو “جزء لا يتجزأ من العدوان” على الشعب الفلسطيني وقطاع غزة. وقالت الأحزاب في بيانات منفصلة : “التحالف الذي أعلنته أمريكا جزء لا يتجزأ من العدوان على الشعب الفلسطيني وغزة وعلى الأمة العربية والإسلامية. وأكد البيان أن هذا التحالف يتناقض مع القانون الدولي ولا يحمي الملاحة البحرية بل يسعى إلى عسكرة البحر الأحمر لصالح الكيان الإسرائيلي”. وأضاف: “اعتراض القوات المسلحة اليمنية للسفن الإسرائيلية والمتجهة لإسرائيل هو واجب أخلاقي يهدف لفك الحصار عن قطاع غزة”.
واشنطن لا تريد فتح جبهة عسكرية مع أنصار الله
هذا وأكد الخبير الأمريكي في العلاقات الدولية، الدكتور ماك شرقاوي، في مكالمة هاتفية مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، الخميس الماضي. أن واشنطن لا ترغب في فتح جبهة عسكرية مع جماعة “أنصار الله” في اليمن في هذا التوقيت الشديد الخطورة الذي تمر به المنطقة.
ويرى الخبير أن واشنطن تفضل تجنب التصعيد المباشر مع إيران وتوسيع الخلافات معها، خاصة في ظل التهديدات المتزايدة بتوسيع نطاق الحرب بين غزة وإسرائيل وتأثير ذلك على الملاحة والتجارة الدولية في المنطقة. وبدلاً من ذلك، يعتقد الخبير أن التحالف المعلن في البحر الأحمر يهدف إلى الضغط على صنعاء وتأمين الملاحة البحرية في المنطقة.
حيث تمر من خلالها ما يقرب من 12% من تجارة العالم. ويرى أن واشنطن ترغب في فرض السيطرة على البحر الأحمر وتأمين الممر البحري من أي أخطار وتهديدات، وذلك بالتركيز على الضغط السياسي والاقتصادي على جماعة “أنصار الله”. ويشدد الخبير على أهمية منطقة باب المندب وخليج عدن كممر اقتصادي وعسكري استراتيجي، حيث يمر من خلالها السفن التجارية والقوات العسكرية. ويرى أن الاستقرار والأمان في هذه المنطقة يلعبان دورًا حاسمًا في العمليات المدنية والتجارية والعسكرية.
31 منظمة أمريكية تحذر بايدن من عواقب التصعيد ضد اليمن
بدورها، حثت العشرات من المنظمات المناهضة للحرب يوم الجمعة الرئيس الأمريكي جو بايدن على استبعاد أي تصعيد عسكري في اليمن مع استمرار تصاعد التوترات في البحر الأحمر.
وكتبت 31 مجموعة مناصرة في رسالة إلى “على الرغم من أن هذه الهجمات مثيرة للقلق، إلا أن توسيع الحرب إلى اليمن لن يحلها، وبدلاً من ذلك قد يؤدي إلى تفاقم التهديدات التي يتعرض لها الشحن التجاري في البحر الأحمر والخليج العربي والممرات المائية الإقليمية الأخرى بشكل كبير”. بايدن، الذي يقال إن إدارته “تدرس بنشاط خيارات الرد على الحوثيين في اليمن”.
وكانت وسائل إعلامية قد تحدثت أن الإدارة الأمريكية تدرس خيار شن هجمات على اليمن، وردا على ذلك أكد قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي أن أي تورط أمريكي سيكون تورطا تام وسيواجه الجيش الأمريكي أسوأ مما واجهه في فيتنام وأفغانستان كما أن صنعاء ستستهدف البوارج والسفن الأمريكية.
وأضافت الجماعات أنه “مع الخسائر المدنية المروعة في غزة، فإن المنطقة بأكملها أصبحت على حد سكين”، وحذرت من أن الهجوم الأمريكي على اليمن “سيؤدي بلا شك إلى قلب هذا التوازن المبدئي رأسا على عقب، ويدعو إلى المزيد من الهجمات المباشرة على القوات والمصالح الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة”.
وأضافوا أن “حربًا إقليمية شاملة ومفتوحة ستكون مروعة وستؤدي بلا شك إلى خسائر كبيرة في صفوف القوات الأمريكية والسكان المدنيين في جميع أنحاء المنطقة، مما يزيد من الرعب الذي يحدث في فلسطين”. وأضاف: “إن ذلك لن يخدم أمن إسرائيل أيضًا، لأنه سيؤدي إلى تصعيد كبير للصراع عبر الحدود مع لبنان”.
ويشن اليمن حصار بحري خانق ضد كيان العدو الإسرائيلي باستهداف سفنه ومنع السفن التجارية المتجهة الى موانئه، وذلك تضامنا مع الشعب الفلسطيني ضد المجازر الإسرائيلي في غزة.