في الوقت الذي تغلق فيه القوات المسلحة اليمنية البحر الأحمر وباب المندب أمام العدو الصهيوني؛ لمحاصرته والضغط عليه؛ من أجل لإدخال ما يحتاجه قطاع غزة من الغذاء والدواء، سارعت الأنظمة العربية المطبعة، وعلى رأسها الإمارات والسعودية والبحرين والأردن، إلى فتح أراضيها وتشغيل جسر بري لنقل البضائع من الخليج الفارسي إلى حيفا؛ من أجل تعويض العدو عن الطريق البحري المغلق، في مشهد فاضح يكشف أن موقف هذه الأنظمة تجاوز كثيراً حدود التخاذل ووصل إلى المشاركة المباشرة في إسناد ودعم العدو لمواصلة جرائمه بحق الشعب الفلسطيني.
الجسر البري الذي يربط بين دبي وحيفا، كان قد تم الكشف عنه قبل أسابيع في تقرير نشرته صحيفة “معاريف” العبرية التي أوضحت أنه تم عقد اتفاق بموافقة حكومة العدو الصهيوني ومن خلال شركة “تراكنت” مع شركة الخدمات اللوجستية في الإمارات Puretrans FZCO، وشركة موانئ دبي DP WORLD، لنقل البضائع من الإمارات والبحرين عبر طريق بري يمر من السعودية والأردن إلى موانئ حيفا، وذلك لتعويض طريق البحر الأحمر الذي أغلقته القوات المسلحة اليمنية أمام سفن العدو والسفن المتوجـهة إليه.
وكشف موقع “والا” العبري هذا الأسبوع أنه تم الانتهاء من عمليات النقل التجريبية على هذا الجسر البري وأصبح جاهزًا لنقل البضائع ذات العمر الافتراضي القصير مثل المنتجات الغذائية “الطازجة” حسب تعبير الموقع الذي أشار إلى أن هذه الخطوة ربما تحضر لإنشاء خط قطارات في المستقبل.
وقالت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، أمس الأحد: إن الجسر البري لن يتمكن من استبدال سفن الشحن لكنه يختصر زمن وصول بعض البضائع “ويمهد لشرق أوسط جديد فيما يتعلق بالعلاقات التجارية بين إسرائيل والمنطقة في إطار اتفاقيات ابراهام” وهو ما يشير بوضوح إلى أن هذا الجسر البري يمثل مظهرا من مظاهر اصطفاف الأنظمة العميلة مع الكيان الصهيوني.
ويمثل هذا الجسر البري إدانةً جديدةً للأنظمة العربية العميلة وعلى رأسها السعودية والإمارات بالمشاركة المباشرة في إبادة الشعب الفلسطيني؛ لأن الحرص على إيصال البضائع إلى كيان العدو يأتي في إطار مساعدته على مواصلة جرائمه وكسر الحصار الضاغط الذي تفرضه القوات المسلحة اليمنية عليه من جهة البحر الأحمر، الأمر الذي يؤكـد أن دول الخليج والأنظمة العميلة ترى في استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة مصلحةً كبيرةً لها.
وتوضح مسارعة الأنظمة العربية العميلة إلى تشغيل الجسر البري طبيعة موقفها المخزي الذي التزمت به منذ بداية العدوان على غزة، والذي لم يتجاوز مربع التنديد الخجول، حيث بات واضحًا أن بيانات التنديد والشجب تلك كانت فقط مجـرد واجهات للتخفيف أصلًا من وقع الموقف الحقيقي المتمثل في الاصطفاف الكامل مع العدو الإسرائيلي وتأييد حربه الوحشية على الشعب الفلسطيني، ومساعيه للقضاء على المقاومة في قطاع غزة، وهو ما كان مسؤولون في المقاومة قد كشفوا عنه في وقت سابق، حيث صرحوا بأن دولًا عربية تطلب سرا من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية القضاء على حركة حماس.
ولا يخفى أن الدول التي تشارك اليوم في تشغيل الجسر البري لنقل البضائع إلى العدو الإسرائيلي هي نفسها الدول المنضوية في تحالف العدوان على اليمن، وهو ما يوضح أكثر طبيعة مشهد السنوات التسع الماضية؛ فالتناقض اليوم بين الحصار الذي يفرضه اليمن على العدو، ومسارعة هذه الدول لكسر ذلك الحصار، هو دليل واضح على أن مشروع العدوان كان منذ البداية يهدف إلى خدمة مصالح الكيان الصهيوني والقضاء مسبقًا على أية فرصة لبروز دور يمني فاعل في الصراع مع العدو الإسرائيلي.