“أسبوع من النزاع بين قادة إسرائيل بشأن اتفاقية الهدنة” هذا ما كشفته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، ويعود النزاع حسب الصحيفة إلى خلافات بين القادة الإسرائيليين حول “ما إذا كانت مثل هذه الصفقة ستقوّي حماس، وتعرض الرهائن المتبقين للخطر”.
وما صعد التوتر أكثر في حكومة الاحتلال مطالبة الوزير الإسرائيلي بيني غانتس يوم الأحد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإلغاء جميع المخصصات المالية السياسية من الميزانية المقترحة لزمن الحرب، ما يوسع خلافا قد يكون خطيرا مع الأحزاب القومية الدينية في الحكومة، و من الجدير بالذكر أن هناك العديد من القضايا التي لا تزال تعمق الخلاف بين رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو و زعيم المعارضة بيني غانتس الذي يعد المنافس الرئيسي لنتنياهو على منصبه الحكومي الأبرز داخل تل أبيب.
خلاف حول الهدنة مع حماس
تحتجز حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى 240 شخصا رهائن في قطاع غزة، منذ الهجوم الذي شنته على “إسرائيل” في السابع من أكتوبر، وتسبب الهجوم بمقتل 1200 شخص في “إسرائيل”، غالبيتهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، حسب السلطات الإسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، ترد “إسرائيل” بقصف مدمّر على قطاع غزة أوقع 14128 قتيلا بينهم نساء وأطفال، وفق آخر إحصائية للسلطات الصحية هناك، إلى أن توصلت “إسرائيل” وحماس فجر الأربعاء الفائت إلى اتفاق حول هدنة إنسانية لأربعة أيام، يتم خلالها تبادل رهائن محتجزين لدى الحركة منذ هجوم السابع من أكتوبر بأسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية. لكن وحسب “نيويورك تايمز”.
فإن “مجموعة من القيادات، من بينهم وزير الدفاع، يوآف غالانت، سعت إلى تأخير” وقف إطلاق النار والإفراج عن 50 رهينة مختطفة لدى حماس مقابل 150 سجينا فلسطينيا في “إسرائيل”، بسبب “الخوف من أن يؤدي ذلك إلى إبطاء زخم الحملة العسكرية الإسرائيلية، والسماح لحماس بإعادة تجميع صفوفها وصرف الانتباه الدولي عن بقية المختطفين”.
في المقابل، قالت مجموعة أخرى من القيادات الإسرائيلية، من بينهم رئيس الموساد، ديفيد بارنيا، الذي قاد المفاوضات لمصلحة ” إسرائيل”، إن “الصفقة أفضل من لا شيء، وإن الحملة العسكرية يمكن أن تستمر بعد وقف إطلاق النار القصير”، وفقا لأربعة من كبار المسؤولين الأمنيين دون الكشف عن هويتهم؛ لأنهم غير مخولين بالتحدث إلى وسائل الإعلام، وكان للمجموعة الأولى اليد العليا في البداية، حيث أقنعت نتنياهو بتأجيل التصويت بمجلس الوزراء، الذي كان من المقرر إجراؤه في 14 نوفمبر، وأعربت المجموعة الأولى عن “أملها في أن يؤدي المزيد من الضغط العسكري، إلى منح إسرائيل المزيد من النفوذ على طاولة المفاوضات، ما يسمح بإطلاق سراح المزيد من الرهائن”.
لكن وسط خلافات شديدة فازت المجموعة الثانية في النهاية، ما دفع نتنياهو ، الذي لم يبلور موقفا نهائيا في هذا الخلاف، فهو منشغل باعتبارات سياسية داخلية ويخشى تطويقه من جانب الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، إلى إجراء التصويت في وقت مبكر، الأربعاء، ومهد الطريق لهدنة لمدة 4 أيام وصفقة تبادل الأسرى، من هنا نرى أن الخلافات والنقاشات في الداخل الاسرائيلي مريرة ومخفية، حيث تم قبول صفقة التبادل على مضض، فالعمليات العسكرية لم تحقق أهدافها ولا أي إنجاز، وإعادة قسم من المحتجزين تم من خلال قبول صفقة التبادل والموافقة على الهدنة المؤقتة”.
كما أن بنود الهدنة توضح المعضلات الصعبة التي تواجهها “إسرائيل”، وخاصة فيما يتعلق بطبيعة ومدة وقف إطلاق النار، وكذلك المخاوف من أن تمنح الهدنة حماس فترة زمنية إضافية لتنظيم قواتها، وبخلاف ما حدث بعد بدء الهدنة فعلا، فقد وافق كيان الاحتلال على عدم الاقتراب والتعرض للنازحين والسكان الذين سيمرون في الطريق، حتى لو كانوا يتحركون نحو الشمال، خلال أيام الهدنة، هذا ما يثير مخاوف من تحرك أفراد حماس بحرية أثناء فترة الهدنة، وتحركهم دون انقطاع بين شطري القطاع ويعمل على توسيع رقعة الخلاف بين من كان مع الهدنة و من كان ضدها في حكومة الاحتلال.
خلافات على ميزانية الحرب
بعد اشتعال فتيل الحرب في غزة قام غانتس بترك المعارضة و الانضمام لحكومة الحرب المصغرة التي شكلها نتنياهو بعد وقت قصير من الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الاسلامية حماس لكن ربما يكون لقضية الميزانية عواقب فعلية قد تنهي الترتيبات الهشة التي فرضها هجوم حماس وجمعت بين غانتس المنتمي لتيار الوسط وشركاء نتنياهو من اليمين المتطرف، ومنهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
حيث إنه و بموجب اتفاق التحالف الذي أبرمه نتنياهو مع سموتريتش وقادة الأحزاب الدينية الأخرى بعد انتخابات العام الماضي، من المقرر تخصيص مليارات الدولارات للأحزاب الدينية المتطرفة واليمينية المتطرفة المؤيدة للمستوطنين.
وأشار غانتس، في رسالة شديدة اللهجة إلى نتنياهو نشرها مكتبه، إلى اجتماع للحكومة الأوسع من المقرر عقده الإثنين لبحث التعديلات المقترحة في الميزانية.
وكرر غانتس معارضته لإدراج “أموال التحالف” في الميزانية المقترحة، وقال إنه يتعين عدم تخصيص أموال إضافية لأغراض تتجاوز المجهود الحربي أو دعم النمو الاقتصادي، و هدد غيتس بأن حزبه سيقوم بالتصويت ضد الميزانية المقترحة في حال عقد الاجتماع مع بقاء الميزانية على وضعها الحالي و سيتصرف بالتالي، في إشارة واضحة إلى امكانية السعي لتفكيك حكومة الحرب التي جرى تشكيلها في أعقاب الهجوم المُباغت الذي نفذته حماس ، وكانت تهدف إلى توحيد كل الأطياف السياسية في تل أبيب خلف هدف واحد يتمثل في استعادة السيطرة الأمنية و”دحر أنصار حماس”.
فيما رد مكتب نتنياهو بأنه سيطرح الميزانية للتصويت الإثنين، وقلل من شأن انتقادات غانتس، وأضاف “هذا الجدل السياسي يتعلق بنحو واحد بالمئة من إجمالي الميزانية”.
فيما أكد غانتس في رسالته إلى نتنياهو، إن وزراء حزبه الخمسة سيصوتون ضد تغييرات الميزانية، قائلًا: “سنعارض صرف أموال التحالف أو أي ميزانية إضافية غير مرتبطة بالمجهود الحربي أو تعزيز النمو الاقتصادي”، كل ذلك يشير إلى أن ما بين نتنياهو وغانتس ليس خلافًا طفيفًا لكنه خلاف حاد وتصعيد خطير.
وكانت الحكومة الإسرائيلية تتعرض لانتقادات كبيرة منذ أكتوبر الماضي؛ لـ”فشلها في تقديم الدعم المالي الكافي للمتضررين من الحرب”، بما في ذلك مئات الآلاف الذين تم إجلاؤهم من منازلهم والكثيرين الذين تضررت سبل معيشتهم.
البيت الأبيض يعلق على “شروط” المساعدات الأمريكية إلى كيان الاحتلال
ما جعل الوضع يسوء أكثر و يشدد التوتر في الداخل الاسرائيلي المطالبات بفرض شروط على المساعدات الأمريكية ل”إسرائيل” في البيت الأبيض، وكان عدد من المشرعين الأمريكيين، من بينهم السناتور المستقل، بيرني ساندرز، قد طالبوا بوضع قيود على المساعدات العسكرية التي تمنحها الولايات المتحدة ل”إسرائيل”، التي تبلغ سنويا 3.8 مليارات دولار.
من جهته قال منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، الاثنين، إن المطالبات بفرض شروط على المساعدات الأمريكية ل”إسرائيل” تمثل أفكارا جديرة بالاهتمام، لكن الرئيس جو بايدن يعتقد أن نهجه الحالي ناجح، كما أعلن مساعد الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان، أن الإدارة الأمريكية لا تستبعد إمكانية وضع شروط لتقديم المساعدات العسكرية لـ”إسرائيل”، الأمر الذي من شأنه أن يخلق توتراً كبيراً في حكومة نتنياهو و يغير مسار المعركة.