في ظلّ تلويح واشنطن باستخدام القوة لحماية الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحرَين الأحمر والعربي، بدأت صنعاء بدراسة أكثر من خيار لتجحيم أيّ دور أميركي في تلك المنطقة، من ضمنها ما أعلنته عن احتمال إضافة السفن الأميركية إلى دائرة الحظر، واستهداف أيّ سفن أجنبيه تتولّى حماية الناقلات الإسرائيلية في مضيق باب المندب. ووفقاً لمعلومات حصلت عليها «الأخبار» من مصادر في صنعاء، فإن «إدراج السفن التجارية والعسكرية الأميركية ضمن إجراءاتها النافذة ضدّ سفن إسرائيل في البحر الأحمر وباب المندب، أمر وارد إذا حاولت واشنطن شنّ أيّ هجوم في ضوء التحرّكات الأخيرة لحاملة الطائرات الأميركية آيزنهاور، والتسريبات الغربية».
في المقابل، عمدت واشنطن التي أوقعتها العمليات اليمنية الموجّهة ضدّ تل أبيب في حرج أمام حلفائها في المنطقة بعدما تلقّوا وعوداً منها بالحماية من أيّ هجمات، إلى تشديد الضغوط على صنعاء، لاجئةً أخيراً إلى تفعيل عدد من الأوراق العسكرية والسياسية والاقتصادية لاحتواء تلك العمليات ومحاولة إيقافها، إلا أن ذلك لم يفلح في ثني «أنصار الله» عن تصعيد هجماتها، وربط إيقافها بوقف الحرب بشكل كلّي على قطاع غزة.
وبعدما لوّحت بإعادة تصنيف الحركة ضمن قائمة الإرهاب، عطّلت الولايات المتحدة جولة المفاوضات التي كانت متوقّعة منتصف الأسبوع الجاري بين حكومة الإنقاذ والأطراف الموالية لدول «التحالف» بشأن ملفّ الأسرى. وقالت مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، إن «واشنطن وجّهت عدداً من الدول العربية بعدم استضافة أيّ جولة مفاوضات يمنية ـ يمنية. ولذلك، رفضت السلطات الأردنية طلب مكتب المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، استضافة جولة المفاوضات في عمان».
حكومة المرتزقة دعت واشنطن ولندن إلى تنفيذ عملية ضدّ صنعاء بدعوى «حماية الملاحة»
كذلك، اتّهمت صنعاء، واشنطن، بتشديد الحصار على اليمن، واستخدام المساعدات الإنسانية كورقة ضغط على اليمنيين، على خلفية قرار دعم المقاومة الفلسطينية. ووصف عضو «المجلس السياسي الأعلى»، محمد علي الحوثي، قرار إيقاف المساعدات عن الملايين من اليمنيين بأنه «قرار حرب غير أخلاقي». وقال الحوثي، في رسالة وجّهها إلى مدير «برنامج الغذاء العالمي» في اليمن، ديفيد بيرزلي، إن «قرار وقف المساعدات الإنسانية يشكّل تهديداً خطيراً للأمن الغذائي للشعب اليمني».
مشيراً إلى أن «اليمن ليس مجرد بيانات إحصائية أو أرقام، بل يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم ويعاني أكثر من 20 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، من ضمنهم أكثر من 12 مليون نسمة على حافة المجاعة». ودعا البرنامج إلى «إثبات عدم تبعيته لواشنطن وسياستها تجاه اليمن، بإعادة المساعدات واتّخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرارها».
وفي سياق متّصل، أكدت مصادر ديبلوماسية مطّلعة، لـ«الأخبار»، أن «حكومة المرتزقة الموالية لتحالف العدوان الأمريكي السعودي دعت واشنطن ولندن إلى تنفيذ عملية ضدّ صنعاء، تحت ذريعة حماية الملاحة الدولية». وكشفت المصادر أن هذا الطلب قُدّم من قِبل رئيس «المجلس الرئاسي»، المرتزق رشاد العليمي، الذي «دعا المجتمع الدولي إلى التدخل لحماية الملاحة البحرية في أعقاب سيطرة قوات صنعاء على السفينة الإسرائيلية، غالاكسي ليدر، في البحر الأحمر». وفي هذا الإطار، التقى وزير دفاع حكومة عدن، المرتزق اللواء محسن الداعري، سفيرَي أميركا وبريطانيا بشكل منفصل، مساء أول من أمس، في الرياض، وذلك بعد استدعائه بشكل عاجل لزيارتها.
وتركّزت المباحثات حول ما اعتبره السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاجن، والملحق العسكري، ستيورس بيبلز، «تهديدات صنعاء للملاحة الدولية في البحر الأحمر». كما لوحظ حضور عدد من القيادات العسكرية البريطانية، خلال لقاء الداعري بالسفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، ومنهم الملحق العسكري في السفارة، جوثان فريم. ووفقاً للإعلام الرسمي التابع لحكومة عدن، فقد شدّد الوزير الداعري «على ضرورة تدخّل المجتمع الدولي لحماية الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة من هجمات صنعاء».