قال “جوناثان فينتون هارفي” وهو صحفي وباحث بريطاني مهتم بالصراعات والجغرافيا السياسية والقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – في تحليل له نشره موقع ” “The New Arab إن اليمن استحوذ على اهتمام عالمي بعد أن بدأ الحوثيون في البلاد بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار على إسرائيل في أواخر أكتوبر. وأضاف “في تحول ملحوظ في قدراتهم، نفذ المسلحون الحوثيون يوم الأحد عملية معقدة في البحر الأحمر حيث نزلوا من طائرة هليكوبتر، ونجحوا، بمساعدة الزوارق السريعة، في اختطاف سفينة شحن وتوجيهها إلى ميناء الحديدة اليمني”.
وتابع “عقب حادثة سفينة الشحن، تدرس واشنطن إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، الأمر الذي قد يضر بإجراءات بناء الثقة السابقة من جهود السلام”. وأردف الباحث البريطاني “على عكس حلفاء إيران في سوريا والعراق، تجنب الحوثيون إلى حد كبير استهداف الأصول الأمريكية، على الرغم من أن بعضها أقرب إلى اليمن، مثل قاعدة واشنطن في جيبوتي، مما يظهر أن المتمردين يحاولون تجنب إثارة إجراءات أكثر قسوة من واشنطن”. وقال “ما لم يتفاقم الوضع ويخرج عن نطاق السيطرة، فقد تسعى واشنطن والرياض إلى مزيد من التهدئة مع الحوثيين لضمان عدم اضطراب البحر الأحمر. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تركيز إضافي على المفاوضات، الأمر الذي قد يؤدي بدوره إلى تعزيز الحوثيين ككيان سياسي في اليمن”.
وبشأن السفينة غالاكسي ليدر قال الكاتب إن هذه السفينة التي تحمل اسم “جالاكسي ليدر”، ترتبط بشركة بريطانية مملوكة جزئيا لأبراهام أونجار، أحد أغنى الأفراد في إسرائيل. واستدرك “كما كان متوقعا في أكتوبر/تشرين الأول، قام الحوثيون، وهم أقوى فصيل في اليمن، بتوسيع تركيزهم الآن إلى البحر الأحمر، بعد أن أثبتوا أن تكنولوجيا الصواريخ والطائرات بدون طيار المتقدمة لديهم يمكن أن تصل إلى مدن جنوب إسرائيل مثل إيلات”. واستطرد “وبعد التهديد بضرب إسرائيل والأصول الأمريكية ردا على الهجوم على غزة، تعهد الحوثيون الأسبوع الماضي باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر”.
أمن البحر الأحمر
وأشار الكاتب إلى أن الخطوة الأخيرة للحوثيين أثارت مخاوف بشأن الاضطرابات المحتملة في طريق تجاري عالمي حيوي، يمر عبره حوالي 14 بالمائة من التجارة العالمية، وخاصة المواد الهيدروكربونية. ولفت إلى أن البحر الأحمر أيضًا يعد أحد الممرات التجارية الأكثر حراسة في العالم، حيث يوجد للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والصين واليابان والمملكة العربية السعودية وجود عسكري في جيبوتي، التي لا تبعد سوى 30 كيلومترًا عن جنوب اليمن.
وفي ضوء نية الحوثيين المعلنة لاستهداف السفن، رجح الباحث أن يتم تنفيذ إجراءات أمنية مشددة لمنع عمليات اختطاف السفن في المستقبل، وخاصة تلك التي تشمل السفن الإسرائيلية. وفي الأسبوع الماضي، أسقطت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية طائرة بدون طيار تابعة للحوثيين كانت متجهة نحوها، في حين أفادت التقارير أن المملكة العربية السعودية اعترضت صاروخا كان في طريقه إلى إسرائيل، مما كشف عن المخاوف الأمنية الإقليمية المشتركة بين الرياض والولايات المتحدة.
اليمن: صراع مجمد؟
في حين كان هناك تراجع في التركيز على اليمن في السنوات الأخيرة، وانخفاض الاهتمام وسط الصراع في أوكرانيا والآن الحرب في غزة، واصلت الولايات المتحدة بعض الارتباطات الدبلوماسية. في 13 نوفمبر/تشرين الثاني، سافر المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ إلى الخليج للتواصل مع شركاء من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وشركاء سعوديين والإماراتيين والعمانيين.
وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فإن المحادثات تهدف إلى “مناقشة الخطوات اللازمة لتأمين وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة بقيادة الأمم المتحدة، مع ضمان استمرار الجهود لتخفيف الأزمة الاقتصادية ومعاناة اليمنيين”. يتابع هارفي “بعيداً عن إبقاء الاتصالات مفتوحة مع شركاء أمريكا، فإن الجولة الأخيرة من المحادثات لم تؤثر على الوضع الراهن “للصراع المجمد” في اليمن، حيث أصبح الحوثيون تدريجياً هم الحكام الفعليون لشمال اليمن”.
يستطرد “في الوقت الحالي، وصلت حرب اليمن إلى طريق مسدود وهدأت أعمال العنف في الغالب بعد اتفاقات وقف إطلاق النار التي توسطت فيها الأمم المتحدة والجهود المبذولة لتشكيل حكومة جديدة. قبل الحرب الأخيرة في غزة، كان هناك تفاؤل في محادثات السلام اليمنية بعد أن زار وفد من الحوثيين الرياض في سبتمبر/أيلول، وهي أول زيارة رسمية من المجموعة، بينما التقى المبعوثون السعوديون والعمانيون بقادة الحوثيين في صنعاء في أبريل/نيسان”. وقال “لم تكن هناك هدنة رسمية أو معاهدة سلام، بل إن اليمن عالق في مأزق هش يهدد بتوليد عدم استقرار طويل الأمد والتسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية”.
وأوضح “أن مساعي الحوثيين الحثيثة للاستيلاء على مأرب من القوات الحكومية منذ فبراير/شباط 2021، تعثرت على الرغم من تحقيق مكاسب مبكرة. وبينما أنفقت الكثير من الموارد لتحقيق هذا الهدف، لا تزال مأرب بعيدة المنال عن الحوثيين من قبل الميليشيات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة في يناير/كانون الثاني 2022. وفي الوقت نفسه، فإن الحكومة اليمنية تتعثر، وتكافح من أجل تأكيد نفوذها.
وذكر هارفي أن المجلس الانتقالي الجنوبي والميليشيات المتحالفة معه، بفضل دعم الإمارات خلال الحرب، شكل قوة رئيسية في جميع أنحاء الجنوب. ومع ذلك، على الرغم من سعيهم للحصول على يمن جنوبي مستقل، فقد ورد أنهم تعرضوا لهجمات متفرقة من فرع تنظيم القاعدة في اليمن، بما في ذلك ضربة قاتلة في سبتمبر أدت إلى مقتل خمسة من مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي.
علاوة على ذلك، يشير الكاتب إلى تحذيرات منظمة هيومن رايتس ووتش مؤخراً من أن الجنوب يعاني من انقطاع الكهرباء والمياه، في حين أطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين في عدن. وقال ليس سرًا أيضًا أن محمد بن سلمان أراد منذ بعض الوقت الخروج من الحرب التي حرض عليها بنفسه لأول مرة. وفي نهاية المطاف، يريد ولي العهد الطموح والحاكم الفعلي للسعودية التركيز على التحول الاقتصادي للمملكة، وتحويلها إلى قوة إقليمية. ولتحقيق ذلك، يعد وجود حدود جنوبية سلمية ووقف التصعيد مع إيران شرطًا أساسيًا.