مشادة كبيرة في لجنة “الأمن القومي” البرلمانية حسب التقارير الإعلامية الإسرائيلية، حيث تصاعد التوتر بين ممثلين عن “منتدى أسر الأسرى والمفقودين” وأعضاء من حزب “عوتسما يهوديت” في اللجنة، وجاء ذلك في سياق معارضة ذوي الأسرى في قطاع غزة لنقاش “الكنيست” لمشروع قانون يهدف لفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين، وذلك تمهيداً لإجراء التصويت في قراءته الأولى، وأعلن “منتدى أسر الأسرى والمفقودين” الإسرائيلي في قطاع غزة، في بيان صدر بالأمس، رفضه لعقد جلسة نقاش في “الكنيست” حول مسألة عقوبة الإعدام، واعتبر البيان أن إقامة هذه المناقشة “في هذا الوقت بالتحديد” قد تضر بحياة أحبائهم بشكل يتجاوز المخاطر التي يتعرضون لها بالفعل، دون تحقيق أي هدف عام أو منفعة.
مشادات إسرائيليّة تعزز الخلافات
في جلسة اللجنة البرلمانية التابعة للكنيست التي انعقدت بالأمس، شهدت مشادة حادة بين أعضاء من “منتدى أسر الأسرى والمفقودين” وعضو الكنيست ألموغ كوهين، الذي يمثل حزب “عوتسما يهوديت” الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، وفقًا للتقارير الإسرائيلية، حمل ممثلو عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة صور أبنائهم الذين يتم احتجازهم في غزة، وتوسلوا لأعضاء الكنيست بتأجيل الجلسة، واعتبروا أن “الوقت الحالي ليس مناسبًا للتعامل مع هذه المسألة، وخاصةً أن هناك نحو 240 إسرائيليًا محتجزين في قطاع غزة”.
من جهته، أكد كوهين أن عائلات الأسرى “لا ينبغي لها أن تحتكر الحزن” وأنها “غير مفوضة للتعبير عن ألم الناس”، وشدد على أهمية المضي قدمًا في إجراءات تشريع القانون، الذي يعد جزءًا من الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها لتشكيل اتفاقية التحالف الحكومي بين حزب الليكود وحزب “عوتسما يهوديت”، وأفادت قناة “13” الإسرائيلية بأن مجلس “الأمن القومي” التابع لمكتب رئيس الحكومة كان من المقرر عقد جلسة في الوقت نفسه مع جلسة لجنة “الأمن القومي” في الكنيست، ومع ذلك، قرر المسؤولون في مجلس “الأمن القومي” الإسرائيلي تأجيل الجلسة نظرًا للمخاوف من التأثير على أوضاع الأسرى في غزة ولأسباب أمنية أخرى.
وفي سياق آخر، أعرب وزير التعليم الإسرائيلي، يوآف كيف، عن رأيه في قضية قانون إعدام الأسرى في تدوينة على منصة “إكس”، و أكد كيف أن “قانون إعدام الأسرى لن يمر في الوقت الحالي، وهو أمر واضح للجميع”، وأضاف إن المشاهد التي تظهر في الكنيست تؤثر سلبًا على الجهود الحربية، وخاصةً بالنسبة لعائلات وذوي الأسرى الذين يمرون بأصعب فترة في حياتهم، ودعا إلى التوقف عن الانخراط في الأمور السياسية التافهة.
من ناحية أخرى، صدر بيان آخر عن إيتمار بن غفير، يشير فيه إلى أن قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين لم يعد قضية تمييز بين يمين ويسار، بل أصبح قانونًا أخلاقيًا وحيويًا ل”إسرائيل”، ودعا أعضاء الكنيست من جميع التيارات السياسية إلى دعم هذا القانون، معبرًا عن ثقته في أنه “سيحظى بدعم كبير من أعضاء الكنيست” وفقًا لتصريحات نقلتها قناة “الميادين”، وتلقت المؤسسة السياسية الإسرائيلية والجمهور الإسرائيلي انتقادات حادة بسبب توقيت النقاش حول مشروع قانون عقوبة الإعدام، يأتي هذا النقاش في وقت يوجد فيه أكثر من 240 أسيرًا في أيدي المقاومة في قطاع غزة، وفقًا لتقارير الإعلام الإسرائيلي.
وبالمقابل، أعرب رئيس الائتلاف، أوفير كاتس، عن رأيه بشكل حازم، حيث أكد أن مشروع قانون عقوبة الإعدام لن يطرح للتصويت في الجلسة العامة قبل أن تتم مناقشته والموافقة عليه من قبل الكابينت الأمني، وأدلى الوزير الإسرائيلي ميكي زوهر بتصريح قائلاً: “لقد كنت دائماً مؤيداً لقانون عقوبة الإعدام، ولكن التعامل مع هذا الأمر الآن، ومع وجود أبنائنا وبناتنا في أيدي حماس، هو خطأ فادح يؤذي أهالي الأسرى، يجب أن نتوقف عن السياسة الآن وأن نركز فقط على الفوز في الحرب وإعادة الأسرى إلى ديارهم”.
ومن جهة أخرى، قال رئيس المعارضة وعضو الكنيست يائير لابيد: “تصرخ عائلات الأسرى من آلامها، لا يوجد حد للغموض والوقاحة لدى أعضاء الائتلاف الافتراضيين الذين يوعظون العائلات بالأخلاق، ما فعله ألموغ كوهين اليوم سيظل في الأذهان إلى الأبد، يجب أن يخجل من نفسه”، وفي مارس الماضي، صدق الكنيست على قراءة تمهيدية لمشروع قانون يسمح بفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين الذين يُتهمون بتنفيذ عمليات قتل ضد إسرائيليين، تقدم بالمشروع إيتمار بن غفير وحظي بدعم رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، واجتاحته موجة انتقادات من الفلسطينيين، ويجدر بالذكر أن قانون الإعدام تم طرحه في “إسرائيل” عدة مرات خلال السنوات الماضية، ولكن الكنيست رفض تشريعه، ويتعين على مشروع القانون أن يمر بثلاث قراءات في الكنيست ليصبح نافذًا، بالإضافة إلى القراءة التمهيدية.
وضوح موقف المقاومة
بكل وضوح، بين أبو عبيدة في سياق سياسي، أن “الثمن الذي يجب أن يدفعه الجانب الإسرائيلي مقابل هذا العدد الكبير من الأسرى الذين يحتجزهم القسام هو إفراغ السجون من جميع السجناء الفلسطينيين”، وأشار إلى أن حركة حماس كانت على وشك التوصل إلى اتفاق مع الكيان بشأن المحتجزين، ولكن تم تأجيل الاتفاق من قبل تل أبيب، مشيرًا إلى أنه “كانت هناك اتصالات في ملف الأسرى، وكانت هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق، ولكن العدو تسبب في التأخير”، وأضاف إن حماس مستعدة أيضًا لعقد محادثات حول اتفاق جزئي بشأن قضية الأسرى، موضحًا: “إذا كان العدو يرغب في إنهاء ملف الأسرى في مرة واحدة، فإننا مستعدون، وإذا كان يرغب في مسار يتضمن تجزئة الملف، فنحن مستعدون أيضًا للتفاوض والتحدث بشأن ذلك.”
وسابقًا، قامت حركة “حماس” بإطلاق سراح أربع نساء بوساطة دولية على مرحلتين، وكانوا يحملون الجنسيات الأمريكية والإسرائيلية، وجاء ذلك نتيجة لجهود وساطة من قبل قطر ومصر، وأعلن نادي الأسير الفلسطيني، وهو منظمة غير حكومية، في بيان نُشر مؤخراً، أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي بلغ نحو 6700 شخص، وذلك بعد زيادة عدد الاعتقالات التي شهدتها المنطقة اعتبارًا من السابع من أكتوبر الحالي.
وعلى الرغم من المظاهرات العارمة التي شهدتها مختلف دول العالم احتجاجًا ضد “إسرائيل”، تواجه حكومة الاحتلال تحديات داخلية تبرز خطورة الوضع الداخلي الذي تواجهه، وشهدت التظاهرات الداخلية تصاعدًا، وهو مشهد يشير إلى إمكانية تصاعدها مع مرور الوقت، إذا لم تتخذ حكومة الاحتلال إجراءات حاسمة لإنهاء الحرب على غزة وتبدأ عملية تفاوض جادة لحل الأزمة مع الفلسطينيين.
وهذه التظاهرات داخل “إسرائيل” تعد تأكيدًا على فشل الجهود الإعلامية والدعائية الإسرائيلية وأنصارها في الغرب في محاولة تبرير الحرب الوحشية على غزة، ويظهر أن هذه الحرب لا تزال تواجه انتقادات واحتجاجات شديدة في مختلف أنحاء العالم، وتشهد مظاهرات مستمرة ضد الجرائم الإسرائيلية في غزة منذ مضي أكثر من شهر، وفيما يتعلق بالتظاهرات في “تل أبيب”، تشير تقارير وسائل الإعلام العبرية إلى مشاركة مئات الأشخاص في هذه التظاهرات.
وعلى الرغم من أن المشاركين يمكن أن يكونوا من أسرى الفلسطينيين المحتجزين في غزة، إلا أن الصور ومقاطع الفيديو توضح وجود تنوع في أسباب الاحتجاج، ويبدو أن هؤلاء الأشخاص يعبرون عن غضبهم تجاه الحكومة الإسرائيلية، ويطالبون برحيل نتنياهو ويعتبرون أنه قد فشل، ووفقًا للتقارير، فإن المتظاهرين اعتصموا أمام مقر وزارة الجيش الإسرائيلي ونادوا باستقالة نتنياهو واعترافه بالفشل، مطالبين أيضًا بإعادة أبنائهم الذين ما زالوا محتجزين في غزة.
ممثلو ذوي الأسرى الإسرائيليين قدموا طلبًا لبنيامين نتنياهو للنظر في صفقة محتملة لتبادل الأسرى بين الجانبين، مؤكدين أنها ستحظى بتأييد واسع من الرأي العام الإسرائيلي، وأعربوا عن أملهم في أن تتم هذه الصفقة في أقرب وقت، وفي المؤتمر، هتف المشاركون قائلين: “أعيدوهم جميعًا الآن”، من جانبه، أعلن نتنياهو أنه قدم مقترحًا للإفراج عن السجناء الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، وزعم أن الاتصالات لتحرير الأسرى مستمرة، وأن توسيع العملية البرية لا يتناقض مع مساعي الإفراج عنهم.
أما توقعات المراقبين، تشير إلى أن تصاعد الغضب والتظاهرات في “إسرائيل” ضد حكومتهم قد يكون أمرًا متوقعًا، وخاصة بعد الكشف عن محاولة ديوان رئيس الحكومة حرق وثائق بعد هجوم كتائب القسام، ويُشير هذا الإجراء إلى محاولة لتقليل المسؤولية عن الفشل الذي واجهته حكومة الاحتلال في التصدي لهجوم المقاومة الفلسطينية، وفي الوقت الحالي، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن عدد الأسرى الذين تحتجزهم حماس بلغ 230 حتى الآن، مع توقع ارتفاع هذا العدد وفقًا لتصريحات كتائب القسام.