أكّـد تقريرٌ عربي، أن “كيانَ الاحتلال الصهيوني يتعرَّضُ بشكلٍ شبهِ يومي لضربات عسكرية منذ إعلان اليمن انخراطه رسميًّا، في الحرب إلى جانب المقاومة الفلسطينية في غزة في مواجهة الكيان الصهيوني الغاصب وجرائمه، حَيثُ كان يحاول المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون، حتى الأمس القريب، إخفاءَ الدمار الناجم عنها إلى أن كشفت عنها وسائلُ الإعلام العبرية والغربية”.
وبيّن التقريرُ الصادرُ عن موقع “الخنادق” الإخباري، أن “وصولَ المسيّرات والصواريخ اليمنية إلى الداخلِ المحتلّ، هو العُقدةُ الأخطر؛ لما يرتبط بها بإمْكَانية تأثير ذلك على عدد من النقاط الجيواستراتيجية الأُخرى، كـ “باب المندب” والبحر الأحمر”.
ولفت التقريرُ إلى أن “أهميّةَ الضربات اليمنية تكمُنُ في أن هذه المعركة الأولى التي تختبرُ فيها القواتُ المسلحةُ اليمنيةُ أسلحتَها باستخدام مداها الأقصى، وبتَحَدٍّ يكمُنُ بتجاوُزِ عددٍ كبيرٍ من الدفاعات الجوية الأمريكية التي تمتلكُها كُـلٌّ من السعوديّة ومصر والأردن والذين شاركوا بالتصدي للصواريخ والمسيّرات اليمنية، وبالتالي فهي تشكل فرصة مناسبة لاكتشاف فعالية هذه الأسلحة بما يتعلق بمكامن الضعف ونقاط القوة، استعداداً للمعركة الكبرى”.
ونوّه التقرير إلى أن “مشاركة اليمن في عمليات “طُوفان الأقصى” يعزز من دورها الإقليمي؛ فخلال حرب أُكتوبر عام 1973م تعرّض كيان الاحتلال لأول حصار بحري في تاريخه، بعد أن قام اليمنُ بعملية إغلاق بحري أمام السفن الإسرائيلية وتلك الداعمة لها في باب المندب، أكثر من نصف مليون كيلو متر ما بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط كانت ضمن الغطاء العملياتي في تلك الفترة، حَيثُ تم اعتراض وتفتيش أكثر من 200 سفينة من بينها سفن حربية أمريكية (Charles Adams) ما بين جزيرتي “بريم” وَ”جبل الطير”.
وَأَضَـافَ موقع “الخنادق”: “اليوم بعد مرور أكثر من 50 عاماً، تعودُ هذه المأساة التي تعرضوا لها إلى أذهان المسؤولين الإسرائيليين، بفارق ملموس، يتمثل باستهدافِ الصواريخ اليمنية عُمْقَ الكيان، لأول مرة في التاريخ، بظل قيادة سياسية وعلى رأسها السيد القائد عبد الملك الحوثي، تتبنّى العمليةَ وتعِدُ بالمزيد رغم سيل التهديدات الأمريكية التي تصلُ عبر سلطنة عُمان”.
وذكر التقريرُ أن “انخراط صنعاء إلى جانب المقاومة الفلسطينية بمواجهة “إسرائيل” قد يجعل من اتّفاق التطبيع السعوديّ الإسرائيلي يأخذ إطاراً مختلفاً؛ إذ إن ولي العهد السعوديّ المتعطش لفرض شروط تتلخص بزيادة وتيرة الحماية الأميركية بات شاهداً على أن الإدارة الأمريكية لم تعد قادرة على تلبية سقف الطموحات المتوقع، بالمقابل، فَــإنَّ الصواريخ التي أطلقت من الجغرافية السعوديّة سيأخذ محمد بن سلمان ثمنها عند استئناف مفاوضات التطبيع، الأمر نفسه ينسحب عن الورطة السعوديّة فيما لو قرّر اليمنُ اعتبارَ إسقاط الصواريخ والمسيَّرات التي يطلقها تجاه كيان الاحتلال اعتداءً، وبالتالي رد الضربة بضربة، وهذا ما أبداه عضو المكتب السياسي في حركة “أنصار الله”، محمد البخيتي، في منشورٍ على منصة “إكس” قائلاً: “لم نكن نتوقع أن يكون ضربُ العُمق الإسرائيلي أشدَّ إيلاماً للقيادة في السعوديّة والإمارات من ضرب الرياض وأبو ظبي””.
وتابع التقريرُ من ناحيةٍ أُخرى، فَــإنَّ “الضربات التي تصل إلى إيلات؛ كونها النقطة الأقرب إلى الحدود، تفي بالغرض بالنسبة لإدارة المعركة المتفق عليها بين حركات المقاومة، وهو إيصال رسالة للمستوطنين بالدرجة الأولى، أنْ لا أمنَ لهم في أي مكان على الخارطة الفلسطينية، بعد أن اعتقدوا أن لجوءَهم إلى إيلات؛ هرباً من مستوطنات غلاف غزة قد يقيهم الضربات، وهو ما سيفتح الباب لاحقاً إلى موجات هجرة بأعداد كبيرة، بدأت تسجل أرقامها فعلياً، مع حديث الإعلام العبري عن هجرة حوالي 250 ألف مستوطن منهم كبار رجال الأعمال منذ بدء الحرب على غزة”.
وقال التقرير: إن “التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة بات يشكّلُ قلقاً ويلقى صدىً واسعاً في أزقة البيت الأبيض، تتزايد وتيرته مع ارتفاع عدد هجمات المقاومة، حَيثُ يشرف التواجد الأمريكي على العمليات الأمريكية في اليمن، وقيادة العمليات الخَاصَّة المركزية الأمامية أَو SOCCENT FWD وعادةً ما يتم اختصارها باسم SFY، وهو عنصر أمامي في قيادة العمليات الخَاصَّة التي تتخذ من تامبا مقراً لها”.
ونقل موقعُ “الخنادق” عن نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، تريتا بارسي، وهو مركز أبحاث في واشنطن يدافع عن سياسة خارجية مقيدة، قوله: “إن أفضلَ استراتيجية لتجنب الانجرار إلى حرب أُخرى في الشرق الأوسط هي عدمُ وجود قوات دون داعٍ في المنطقة في المقام الأول وإعادة أُولئك الموجودين هناك الآن إلى ديارهم”، مُشيراً إلى أن “بايدن يعتقد أن القوات الأمريكية الحالية والجديدة في المنطقة تعملُ كرادع ضد الهجمات، لكن بدلاً عن ردع هذه الجهات الفاعلة، أصبحت تشكِّلُ القوات الموجودة على الأرض أهدافاً حقيقيةً”.