غَزْوَةُ تَبُوك أو غزوة العسرة هي الغزوة التي خرج الرسول محمد صلوات الله عليه واله لها في رجب من عام 9 هـ بعد العودة من حصار الطائف بنحو ستة أشهر.
ورغم ماورد فيها عن طريق مختلف السير والمرويات الا انها تجمع على أن هذا التحرك جاء ردة فعل على تحرك الرومان(اهل الكتاب ) واعدادهم لمهاجمة المسلمين فبادر الرسول صلوات الله عليه وعلى آله لتحرك هو لمواجهتهم
فماهي الأسباب التي شجعت الاعداء للتحرك وكيف تحرك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله؟!
من خلال عرض الاحداث الواقعة على القرآن ( سورة التوبة ) وفيما عرضه السيد حسين نستنج الاتي :
الظروف المحيطة بالغزوة :
سورة التوبة تحدثنا عن وضع غير طبيعي حصل في أيام إعداد الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أولئك الناس، ذلك المجتمع لمواجهة الروم في غزوة تبوك، ما الذي حصل؟ تثاقل، تباطؤ، تخلف، قعود، وآيات القرآن في سورة التوبة تهاجم، وتدفع بعبارات قاسية، بعبارات تعتبر بالنسبة للشخص الذي يتقاعد ويتخلف إهانة تعتبر إهانة له، عملية دفع، عملية زعزعة، محاولة تشجيع، وحركة نفاق تبدو على أوسع نطاق. لاحظوا [سورة التوبة]
الواقع الداخلي للمسلمين :
كان الوضع الداخلي للمسلمين مضعضع وغير متماسك، وقابل لأن يزعزع ، فعادة عندما يتحرك منافقون بأعداد كبيرة منهم معروفون، ومنهم غير معروفين، ومنافقون – بطبيعتهم – ألوان:
منهم من هو لا يزال كافر في باطنه مظهر للإسلام، ومنهم من هو مسلم، ولكنه مازال من النوعية التي في قلبه مرض، من النوعية التي يؤثر مصالحه، من النوعية الذي يؤثر أنانيات، ونظرات معينة لديه، أعداد كبيرة تحركت, وعندما يتحرك المنافقون في ظروف كتلك يدل على أن المجتمع أصبح في ما ظهر عنه قابل لأن يُزعزع، ويُثبَِّط.
لذلك نجد أن: القرآن دفعهم دفعاً رهيباً في غزوة تبوك، مع أن الله يعلم أنهم لن يواجهوا بقتال، أخرجوا، حتى ثلاثة أشخاص عندما تخلفوا ماذا كان موقف النبي منهم (صلوات الله عليه وعلى آله)؟. قال: لا تكلموهم. كان استنفاراً عاماً لأن المسألة كان الجانب التربوي فيها للأمة أكثر من احتمال المواجهة العسكرية من خلال القرآن نفسه، خرجوا متثاقلين، ووضع اقتصادي سيئ، ومعنويات هابطة جداً، هم عدد قليل سيواجه أكثر من مائة ألف أو من مائة وثلاثين ألف جندي حشدتهم دولة الرومان. خرجوا بتثاقل، وتباطؤ ومعنويات هابطة وزحزحة.
كل هذه العوامل شجعت الروم للتحرك لمواجهة المسلمين فكيف فعل رسول ألله؟!
التربية على الاستقلالية والرفع لمعنويات الامة :
على الرغم من الفرص المواتية لرسول الله الا انه [لم يحاول الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يعود إلى دولة كسرى, إلى دولة الفرس وهي كانت أيضاً الدولة العظمى الثانية في ذلك العصر ليستمد منها؛ لأنه سيواجه دولة كبرى، والدولة هذه لا تزال في صراع مستمر مع دولة الفرس فتكون فرصة مهيأة له بأن يحصل على دعم من الفرس، من الأكاسرة فيشدوا أزره فيهاجم دولة الرومان، لم يحصل هذا، ولم يحاول، بل لم يفكر في هذا. ]
فالرسول ( صلوات الله عليه واله ) [ أراد أن يربي هذه الأمة كيف تكون معتمدة على نفسها، وعلى ربها، وعلى كتابها، وعلى نبيها؛ لأنها تملك ديناً قيِّماً يستطيع هذا الدين أن يجعلها تقف على قدميها دون أن تحتاج لا إلى شرق ولا إلى غرب، ولا إلى أمريكا ولا إلى روسيا، ولا إلى أطراف أخرى. خرجوا متثاقلين، جمعوا نحو ثلاثين ألفاً بعد الحشد والاستنفار العام, والحشد الهائل والدفع الهائل، ثلاثين ألفاً توجهوا على بعد سبع مائة وخمسين كيلوا من المدينة باتجاه الشام.
المنطق السائد عند اغلب المسلمين عن كيفية المواجهة كان هو التحصن في الثغور فقط دون الخروج للمواجهة:
فبدا رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) شخص وكأنه – أمام الآخرين – لا يدري من سيواجه، إذاً أحشد هذا الحشد، لكن حاول أن تضع هذا الحشد في أماكن تحصن منه البلد الإسلامي الذي قد أصبح بين يديك، واتسعت رقعته بين يديك .. لا. تحرك رسول الله صلى الله عليه واله ضمن مسارين :
١_ المبادرة والتحرك للهجوم على الكافرين :
هو الذي هاجم وبادر بالهجوم هو، ليهاجم بأولئك الجيش، أو بذلك العدد، ذا النفسيات الهابطة، والمعنويات المنحطة، على بعد, إلى أعماق, إلى أقرب منطقة للدولة الرومانية، إلى تبوك. الروم أزعجهم هذا أزعجهم فقرروا عدم المواجهة، ما الذي حصل؟. وتحرك رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو ما يزال في تبوك تحرك بسرايا هنا وسرايا هناك، وعمل أعمالاً يتحدى, يتحدى فارتفعت معنويات الناس بشكل رهيب جداً، خرجوا وهم يرون الروم مستحيل أن يواجهوهم.
٢- رتب الجانب الأمني للوضع الداخلي تمهيدا للخروج :
كان المنافقون, وبعض من تخلفوا من الأعراب تشجعوا إلى أن يدبروا مؤامرة ضد رسول الله في المدينة نفسها ليمسحوا الدولة الإسلامية بكلها فترك لهم رسول الله علياً، علي هو صمام الأمان للدولة الإسلامية سيبقى في المدينة بعده، وهو من يخرج إلى أقصى منطقة.
ولهذا المنافقون عملوا دعاية ضد علي (عليه السلام): أنه إنما خلفه في النساء والأطفال، أنه إنما استثقله، كره خروجه معه. فلحق علي (عليه السلام) برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) فقلده ذلك الوسام الذي أبكم المنافقين, وكمم أفواههم: ((أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)) فعاد علي (عليه السلام) إلى المدينة ورسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) توجه لقيادة الجيش إلى (تبوك)
النتيجة:
هذا الاستراتيجية القيادية عملت على إنهاء حالة الانقسام الداخلية وكسرت الرؤى الضيقة والسلبيات للمسلمين (رجعوا من تبوك وهم كل واحد أصبح اثنين، ثلاثة في داخل ردائه وإزاره، قهروا الدولة العظمى في ذلك العالم وبدون مواجهة .. ففيما بعد بقيت معنوياتهم مرتفعة. وكانت ثمرة كل ذلك ماعرف فيما بعد بالفتوحات الإسلامية..
رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) كان يريد شيئاً عظيماً للأمة، يرفع معنوياتها، يربيها، يشد من أزرها، يقوي إيمانها، يربيها كيف تعتمد على نفسها، وفي نفس الوقت يختار لها القائد المُهِم العظيم الذي هو جدير بقيادتها علي بن أبي طالب في يوم الغدير.
الخلاصة: ماشبه اليوم بالأمس في الوضع الداخلي للأمة والظروف المحيطة بها والأجواء الواقعية وتحركات الاعداء وتحرك المتاسين برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ومبادرتهم لاعداء الإسلام إلى حصونهم
وسيكون الواقع كذلك نصرا وتمكين وفتوحات عالمية والله ولي المؤمنين وبشر الصابرين ..
–
الباهوت الخضر