قالت صحيفة “لو موند” الفرنسية، إنّ الولايات المتحدة تجد صعوبةً في مراعاة جانبي المأساة، – وفق ما وصفت – “مأساة إسرائيل” من جهة، التي تَحطم مفهومها للأمن القومي في السابع من أكتوبر، ومن جهة ثانية مأساة المدنيين الفلسطينيين الذين وصل عذابهم في قطاع غزة إلى مستويات غير مسبوقة، تحت القصف الإسرائيلي، بعد أن وضعت واشنطن مصداقيتها ومواردها إلى جانب “إسرائيل” التي يهيمن على حكومتها قوميون عنصريون، ويُتهم “جيشها” بارتكاب جرائم حرب في غزة.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنّ هذا الدعم بالنسبة للرئيس الأميركي، جو بايدن، “ليس مسألة حسابات حزبية، بل هو مسألة موقف ضروري في مواجهة حماس”، لافتة إلى أنه ومع ذلك، “كلما تراكمت جرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة، يتآكل تأثير الرعب الذي عانت منه إسرائيل في الرأي العام”.
وتابعت الصحيفة نفسها أنّ إدارة بايدن قدمت الدعم السياسي والعسكري الكامل لـ”إسرائيل” فوراً، وسلّمتها السلاح، ونشرت قوات هائلة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وكثفت التعاون الثنائي فيما يتعلق بالمعلومات الاستخباراتية، وكذلك التحليلات العسكرية، مثبتةً بذلك “التزام الولايات المتحدة الحزبي بالوقوف إلى جانب إسرائيل إذا تعرض أمنها للتهديد”.
وبحسب “لو موند”، فقد “انقلب تصور هذا الالتزام ضد البيت الأبيض وعزله”، خصوصاً بسبب “تشكيكه في التقارير الرسمية التي تصدرها وزارة الصحة في غزة، وثانياً في “إلقاء المسؤولية الكاملة عن الوفيات على عاتق حركة حماس”، حيث تزعم (واشنطن) أنّ “مقاتلي الحركة يختبئون بين المدنيين”، وكذلك “تتبنى علناً أفعال إسرائيل”، الأمر الذي خلق شرخاً بينها وبين بعض الدول العربية، وخلاف واشنطن الآخر مع جزء كبير من الناخبين الديمقراطيين.
وتساءلت الصحيفة الفرنسية، “كيف يمكننا أن نضع أنفسنا حامياً لإسرائيل ونطالب بدور الوسيط؟”، مشيرةً إلى أنّ “هذا التناقض الذي كان في قلب سياسة الولايات المتحدة منذ 30 عاماً، وصل اليوم إلى ذروته”.
كذلك تساءلت: “كيف يمكننا أن نفتخر بالموقف الأخلاقي ونحن نرفض فكرة وقف إطلاق النار؟.. وكيف يمكننا أن ندين الضربات الروسية على البنية التحتية المدنية في أوكرانيا ونكتفي بالتذكير بالقوانين الإنسانية الدولية في حالة “إسرائيل”؟ لافتةً إلى أنهم في واشنطن يزعمون أنّ “إسرائيل لا تقتل المدنيين عمداً”.
وتناولت “لو موند” دعوة السيناتور الأميركي، بيرني ساندرز لـ”إسرائيل” لتغيير إستراتيجيتها، والذي نبّه أيضاً إلى المساعدات العسكرية المقدمة كل عام إلى “إسرائيل”، – في إشارةٍ إلى “حق واشنطن في مراجعة إسرائيل”، متسائلة: وإلا كيف ستتحمل الولايات المتحدة القيام بعمليات ضد المستشفيات في غزة، وهي مواقع مدنية بامتياز؟”، وفق الصحيفة الفرنسية.
وفي السياق، صرّح ضابط الاستخبارات الأميركي المتقاعد سكوت ريتر، بأنّ بنيامين نتنياهو (رئيس حكومة الاحتلال) يريد بشكلٍ بائس جرّ الولايات المتحدة إلى هذه الحرب، لأنّه يعلم أنّ قواته غير قادرة على إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر، “في إشارة إلى “الحرب ضد غزة واحتمال توسع الجبهات”.
وتواصل الولايات المتحدة الأميركية دعم الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة المستمر منذ 30 يوماً، تحت ذريعة “الحق في الدفاع عن النفس”، بحيث ادّعى الرئيس بايدن، أنّ “ما تفعله إسرائيل لا يعني تجاوزاً للقوانين الإنسانية والدولية”، بحسب تعبيره. وإضافة إلى الدعم العسكري لـ”إسرائيل” تمثّل الدعم الأميركي أيضاً بزيارات مسؤولين أميركيين للأراضي المحتلة، وعلى رأسهم بايدن، وثلاثة زيارات لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع لويد أوستن، وغيرهم.