هذا ما أعدّته صنعاء لـ «المعركة الكبرى»

281
اليمن يقلب موازين القوى الرادعة ويتحول الى "قوه عظمى" بجانب إمبراطوريات "روسيا والصين" التي تتسابق للتحالف معه ويعاظم المخاوف الأمريكية من "الشرق الأوسط الجديد"

أثار إعلان «أنصار الله» الدخول في معركة «طوفان الأقصى»، عدداً من التساؤلات عن القدرات العسكرية الجوّية للحركة، ومدى استعدادها لحرب إقليمية مع دولة الاحتلال قد يطول أمدها، وخياراتها العسكرية في التعامل مع التهديدات الإسرائيلية والأميركية، خصوصاً أن اليمن لا يزال يعيش حالة حرب منذ تسع سنوات، وتتعرّض قيادته في صنعاء لتهديدات غربية بتفجير جبهات الداخل البالغ عددها 47، والانقلاب على اتفاق خفض التصعيد الذي دخل حيّز التنفيذ مطلع نيسان 2022. لكن المعطيات العسكرية تشير إلى أن استعدادات «أنصار الله» للمشاركة في أيّ معركة إقليمية، تعود إلى عدّة سنوات، وليست وليدة اللحظة، وهي متّسقة وعقيدة الحركة القتالية منذ نشأتها مطلع الألفية الثانية.

ذلك أن القضية الفلسطينية تحتلّ مكانة مهمّة في أدبياتها كافة، فيما المشاركة في القتال ضدّ العدو هدف وضعه مؤسّسها، حسين بدر الدين الحوثي، قبل نحو عشرين عاماً، حاثّاً أنصاره على مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأميركية، ومواجهة العدو فكرياً وثقافياً وعسكرياً. ورغم ضخامة المعارك التي خاضتها «أنصار الله» منذ عام 2015، والتي لم يكن حضور العدو الإسرائيلي بعيداً منها، ولكن هذا الانخراط الكامل لم يمنعها من إعداد العدّة للمشاركة في أيّ مواجهة كبرى، إلى حدّ أنه منذ عام 2017، بدأ الحديث عن استهداف ميناء إيلات المطلّ على البحر الأحمر.

وعملت صنعاء، التي تبعد عن جنوب فلسطين المحتلة نحو 1600 كيلومتر، على تطوير قدراتها العسكرية الجوية في السنوات الماضية، وتمكّنت من تعديل عدد من منظومات الصواريخ الروسية لديها، وزيادة مدياتها. وكانت أولى العمليات التي استخدمت فيها صواريخ بعيدة المدى، عملية استهداف مواقع حساسة في مدينة الطائف السعودية التي تبعد عن آخر نقطة إطلاق في اليمن نحو 900 كيلومتر، مطلع أيلول 2016، بواسطة صاروخ باليستيي معدّل من طراز «بركان – 1»، المطوَّر من «سكود سي» الروسي.

وأعقبت تلك الضربة النوعية، أخرى مماثلة استُخدم فيها الصاروخ نفسه، واستهدفت مطار الملك عبد العزيز في جدة غرب المملكة في أواخر العام المذكور. إلّا أن منظومة صواريخ «بركان» عادت وخضعت للتطوير، ليُكشف عن جيل جديد منها عام 2019، أُطلق عليه اسم «بركان – 2» الذي يحمل رأساً متفجّراً أكبر، ويصل مداه إلى 1400 كيلومتر، ويعمل بالوقود الصلب.

وفي موازاة ذلك، عمدت صنعاء إلى تطوير عدد من منظومات الطيران المسيّر، بمديات بعيدة وصلت إلى نحو 1500 كيلومتر عام 2019، لتقترب بهذا التطور من بلوغ ميناء إيلات. وبعد تصاعد عمليات «أنصار الله» ضدّ أهداف سعودية عام 2020، وتجاوز صواريخها الرياض ووصولها إلى أبو ظبي، بدأت المخاوف الإسرائيلية تتصاعد من تنامي تلك القدرات، وهذا ما عزّزه أيضاً تزايد تصريحات القادة العسكريين اليمنيين المحذّرة من أيّ اعتداءات إسرائيلية في البحر الأحمر.

وكان عدد من المراقبين قد وصفوا التصريحات المشار إليها بالمبالغ فيها، بخاصة أنها تزامنت مع اشتداد المواجهات على جبهات الداخل وتصاعد القصف المتبادل مع التحالف السعودي – الإماراتي قبل وقف إطلاق النار. لكن وفقاً لأكثر من مصدر في صنعاء تحدّث إلى «الأخبار»، فإن العدو الإسرائيلي شارك بالفعل في الحرب على اليمن، حيث رُصدت تحرّكات لها في جزيرة سقطرى بغطاء إماراتي، وكذلك تحرّكات مماثلة على الساحل الغربي بغطاء من التشكيلات الموالية لأبو ظبي أيضاً.

ومن هنا، توعّد وزير دفاع حكومة الإنقاذ، اللواء محمد العاطفي، العدو الإسرائيلي، عدّة مرّات في الأشهر الماضية، بضربات جوية، وأكد أن قواته أصبحت جاهزة لضرب أيّ هدف داخل الكيان. وبهذا، يتّضح أن رغبة صنعاء في استهداف دولة الاحتلال سابقة لعملية «طوفان الأقصى» بسنوات، وأن «أنصار الله» استعدّت لمثل هذه المعركة بصناعة منظومة حديثة من صواريخ «قدس» بعيدة المدى وغيرها، فيما وضعت، منذ عام 2020، ميناء إيلات نصب عينها، وأدخلته ضمن بنك أهدافها في الأراضي الفلسطينية المحتلّة قبل نحو عامين.

وفي مدة الهدنة الإنسانية، عملت صنعاء على تحسين تلك الاستعدادات وتعزيزها، لتعلن، لأوّل مرّة، في أيلول الفائت، امتلاكها ترسانة صاروخية حديثة قادرة على الوصول إلى أهداف في وسط دولة الاحتلال. وفي 21 أيلول، كشفت في عرض عسكري كان الأكبر منذ ثماني سنوات، عن عدد من المنظومات الصاروخية بعيدة المدى، القادرة على ضرب أهداف إسرائيلية في البحر الأحمر وفي الأراضي المحتلة، إلى جانب طائرات مسيّرة بعيدة المدى سبق أن وصلت إلى أبوظبي ودبي وطاولت أهدافاً عسكرية في قاعدة الجفرة في الإمارات.

وعلى مدى العامَين الماضيَين، اهتمّت صنعاء بتطوير مديات الصواريخ المجنّحة، وكشفت عن صواريخ تتباين مدياتها بين 1500 و2000 كيلومتر، وعن تمكّنها من تطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى لأوّل مرّة. ومن بين تلك الصواريخ «بدر Z-0»، وهو صاروخ أرض – أرض بعيد المدى، قادر على إصابة الأهداف البرية والبحرية الثابتة والمتحركة، ويتميّز بقدرة تدميرية عالية؛ و«قدس 4» (أرض – أرض) بعيد المدى والذي يتّسم بالقدرة على التخفّي عن الردار؛ و«عقيل» (أرض – جو) الذي يعمل بالوقود الصلب ويتميّز بالمناورة الجوية؛ و«طوفان»، و«تنكيل»، و«مطيع»، و«قدس Z-0»، فضلاً عن «حاطم» الباليستي، بعيد المدى والذي يعمل بالوقود الصلب؛ و«قدس 3» المطوَّر والذي يعمل بالوقود السائل، ويتميّز بقدرته على التخفّي عن الرادار؛ و«فلق» الباليستي، بعيد المدى والذي يعمل بالوقود السائل، ويحمل رؤوساً حربية عدّة. ويُضاف إلى ذلك، صاروخ «المحيط» المجنّح، وهو صاروخ أرض – بحر بعيد المدى مطوّر من صاروخ «قاهر»؛ وصاروخ «عقيل»؛ بالإضافة إلى أسلحة بحرية، وأنواع متعدّدة من الطائرات المسيّرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ
رشيد الحداد

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا