دخل اليمن رسمياً الحرب الدائرة مع الكيان المؤقت بصواريخه ومسيّراته، على لسان القوات المسلحة اليمنية، وتم الإعلان عن قصف مواقع في الأراضي المحتلة بصواريخ باليستية وأخرى مجنّحة ومُسيّرات انتحارية.
خطوة جريئة وشجاعة لم يسبق لها مثيل خلال الخمسين عاماً مضت، لا سيما انها جاءت رداً سريعاً على التهديد الأميركي لصنعاء لمنعها من التدخل فكانت أوامر قائد أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي حاسمة بأن اليمن جزء من المعركة وجزء من محور المقاومة، وان غزة ليست وحيدة هذه المرة، الأمر الذي فاجأ الأميركيين وصانعي القرار في الكتلة الغربية وكيان إسرائيل، لكن كيف تلقف الفلسطينيون هذه المشاركة اليمنية مع بدء العملية البرية الصهيونية في قطاع غزة؟
فرحة وتحية لقيادة صنعاء
مشهد انطلاق الصواريخ والمسيّرات اليمنية نحو الأراضي الفلسطينية أثلج صدور العرب والفلسطينيين على وجه الخصوص، فحيا القيادي في حماس إسماعيل هنية جبهة اليمن، فيما عبّرت إحدى الفلسطينيات في فيديو مصوّر على منصة “إكس” عن مزيج من مشاعر الفخر والاعتزاز والاطمئنان بقولها: “قوة قوة يا يمن، لا بارك الله في الضعيف، أضرب تل أبيب”، “هذه هي المواقف المشرفة”.
وفي هذا الإطار نقلت المواقع الرسمية التابعة لكتائب القسام كلمة الناطق باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع، كما نشرت المشاهد والمواقف اليمنية الداعمة لمعركة “طوفان الأقصى” على الصعيد السياسي والعسكري. بالإضافة إلى العمليات المشتركة للقوة الصاروخية اليمنية وسلاح الجو المسير على أهداف في عمق الكيان المؤقت.
من الجدير بالذكر أن اليمن الذي كان يعيش لسنوات من الحصار كالتي يعيشها اليوم الفلسطينيون في غزة استطاع أن يصبح جزءً أساسيًا من معادلة الردع الإقليمية مع الكيان الصهيوني.
ترجمة عملية لوحدة الساحات
إذن دخلت اليمن رسميًا في قلب الصراع الميداني، وفي تحذير شديد اللهجة، قال العميد يحي سريع: “سنواصل تنفيذ هجمات عالية الجودة باستخدام الصواريخ والطائرات بدون طيار حتى يتوقف العدوان الصهيوني”. على الصعيد العملي ترجمة ساحة اليمن وقبلها حزب الله، ترابط محور المقاومة، بتشكيلاته الإقليمية، في هذه المرة عسكريًا في المقام الأول، بعد الدعم سياسيًا وإعلاميًا واجتماعيًا وأمنيًا.
في إطار تبادل المعطيات وتقدير الموقف والتعاون والتنسيق والترابط والتكامل ضمن غرفة العمليات المشتركة المعنيّة بصلب وجوهر صراعها مع الكيان المؤقت، على الرغم من بعدها الجغرافي الشاسع عن فلسطين المحتلة.
أدى إطلاق الصواريخ اليمنية إلى انطلاق صفارات الإنذار في إيلات على بعد حوالي 250 كيلومترا (155 ميلا) جنوب القدس، مما دفع الصهاينة إلى الفرار واللجوء إلى الملاجئ. بالإضافة إلى توقف الملاحة في الميناء الحيوي الذي يوفر نصف احتياجات كيان “إسرائيل” من النفط المستورد من الخارج ويربطها بتجارة بلدان الشرق الأوسط.
يرى توماس جونو الأستاذ في جامعة “أوتاوا” الذي درس اليمن لسنوات قال: إن حقيقة وجود جبهة أخرى مباشرة من جنوب كيان “إسرائيل” تزيد من خطر إمكانية التغلب على (الدفاعات الجوية) الصهيونية، ومن ثم يمكن أن يصبح الأمر أكثر إثارة للقلق إذا أطلق حزب الله وحماس وآخرون وابلاً صاروخياً هائلاً. يختم بأن اليمنيين يمتلكون الآن “قوة صارمة” واستطاعوا مع الوقت أن يتمكنوا من تطوير برنامجهم الصاروخي بمساعدة إيرانية.
تعتبر مشاركة اليمن بهذا الشكل ضمن مسار متسارع على جبهة قطاع غزة والجبهة الشمالية، واشتداد ضغط النازحين الصهاينة في جنوب فلسطين المحتلة، إشكالية صهيونية تظهر في أزمة الدفاعات الجوية الصهيونية بالتصدي الدائم للصواريخ اليمنية، وفي هذا الإطار، أرسل الكيان سفنا وبوارج حربية تابعة للبحرية الصهيونية إلى منطقة البحر الأحمر (لم يظهر حتى الآن فعالية هذا الإجراء).
في الجهة المقابلة، يؤكد محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لحركة أنصار الله استمرارية العمل العسكري ضد كيان “إسرائيل” قائلاً :” هذه الضربات تأتي في سياق التزامنا الأخلاقي والديني والإنساني بحق إخواننا في فلسطين، بل أن هذا واجب علينا من أجل نجدة إخواننا في فلسطين الذين تكالبت عليهم العديد من الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، وهذه الضربات ستستمر حتى توقف كيان إسرائيل جرائمها بحق الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو في الضفة الغربية أو على كامل الأراضي الفلسطينية”.
يسجّل لليمنيين تاريخيًا أنه رغم سنوات الحرب والدمار وبُعد المسافات لم يخذلوا فلسطين وهي أول دولة عربية تعلن الحرب رسمياً على الكيان المؤقت في معركة “طوفان الأقصى”.