تتزامن الذكرى الـ 106 لوعد “بلفور”، الذي كان الأساس لسلسلة متلاحقة من “النكبات”، وصولا إلى ما يجري في غزة، حيث تنصب حمم النار الآن.
وعد بلفور هو عبارة عن رسالة وجهها في 2 نوفمبر 1917 آرثر بلفور، وزير الخارجية البريطاني في ذلك الوقت، إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد، وهو صهيوني بريطاني بارز.
في تلك الرسالة أعرب الوزير البريطاني بلسان بريطانيا عن مساندتها لإقامة “وطن قومي يهودي” في فلسطين.
نص رسالة بلفور:
وزارة الخارجية، 2 نوفمبر 1917
عزيزي اللورد روتشيلد،
يشرفني أن أنقل إليكم، باسم حكومة جلالته، الإعلان التالي الذي يعرب فيه عن تعاطفه مع التطلعات الصهيونية لليهود، والمقدم لينظر فيه مجلس الوزراء ويوافق عليه:
“تدرس حكومة جلالة الملك الموافقة على إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل قصارى جهدها لتعزيز هذا الهدف. من المفهوم بوضوح أنه لا ينبغي اتخاذ أي إجراءات يمكن أن تنتهك الحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين أو الحقوق والوضع السياسي، والتي يتمتع بها اليهود في أي بلد آخر”.
وسأكون ممتنا جدا لو تفضلتم بإطلاع الاتحاد الصهيوني على هذا الإعلان.
مع خالص التقدير لكم،
آرثر جيمس بلفور.
أسباب ذلك الوعد:
من بين الأسباب التي دفعت بريطانيا إلى منح اليهود وعدا بوطن في فلسطين التي وقعت تحت سيطرتهم في أعقاب الحرب العالمية الأولى وانهيار الإمبراطورية العثمانية في وقت لاحق نجد التالي:
الرغبة في دفع الجالية اليهودية الأمريكية إلى الضغط على الحكومة الأمريكية من أجل جعلها تنضم إلى الحرب العالمية الأولى إلى جانب الوفاق.
كما يقول رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت لويد جورج: “وعد بلفور ليس مجرد عمل رحمة. يجب أن يكون مفهوما أننا نتحدث عن صفقة في المقابل … لدعم يهود العالم كله من أجل قضية الحلفاء”.
بريطانيا كانت تعتقد أن وجود سكان “أصدقاء” في فلسطين بموقعها الاستراتيجي الهام، يمكن أن يضمن لبريطانيا مصالحها إضافة إلى استقرار المنطقة.
بالنسبة لداخل بريطانيا، كانت الحركة الصهيونية قوية في المملكة وصاحبة تأثير كبير على الرأي العام والأوساط السياسية.
لندن كانت تحاول الاستفراد بـ”حق” السيطرة على فلسطين، في حين أنه بموجب الاتفاقية الانجلو فرنسية التي سبقت إعلان بلفور، كان يفترض إقامة منطقة تحت السيطرة الدولية في وسط فلسطين وليس البريطانية.
وعد بلفور عمليا غير مجرى التاريخ، حيث أعلنت فرنسا في فبراير عام 1918 موافقتها على ذلك “الإعلان” أو الوعد، وتبعتها إيطاليا في 9 مايو 1918، ثم وافق عليه الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون في 31 أغسطس 1918، فالكونغرس الأمريكي في 30 يونيو 1922.
الجدير بالذكر أن نص وعد بلفور لا يتطرق إلى القدس ولا يتحدث عن حدود لفلسطين بطبيعة أوضاع المنطقة في ذلك الزمن، ما أضفى ضبابية وتناقضات على ذلك الإعلان الذي تصفه أوساط المثقفين العرب بـ”المشؤوم”.
وعد “بلفور” كان وصفه الزعيم المصري جمال عبد الناصر قائلا لقد “أعطى من لا يملك، وعدا لمن لا يستحق، ثم استطاع الاثنان من لا يملك ومن لا يستحق، بالقوة وبالخديعة أن يسلبا صاحب الحق الشرعي حقه، فيما يملكه وفيما يستحقه”.