دخلت الدبابات الصهيونية الى مدينة الخليل ، وفي مشهد مأساوي لجندي صهيوني يطرح امرأة فلسطينية أرضا ويدوس على رأسها بجزمته. وفي اليوم التالي خرج الرئيس الأمريكي بوش الابن ليعلن في مؤتمر صحفي قائلا : ( لن يفاوض الإسرائيليون تحت تهديد الإرهاب).
حقيقة التاريخ المؤلمة أن فلسطين أكثر دولة في العالم – وحتى هذا الاسم لم يعترف به – والى اليوم تتعرض لبطش أمريكا سياسيا وعسكريا من خلال وقوف واشنطن مع الكيان الصهيوني الغاصب بدا من مجلس الأمن وحق الفيتو، ومرورا بالمساعدات المالية والاقتصادية والعسكرية التي تمنحها لنازية الصهاينة لقتل الشعب الفلسطيني العربي المسلم !
-مظلومية تاريخية
في عام 1914م ومع بداية الحرب العالمية الأولى وعدت بريطانيا العرب بمساعدتهم على الاستقلال عن الدولة العثمانية بشرط دخولهم الحرب إلى جانب بريطانيا ضد المانيا والعثمانيين , وتزامن ذلك باتفاقية سايكس – بيكو بين بريطانيا وفرنسا لتقسيم بلاد العرب بينهما سنة 1916م .
وبعد سنة واعد اصدرت بريطانيا في 2 نوفمبر 1917م وعد بلفور المشؤوم بمنح فلسطين وطنا قوميا لليهود وعملت على احتلال فلسطين وادخالها تحت الانتداب ليتسنى لها تنفيذ وعد بلفور .
واليوم الذكرى ال106 لذلك الوعد المشؤوم والشعب الفلسطيني يواجه عدوان نازي صهيوني تقف من خلفه دول الغرب وامريكا في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية وتشريد سكان غزة امام خذلان عربي وصمت دولي .
-وعد روزفلت
ما بين وعد بريطانيا سنة 1917م ممثلا بوعد بلفور ( آرثر جيمس بلفور وزير المستوطنات والخارجية البريطانية ) في 2 نوفمبر 1917م ، ووعد امريكا سنه 1944م ممثل برئيسها آنذاك تيودور روزفلت يبقى هدف الغرب واحد منح فلسطين وطنا قوميا لليهود وتشريد شعب فلسطين واحتلال ارضه .
في 9 مارس 1944م نشرت وكالة رويترز برقية صادرة من واشنطن تقول : ( إن الحاخامين الدكتور ستيفن وايز والدكتور أباهيلل سيلفر ممثلين عن الحركة الصهيونية قد قابلا الرئيس روزفلت اليوم , وقد صرح لهما بإعلان البيان التالي على لسانه : ( ان الحكومة الأمريكية لم توافق مطلقا على الكتاب الأبيض والصادر في لندن سنة 1939م، والذي حدد هجرة اليوم الى فلسطين …. واعلن روزفلت عن سعادته لأن ابواب فلسطين سوف تفتح الآن أمام اليهود …… وحينما يحين الوقت لتقرير شؤون منطقة الشرق الأوسط فأن الحقوق العادلة سوف تتأكد للذين يطالبون بوطن قومي لليهود في فلسطين .
وان ذلك هدف تنظر اليه الحكومة الأمريكية والشعب الأمريكي بعطف عميق والأن أكثر من أي وقت مضى … ) .
وفي عام 1946م كتب الكولونيل ويليام ايدي الوزير الأمريكي المفوض في جدة في مذكراته يقول أن الرئيس ترومان قد أبدى اهتماما بالمطالب الصهيونية في فلسطين ، فحاول إيدي أن يلفت انتباهه أن ذلك قد يغضب العرب .
فأنفعل عليه ترومان وقال غاضبا : ( اسمع … إنني أنوى ترشيح نفسي للرئاسة مرة أخرى ، وحسب علمى فإن العرب ليس لديهم أصوات في الانتخابات الأمريكية ، لكن اليهود لهم أصوت ولهم تأثير ).
وفي 15 مايو 1948م أعلن البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي هارى ترومان منح اعترافا دبلوماسيا للدولة الجديدة – الكيان الصهيوني- وذلك بعد إحدى عشر دقيقة من قيامها .
واعتراف بفضل الرئيس الأمريكي ترومان في إنشاء الكيان الصهيوني اثنى عليه ما يسمى – حاخام إسرائيل الأكبر – قائلا له : ( لقد وضعك الله في رحم أمك كي تعيد إنشاء إسرائيل ) .
وفي 2 يونيو 1964م استقبلا الرئيس الأمريكي جونسون رئيس الوزراء الصهيوني ليفي أشكول وأمام الصحافة وبشكل علني قال : ( إن اسرائيل لها أن تعرف وأن تثق بأن لها صديقا وفيا وحميما في البيت الأبيض , وأن سلامة وأمن إسرائيل هما جزء لا يتجزأ من سلامة وأمن الولايات المتحدة ) .
وخلال الحملة الانتخابية الثانية للرئيس الأمريكي كلينتون 1997م , واعلن بكل بوضوح لا لبس فيه أن القدس هي عاصمة اسرائيل وعارضا انشاء دولة فلسطينية مستقلة اقتصاديا بلغ مجموع المساعدات الرسمية التي قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية للكيان الصهيوني من عام 1949 وحتى 1996م قرابة 77 مليار دولار , وتلتزم أمريكا باستيراد الصادرات الصهيونية والتي لم ينجح الكيان في تسويقها للعالم .
-قرارات دولية
يقول المفكر الفرنسي روجيه جارودي ( لقد استطاعت اسرائيل أن تنتهك 250 قرارا من قرارات الأمم المتحدة منذ نشأتها ، نتيجة تمنعها بالحماية والدعم غير المشروط من جانب القوة العظمي التي تمتلك تكنولوجيا التدمير الأكثر فاعلية في العالم ) .
وعندما صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947م ، فقد طالب بتقسيم فلسطين – والتي كانت مازالت تحت الاحتلال البريطاني – إلى دولة عربية وأخرى يهودية على أن يكون القدس تحت الوصاية الدولية ، وقد منحت خطة التقسيم هذه 44% من أرض فلسطين للفلسطينيين ليقيموا عليها دولتهم ، في الوقت التي كان يمتلك فيه الفلسطينيون آنذاك 96% من الأراضي مقابل 6% فقط لليهود .
رغم ما قام به المحتل البريطاني والصهيونية منذ وعد بلفور ومن قبله استخدام وسائل العنف لتهجير سكان فلسطين وشراء اراضيهم بطرق عديدة واساليب مختلفة .
وبالمقارنة بقرار مجلس الأمن رقم 242 الذي طالب بانسحاب الكيان الصهيوني عن الأراضي التي احتلها في حربه العدوانية في 5 يونيو 1967م فان هذا القرار فيما يخص فلسطين يمنح الفلسطينيين 20% فقط من أرض فلسطين . بينما تمنحهم خارطة الطريق ومؤتمر مدريد واوسلو 13% من فلسطين .
وللأسف يبذل قادة العرب مل غال ورخيص في مقابل الظفر بهذا الانجاز ويقدموا كل التنازلات ورغم ذلك يتلكأ الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا في المضي قدما نحو انشاء دولة فلسطين على هامش التاريخ والجغرافيا فمنذ مؤتمر مدريد 1991م نجد الغرب يقدم سراب من وعود كاذبة للعرب ليأتي يوم 7 اكتوبر بطوفان الأقصى ليذكر العالم عامه والغرب وامريكا خاصة بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته وتطبيق قرارات مجلس الأمن 181 و242.
بعد ان تنصل الجميع عن مسؤولياتهم وهم يرون شعب فلسطين منذ 75 سنة تحت وطأة الاحتلال النازي الصهيوني الذي يمارس حرب ابادة ومذابح وتهجير بدعم غربي – امريكي بدا بتواطئي بريطانيا ومع اعلان كيانه في مايو1948م تولت امريكا دعمه سياسيا واقتصاديا وعسكريا وتتجلى ذلك في معركة طوفان الأقصى والدعم اللامحدود من امريكا والغرب لهذا الميان الغاصب لأرض فلسطين .
وفي ابريل 2002م ، كان قد صدر قرار من الأمم المتحدة يدعو إلى الانسحاب الصهيوني من الأراضي التي احتلها حديثا وبدون تأخير .
وقد كانت تلك الفترة قد شهدت حبس – أن صح التعبير – الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقره برام الله والتهديد بقتله واجتياح عدد من المدن الفلسطينية .
فرد الكيان الصهيوني على القرار الدولي بتصعيد عملياته ضد الفلسطينيين ، وظهور وزير خارجية أمريكا آنذاك ( كولن بول ) على شاشات التلفاز ويتحدث في سرور بقوله : ( إنا سعيد لسماعي ما يقوله رئيس الوزراء في تعجيله في عملياته ) . أي الاسراع بقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في أقل مدة زمنية !
وفي يوليو 2004م ، اقرت محكمة العدل الدولية ازاله الجدار العنصري والذي يبنيه الكيان الصهيوني في الضفة الغربية في فلسطين وتعويض المتضررين من الفلسطينيين .
وجاءت موافقه 14 قاضيا على عدم شرعية الجدار في مقابل اعتراض صوت واحد للقاضي الأمريكي ! .
-اغتيالات
لم يكتفي الكيان النازي الصهيوني برفض القرارات الدولية بل تعدى به الأمر لممارسة الاغتيالات ففي 17 سبتمبر 1948م اغتالت عصابة شتيرن الصهيونية وسيط الأمم المتحدة السويدي الجنسية ( الكونت برنادوت ) في القدس .
جاء ذلك بعد يوم واحد من تقديم تقريره الى الجمعية العمومية للأمم المتحدة عن مهمته في فلسطين . والذي تضمن مقترحاته وتوصياته بشأن حل الأزمة .
حيث لم تروق مقترحاته للعصابات الصهيونية بعد اعلان كيانهم النازي والمغتصب إذ كان من بين توصياته أت اوضع مدينة القدس تحت إشراف الأمم المتحدة . وأن تكون منطقة النقب في الجنوب الفلسطيني ضمن الدولة العربية حتى يسامر الاتصال العربي عبر النقب شرقا وغربا .
-تذكير العالم
يصف الكاتب الصهيوني ( يسهايا هوليبو فياش ) الدعم الأمريكي لكيانه الصهيوني بقوله : ( إن قوة اللكمة اليهودية تأتي من القفاز الفولاذي الأمريكي الذي يلفها ، والدولارات التي تبطنها ) ففي 11 مايو 1949م ، أي بعد سنة واحدة من قيام الميان الصهيوني الغاصب في فلسطين تم فرضه بالقوة على منظمة الأمم المتحدة تحت ضغط شديد من أمريكا ، فقبلته الأمم المتحدة عضوا فيها ، لكن بشروط ثلاثة : عدم المساس بوضع مدينة القدس ، والسماح للعرب الفلسطينيين بالعودة الى ديارهم ، واحترام الحدود التي وضعها قرار التقسيم .
كل ذلك حبر على ورق ! منذ 75 سنه من الاحتلال الصهيوني النازي لفلسطين ومن خلفه امريكا والغرب .
لتأتي معركة طوفان الأقصى لتذكير العالم بمظلومية الشعب الفلسطيني وبقرارات الأمم المتحدة وهيئاته المتعددة والزام العالم بفرض تطبيقها وتنفيذها على الواقع واجبار الكيان الصهيوني النازي والغاشم على الانصياع للقرارات الدولية .
( في كل مرة أسمع أحدهم يقول بأن إسرائيل هي حليفتنا الوحيدة في الشرق الأوسط أحدث نفسى قائلا : ( إننا وقبل إسرائيل لم نكن نملك أعداء في تلك المنطقة ) القس الأمريكي جون شيهان . وعلى النقيض نجد القس الأمريكي ( جيرى فولويل ) إن من يقف ضد إسرائيل ، فهو يقف ضد الله ) .
-مشروع سيناء
في عام 1950م وقبيل انتهاء العهد الملكي في نصر والاحتلال البريطاني فيها ، رغبت واشنطن ومن ورائها لندن في التنصل عن قرارات الأمم المتحدة بشأن اقامه دولة فلسطينية وعودة اللاجئين الفلسطينيين .
حيث قامت الولايات المتحدة الأمريكية في ايجاد حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين والتي كانت في مهدها آنذاك . فعرضت واشنطن مشروع على الملك فاروق بشراء شبة جزيرة سيناء مقابل مبلغ يتم للتفاوض بشأنه وعلى أن تقوم بتوطين اللاجئين الفلسطينيين فيها . فرفض الملك فاروق ذلك العرض بشكل حاسم .
واليوم نجد ذلك المشروع القديم يعود و لتؤكده معركه طوفان الأقصى .
و بدلا من تطبيق قرارات الامم المتحدة وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف نجد أن الغرب وامريكا ملة واحدة لا تراعى عهود و لا تلتزم بمواثيق رغم قرارات دولية ، واكثر من ثلاثين عاما بما يسمى بمؤتمر مدريد واتفاقيه اوسلو وحل الدولتين وخارطة الطريق واقامة السلام وووالخ !!! كل ذلك ذهب ادراج الرياح ويظهر الغرب اليوم وجهه القبيح ؛ لتبقى حقيقة واحدة وصادقه تكشف حقيقتهم ونواياهم انها معركة طوفان الأقصى !.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي الشراعي