مرّ أسبوع كامل على بدء العدوان المفتوح الذي يشنّه كيان الاحتلال بكل ما أوتي من قدرة قتل وتدمير على قطاع غزة، منذ أن تلقى قبل تسعة أيام الصفعة التاريخية التي تحوّلت زلزالاً هزّ وجوده مع طوفان الأقصى. وقد أتيح للكيان أن يتمتع بصمت دولي وإقليمي يرافقان جريمته المفتوحة بحق سكان قطاع غزة، فقطع الكهرباء والماء والغذاء والوقود والدواء، ولم ينبس أحد ببنت شفة، وجاءت البوارج والسفن الحربية الأميركية والبريطانية، وأعلن تجريم كلّ من يخرج حاملاً علم فلسطين أو هاتفاً للتضامن مع غزة في أي عاصمة أو مدينة من عواصم ومدن الغرب، وبلغت حصيلة الشهداء والجرحى في غزة ما يزيد عن قتلى ومصابي الكيان في طوفان الأقصى، رغم أن خسائر الكيان مناصفة بين العسكريين والمستوطنين، وهم في غزة من المدنيين فقط.
جرى الحديث عن عملية عسكرية برية يتمّ التحضير لها منذ اليوم الأول لبدء العدوان على غزة، وكل يوم تبتعد مواعيد العملية العسكرية بحجج وذرائع تكشف رعب الكيان وجيشه من المواجهة المباشرة مع المقاومة، وإدراك قادته بأن ما حدث في مواجهات غلاف غزة سوف يتكرّر داخل غزة، مع شحنة إضافية من البطولة والرجولة أمام هول جرائم العدوان، ورغم حشد ثلاثمئة ألف جندي احتياط وآلاف الدبابات والمدافع، يتحدث قادة الكيان وجيشه مرة عن الطقس ومرة عن ترحيل المدنيين كشروط أو عوائق للعملية، ويستمر القتل المفتوح بلا رادع.
البيان الرسمي لوزراء الخارجية العرب قام بمساواة الجلاد والضحية دون أن يخجل الوزراء من فعلتهم الشنيعة، بينما جاءت بيانات روسيا والصين أكثر إنصافاً وشجاعة، فاعتبرت أن السياسات الأميركية التي حمت بقاء الاحتلال والحصار ووفّرت الغطاء لجرائم الاحتلال هي المسؤولة عن هذا الانفجار، ودعت إلى وقف فوري للنار، لم يجرؤ على طلبه الوزراء العرب، وتساوى المشهد الرسمي العربي مع المشهد الرسمي الغربي، في توفير التغطية ليواصل الكيان وجيشه جريمة القتل والتدمير بحق غزة وسكانها، ونصف الشهداء والجرحى نساء وأطفال وكبار السن، بينما انطلق زخم تصاعدي في الشارع العربي والغربي، بصورة تجاوزت التوقعات، فخرج مئات الآلاف في عواصم لم تكن على جدول أعمال التوقعات، وبدأ جدار الحماية الذي أقيم للكيان لمواصلة الجريمة يتداعى، وتصاعدت المناشدات بوقف النار وفك الحصار، وتأمين الحاجات الإنسانية الحيوية المعرّضة للنفاد، لسكان غزة المحاصرين.
إن هذه العوامل مجتمعة تمثل شروطاً واجبة التوافر لقرار بحجم قرار الحرب بالنسبة لمحور المقاومة عموماً، وحزب الله بصورة خاصة، فكل منها بمثابة نداء للمقاومة للقيام بما يجب. وقد بدأت المقاومة ببناء جسر عبورها إلى الحرب منذ اليوم الأول بعمليات متتابعة ومتصاعدة على جبهة الحدود، وما لم يكن دخول المقاومة ميدان الحرب عامل ردع كافٍ لمنع استمرار مذبحة غزة، فإن الدخول الفعلي يصبح قراراً على الطاولة، بيننا وبينه أيام وربما ساعات، والمنطقة عشية قرار الحرب الكبرى، ومتى دخل حزب الله فإن أشياء كثيرة سوف تتغيّر، ولا يفيد في ردعها لا حضور حاملات الطائرات، ولا تسخين التصريحات.
القرار يبدو على الطاولة، والوقت ينفد ما لم يبدأ استخدامه بشكل مجدٍ لصالح فتح طريق هدنة وتفاوض لإطلاق الأسرى وفك الحصار، وكلام وزير الخارجية الإيرانية ليس في الهواء.
ناصر قنديل