نقلا عن صحيفة عرب جورنال: على رغم أن اليمنيين وبمختلف توجهاتهم احتفلوا بالذكرى الحادية والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر هذا العام، إلا أن هناك احتفالا أخذ منحنى آخر تماما، تمثل في السعي لتقسيم المجتمع إلى أنصار وأعداء لهذه الثورة.
بعناية، اختارت الجهة المحركة قضية حساسة من أجل إثارة حفيظة الرأي العام، وتوسيع دائرة الفتنة بدفع فئات من الشعب للخروج إلى الشوارع تحت ذريعة الانتصار للعلم. ومع أن الغضب لعلم الجمهورية اليمنية أمر إيجابي، ويكشف عن قوة انتماء، إلا أن من خرجوا وجدوا أنفسهم ضمن دائرة تحركها جهات خارجية لها أهدافها المعروفة.
افتعال حركة العلم في جولة ريماس، يشير إلى أن من يقفون وراء الحبكة لم يجدوا في سلوك وسياسة حكومة صنعاء ما يمكن استغلاله للتأثير على عواطف ومشاعر الناس.
على العكس من ذلك، نجد العلم اليمني في كل المكاتب والدوائر الحكومية دون استثناء، كما حضر بشكل لافت في العرض العسكري بميدان السبعين يوم الحادي والعشرين من سبتمبر، على عربات العرض، وفي صدور الجنود وضيوف المنصة، وشاهده سكان صنعاء كما لم يشاهدوه من قبل وهو يتدلى من الطائرات المروحية. لقد رُفع العلم اليمني حتى في جبال نجران خلال المواجهات السابقة، بينما يُحظر رفعه أو بيعه تماما في المحافظات اليمنية الجنوبية.
وبالنسبة لذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، فقد أخذت كل ما تأخذه الأعياد الوطنية من احتفاء واحتفال، على المستويين الرسمي والشعبي. وكما يحدث كل عام، تم الإعلان عن إجازة رسمية في الدوائر الحكومية بهذه الذكرى، واحتفلت القيادة السياسة بإيقاد الشعلة في ميدان التحرير، ومثلها فعلت السلطات المحلية في كافة المحافظات الخاضعة لسلطة حكومة صنعاء.
ومع أن هذا أمر لا يحتاج إلى إثبات، إلا أنه يؤكد خطورة التحركات المشبوهة التي استطاعت تجاوز كل هذا وخلق أعداء لثورة سبتمبر وعلم الجمهورية داخل صنعاء من خلال افتعال حدث وتصويره ونقله من الواقع إلى فضاء وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
المدة بين وقوع الحادثة وتصويرها ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم دفع الناس إلى تظاهرة إلكترونية وأخرى على أرض الواقع، تشير إلى أن حكاية العلم أمرٌ دُبر بليل. ما يؤكد ذلك أيضا هو الاستمرار في الترويج للحادثة رغم صدور أكثر من توضيح وعلى وجه السرعة من الجهات الرسمية التي أدركت خطورة افتعال مثل هذه الأحداث في مثل هذا التوقيت. كما أن الإصرار على البقاء في الشوارع حتى وقت متأخر من الليل يشير إلى وجود نية مبيتة لدفع الناس باتجاه الفوضى من خلال الاحتكاك مع قوات الأمن التي تعاملت مع الحدث بمسئولية عالية رغم محاولات الاستفزاز المتعمدة.
بدا واضحا أن هناك عدة أهداف من الحادثة المفتعلة، من بينها استغلال المناسبة لخلق انقسام مجتمعي، وأيضا خلق موقف شعبي سلبي من السلطة، إضافة إلى التشويش على فعالية الاحتفال بالمولد النبوي. وهنا يمكن القول إن الملايين التي حضرت الفعالية في مختلف الساحات، كانت بمثابة تأكيد على فشل التحركات المشبوهة التي سبقتها.
أما الهدف الرئيسي فيتمثل في اللعب على الورقة الأمنية وإثارة الفوضى من الداخل بعد فشل الخيار العسكري طوال تسع سنين من الحرب. ومن غير المستبعد أن تشهد الفترة القادمة تحركات مشابهة.