المشهد اليمني الأول| تقارير
كشفت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية عن تقرير نشرته (6 يناير 2016)، أن السبب الأساسي لمبادرة الناتو للإطاحة بالقذافي كان وضع حد لمحاولته صناعة عملة نقدية ذات غطاء بنكي من الذهب في معظم أفريقيا، وهو ما يعد تهديداً لسيطرة فرنسا وعملتها الفرنك في أفريقيا. لافتةً أنه يهدد الدولار الأمريكي، الذي لم يعد له غطاء بنكي من الذهب منذ التسعينيات.
بموجب القانون- تم رفع السرية عن عدد كبير من الوثائق التي كانت مدرجة تحت تصنيف “سري” من بينها حوالى 3000 إيميل من مراسلات وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، حيث احتوت تلك الوثائق على أدلة دامغة تثبت تورط أمريكا في استخدام حلف شمال الأطلسي “NATO” في الإطاحة بالقذافي.
وتقول “فورين بوليسي”، إن مؤرخي حرب حلف شمال الأطلسي في ليبيا عام 2011 سوف يكونون على يقين عندما يكتشفون وجود عدد قليل من التأكيدات المتفجرة حقاً، الواردة في رسائل البريد الإلكتروني الجديدة لهيلاري كلينتون: “اعترافات المتمردين الذين يقاتلون مع حلف الناتو بارتكاب جرائم حرب. تواجد مدربي العمليات الغربية الخاصة داخل ليبيا منذ بداية الاحتجاجات. تواجد جزء لا يتجزأ من تنظيم القاعدة أو ما تسمى بـ”المعارضة” المدعومة من الولايات المتحدة. مناورة الدول الغربية من أجل الوصول إلى النفط الليبي. الادعاءات الشائنة والعبثية بالاغتصاب الجماعي من قبل قوات القذافي، والقلق حول احتياطيات القذافي من الذهب والفضة التي كانت تهدد العملة الأوروبية”.
وأشارت المجلة أنه في 27 مارس 2011 لخص تقرير الاستخبارات عن ليبيا والذي أرسل عن طريق المستشار المقرب من هيلاري كلينتون سيدني بلومنتال، يحتوي على دليل واضح على ارتكاب جرائم حرب من جانب متمردين مدعومين من حلف شمال الأطلسي، وذلك نقلاً عن مصدر قائد المتمردين الذي “تحدث بسرية تامة”.
وتقول التقارير الاستخباراتية، نظراً للهجوم الجوي والبحري الكثيف، بدأت قوات الجيش الليبية بأعداد متزايدة الفرار والانضمام إلى المتمردين الذين يقاتلون مع قوات حلف الناتو. واستغل المتمردون هذه القوات باعتبارهم إخوة الليبيين، في محاولة لتشجيع أي انشقاق جديد.
تنظيم القاعدة والقوات الغربية الخاصة داخل ليبيا
ويؤكد نفس البريد الإلكتروني الاستخباراتي من سيدني بلومنتال، أيضاً، ما أصبح موضوعاً معروفاً من حركات التمرد المدعومة من الغرب في الشرق الأوسط هو: “التناقض في تدريب القوات الخاصة للميليشيات التي يشتبه بانها على صلة بتنظيم القاعدة”.
وبحسب ما نقله مستشار هيلاري كلينتون، بلومنتال، عن “مصدر حساس للغاية” أكد أن وحدات العمليات الخاصة البريطانية والفرنسية والمصرية كانت، تدرب متشددين ليبيين على الحدود المصرية الليبية، وكذلك في ضواحي بنغازي.
ولفتت المجلة الأمريكية، أن بريد هيلاري كلينتون يكشف قطعياً للمحللين والمتكهنين “متى وأين” تتواجد القوات الغربية على الأرض في الحرب الليبية، هذا البريد الإلكتروني يقدم دليلاً قاطعاً أن القوات الخاصة كانت على الأرض فقط بعد شهر واحد من الاحتجاجات التي اندلعت في منتصف وحتى نهاية فبراير 2011 في بنغازي.
وقبيل 27 مارس أو عندما كان يشاع عن “انتفاضة شعبية”، قامت عناصر خاصة خارجية “الإشراف على نقل الأسلحة والإمدادات إلى المتمردين” بما في ذلك “بنادق AK47”.
وبعد سوى عدد قليل من الفقرات التي تلت هذا الاعتراف، حذر التقرير من الميليشيات ذاتها التي كانت تدربها هذه القوات الغربية الخاصة وذلك أن “الجماعات الإرهابية مثل المجموعات الليبية المقاتلة وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي سوف تتسلل إلى نيجيريا وقيادتها العسكرية”.
مطامع فرنسا من النفط والذهب الليبي
على الرغم من أن قرار مجلس الأمن الدولي 1973 الذي اقترحته فرنسا – والذي يزعم أن منطقة الحظر الجوية فوق ليبيا هي لحماية المدنيين، لكن التقرير الذي ارسل الى البريد الالكتروني لهيلاري كلينتون وتحت عنوان “عميل فرنسا وذهب القذافي” يحكي عن الطموحات “النبيلة”:
“كشفت معلومات الايميل ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قاد الهجوم على ليبيا لخمسة أغراض تحديداً: للحصول على النفط الليبي، وضمان النفوذ الفرنسي في المنطقة، وزيادة سمعة ساركوزي محليا، تأكيد القوة العسكرية الفرنسية، وكبح تأثير القذافي في ما يعتبر بـ”إفريقيا الناطقة بالفرنسية”.
وتشير معلومات الإيميل إلى أن احد الاسباب لحملة الناتو على ليبيا أيضاً لم يكن حماية المدنيين كما ادعت، بل كان الهدف هو السيطرة على النفط الليبي، لتقويض خطة طويلة الأمد أعدها القذافي لتحويل ليبيا إلى قوة فاعلة في منطقة البحر المتوسط.
ومما جاء في معلومات الايميل: “كانت ليبيا قد جمعت كميات هائلة من الذهب وكانت تعدها لإنشاء عملة أفريقية مبنية على الدينار الليبي الذهبي وذلك قبل اندلاع “الثورة الليبية المسلحة”، وكانت تلك العملة ستحل محل الفرنك الفرنسي في أفريقيا، وهو ما عجّل بموافقة “ساركوزي” الرئيس الفرنسي، آنذاك، على تدخل الجيش الفرنسي في ليبيا وفرض الحظر الجوي”.
وطبقاً للمعلومات التي حصلت عليها المخابرات الفرنسية، فإن القذافي كان قد جمع كميات من الذهب تفوق قيمتها 7 مليارات دولار، وتم الكشف عن تلك المعلومات بالتفصيل بعد اندلاع ما تسمى بـ”الثورة” في ليبيا.
سهولة نشر الأكاذيب
في بداية الصراع الليبي اتهمت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون رسميا القذافي وجيشه باستخدام الاغتصاب الجماعي كأداة للحرب. على الرغم من تقارير العديد من المنظمات الدولية، مثل منظمة العفو الدولية، التي فضحت بسرعة هذه الادعاءات والتهم التي كان يرددها وبدون تمحيص الساسة الغربيون ووسائل الإعلام الرئيسة.
ومهما كانت نظرية المؤامرة غريبة، طالما أنها رسمت القذافي وأنصاره كوحوش، فإن ذلك فقط، يخدم قضية العمل العسكري لفترة طويلة في ليبيا.
ومما تم كشفه في آخر دفعة من رسائل البريد الإلكتروني: التهم المثيرة التي تدعي ان القذافي اعطى “الفياجرا” لجنوده للاغتصاب الجماعي، وتهم التمثيل بالجثث من قبل الحكومة الليبية في مواقع قصف حلف شمال الاطلسي، وذلك لتبرير قصف قوات الناتو على المدنيين.
وفي أواخر مارس 2011، اعترف بلومنتال لهيلاري بذلك وقال:
“أبلغت قبل أكثر من أسبوع عن هذه القصة، على الرغم من أنها كانت مجرد إشاعة. ولكن الآن، كما تعلمون، روبرت غيتس يصادق على ذلك”.
ولم يكتف وزير الدفاع روبرت غيتس ترويجه الغريب “التمثيل بالجثث” واستخدام “الفياجرا” للإغتصاب الجماعي، لكن الأغرب من ذلك ان إشاعة الفياجرا وعمليات الاغتصاب الكاذبة، تصدرت عناوين الصحف العالمية، حتى ان سفير الولايات المتحدة في الامم المتحدة سوزان رايس اتهمت ليبيا رسميا أمام مجلس الأمن.
تقول المجلة الأمريكية، ان ما يؤكده هذا البريد الإلكتروني هو أنه لم يقتصر الأمر فقط على “بينة” وزارة الخارجية الامريكية من طبيعة الشائعات الزائفة التي روج لها فقط المتمردون الذين يقاتلون الى جانب قوات الناتو، لكنها – الخارجية الأمريكية – لم تفعل شيئا لوقف نشر معلومات كاذبة، بل وصلت الى كبار المسؤولين الذين أعطوها “مصداقية”.
تختم المجلة بالقول إن “اشاعة” الفياجرا والاغتصاب الجماعي تم ترويجها بالفعل من قبل سيدني بلومنتال نفسه مستشار هيلاري كلينتون.