البحر الأحمر مجرى ملاحي وملتقى الصراع والأطماع ؟!

111

البحر الأحمر.. شريان دولي للتجارة الدولية والإقليمية.. وهمزة وصل اقتصادية بين البلدان والشعوب والمنظومات الاقتصادية والتجارية الاقليمية والدولية وهذه ميزة جغرافية وسمة جيوسياسية ظلت مثار الاهتمام ومهبط الاطماع والأحقاد والصراع.. “باب المندب”.. حسب مصادر تاريخية كان يطلق عليه “ذا المندب” كما أطلقت عليه تسمية “باب الدموع” جراء المخاطر العظيمة للإبحار فيه وخاصة في العهود القديمة عندما كانت بتبحر فيه السفن الصغيرة.

وأيضاً يطلق على هذا المضيق مسمى مدخل الوفاء ـ أو الولاء ويسمى ايضاً مدخل بحر القلزم أو مدخل بحر اليمن أو مدخل البحر القتباني..وفي مدخل مضيق باب المندب تنتصب جزيرة ميون التي تقسم المندب إلى قناتين الكبرى والقناة الصغرى ومنذ العام 1513م امتدت الاطماع الاستعمارية الغربية في هذه المنطقة منذ أن تحرك البرتغاليون من فرض سيطرتهم على جزيرة سقطرى في خليج عدن واقامة حصن قوي فيها لتضييق الخناق والحصار على مدخل البحر الأحمر..

ثم توالت الاطماع العثمانية والهولندية والإيطالية والبريطانية والفرنسية.. مما دفع الشركة الهولندية في عام 1614م إلى ارسال أسطول بحري إلى البحر الأحمر بقيادة “بيتردين بروك ” للحصول على معلومات كاملة ودقيقة تضمن لها اقامة وانجاز نشاط تجاري هولندي في عدن والسواحل الغربية منها فتعرضوا إلى موقف طارد من العثمانيين مما أضطر الهولنديين للتوجه نحو المخا في عام 1620م لكن تعرضوا للفشل الذريع ولم يتمكن من إقامة وكالة تجارية ولكن الهولنديين لم يساورهم اليأس فعملوا على بناء شراكات تجارية مع مدن السواحل المطلة على البحر الاحمر في وقت لاحق استمرت تلك العلاقات التجارية حتى عام 1763م وعلى أثر الهولنديين جاء التحرك البريطاني الذين ساروا على النهج الهولندي فأستطاع البريطانيون اقامة وكالات تجارية ولجوئهم الى حمايتها بالقوة الحربية البحرية.

وفي سنة 1600م منحت ملكة بريطانيا امتيازاً لشركة الهند الشرقية البريطانية امتياز السماح بإقامة وكالات تجارية في عدن وفي سواحل البحر الأحمر. أما في عام 1612م حقق الضابط البريطاني “وليم كلينج” نجاحاً ملموساً في اقامة وكالات تجارية بعد فشل تلاث محاولات سبق ان قام بها في عدن.. وفي العام 1799م احتلت بريطانيا جزيرة ميون واطلقت عليها مسمى جزيرة “بريم” وهذا قاد إلى أن توجه لندن الى احتلال عدن في العام 1839م..

ومن هنا.. ومن الخلفية التاريخية للأهمية الجيوستراتجية للبحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن فأن القراءة الرافضة لما يجري اليوم من مواقف بعضها ينذر باشتعال الصراع وبعضها محتقن لا يبشر بخير فان المعطيات تشير الى ان تطورات عديدة شهدتها المنطقة مؤخراً واذا عرضنا بعض المواقف الحديثة حول ما يشهده البحر الأحمر من دول المنطقة ومن دول خارج المنطقة فأنها تشير بالكثير من المواقف التي تؤكد ان هناك تنافساً وصراعاً خفياً ومعلناً حول النفوذ وحول الاستحواذ..

إذ وردت أخبار في أوقات سابقة حول رغبة سعودية خفية لأنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة زقر .. أو تنفيذ اخبار ومعلومات استخبارية عن ارسال الرياض عسكريين إلى جزيرة زقر لدراسة إنشاء قاعدة عسكرية وهناك معلومات مسربة تشير إلى انه تم تزويد قوات خفر السواحل لحكومة المرتزقة في عدن بزوارق حربية سعودية ولم يعد يخفى على مراقب ان الاركان الايرانية أعلنت ان البحر الاحمر سيكون ضمن دورياتها البحرية جاء ذلك التصريح خلال مراسم انضمام البارجة ( زره ) القاذفة للصواريخ والسفينة المرفئية ( مكران ) الحاملة للمروحيات وهي تمثل قاعدة بحرية متحركة.. وفي وقت سابق كانت امريكا قد أعلنت عن تأسيس قوة مهام جديدة مع ما اسمتهم دولاً خليجية احدى مهامها:

القيام بدوريات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن
التصدي لتهريب الأسلحة إلى اليمن

وبحسب مراقبين عسكريين فان هذه المهام انما هي ذرائع لمطامع صهيونية تجلت في لقاءات جرت في الإمارات وفي الدوحة وفي الرياض.. ومن اخطر هذه اللقاءات ما سمي “قمة النقب” التي جمعت مصر والمغرب والإمارات والبحرين وأمريكا..

الخلاصة ان البحر الأحمر سيظل نافذة دولية للأطماع وللشراكات والبناء والتنمية.. وان كان سيبقى مصدر تحديات خطيرة تواجه دولة المنشاء وتحديداً اليمن التي تتحكم بمفتاحه الجنوبي وكل ما نتمناه ان تكون هذه الجغرافية والجوسياسية نعمة لمصلحة شعوب المنطقة وأولها اليمن بعد ان ظلت الجغرافية في سابقات الأيام والسنوات لعنة أصابت شعوب المنطقة وجعلتها تحت تحديات غير معهودة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التحليل من كتاب الحرب النفسية وسائلها وأساليبها الملتوية
لمؤلفه العميد القاضي د\حسن حسين الرصابي

مصدر26 سبتمبر نت

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا