رغم الترويج المكثف من قبل السعودية للوديعة المالية التي أعلنت تقديمها لحكومة المرتزقة الموالية لها في عدن إلا أن هذه الوديعة تبدو كتشييع للجهود الدبلوماسية من أجل السلام في اليمن، فبينما كانت صنعاء قد عرضت السماح بإعادة تصدير النفط واستغلال عائداته لصرف رواتب جميع الموظفين اليمنيين كمعالجة اقتصادية حقيقة، تفضل الرياض استمرار توقف تصدير النفط وتعويض حكومة المرتزقة التابعة لها بهذه الوديعة التي تتضمن أيضا صرف الرواتب في المناطق الخاضعة لسيطرة هذه الحكومة لتلافي الانهيار.
بحسب مراقبين فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي وقفت خلف هذه الخطوة حيث ترى أن مطالب دفع المرتبات من عائدات النفط مطالب متطرفة ولا يمكن نقاشها سوى ضمن عملية سياسية يمنية -يمنية أو ربطها ضمن ترتيبات السلام، ولذلك فقد توقفت المفاوضات عند هذه النقطة بشكل نهائي قبل حوالي شهر حيث رضخت السعودية للضغوط الأمريكية وتراجعت عن الالتزامات التي كانت قد قطعتها على نفسها في أبريل الماضي.
وقال رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء مهدي المشاط إن المفاوضات توقفت عند نقطة المرتبات نتيجة للعرقلة الأمريكية والبريطانية. وبالنسبة لصنعاء فإن صرف مرتبات المواطنين من عائدات الثروة النفطية لليمن تشكل أولوية ولا يمكن تجاوزها، بل سيتم انتزاعها كما يقول مهدي المشاط، ومع استمرار تحالف العدوان في المماطلة وتفاقم معاناة المواطنين، تجد صنعاء نفسها ملزمة باتخاذ خيارات عسكرية ضاغطة من أجل حقوق مواطنيها.
وثائق البنتاغون السرية تكشف ذُعر واشنطن من إنهاء الحرب ورفضها دفع المرتبات
على ذات السياق، كشفت إحدى الوثائق المسربة مؤخرا من البنتاغون قلق واشنطن من المحادثات الثنائية بين الرياض وصنعاء وذعرها من حصول صنعاء على تنازلات سعودية لا سيما في مجال المرتبات. وتشير الوثيقة التي نشرتها مجلة ذا انترسبت الأمريكية إلى أن واشنطن ظلت تتابع مسار المفاوضات ولاسيما ما يتعلق في مجال المرتبات.
وبحسب المجلة فإن رواتب الموظفين الحكوميين نقطة شائكة، ليس فقط للمملكة العربية السعودية، ولكن أيضًا لحلفائها الأمريكيين. أيضًا. حيث تعتبر إدارة بايدن مطالب صنعاء بأن يدفع السعوديون رواتب القطاع العام، بما في ذلك العاملين في الجيش والأمن، خارجة عن المألوف.
وتلفت المجلة إلى شجب تيم ليندركينغ، المبعوث الأمريكي إلى اليمن في مؤتمر صحفي في أكتوبر الماضي، ما أسماه “مطالب صنعاء المتطرفة، وأصر على دفع الرواتب أولاً – أولاً لأفراد الجيش والأمن التابعين لصنعاء”. وقال إنها كانت “عتبة كان من الصعب جدًا على الجانب الآخر التفكير فيها وكانت غير معقولة تمامًا”.
ووفقا للمجلة فإنه مع تقدم المفاوضات واتضاح أن توقيع صفقة بين الرياض وصنعاء لم تكن مستحيلة، كانت الولايات المتحدة لا تريد ذلك. وتشير المجلة إلى أن الولايات المتحدة تغاضت عن المقاومة السعودية لرفع الحصار، وكان الهدف هو ممارسة مثل هذا الضغط الشديد على “صنعاء” بحيث يوافق الحوثيون في اتفاقية السلام النهائية على حكومة “شاملة” تترك دورًا مفتوحًا للولايات المتحدة والوكلاء المدعومين من السعودية.
ووفقا للمجلة فإن واشنطن ردت بقلق مع تقدم المفاوضين، وهرع الدبلوماسيون إلى المنطقة للإصرار على استمرار الضغط على حكومة صنعاء على أمل تقويض الصفقة قيد التنفيذ. وقالت المجلة: هرع ليندركينغ إلى الرياض في 11 أبريل / نيسان، مع ورود أنباء عن اتفاق سلام، لتذكير القادة السعوديين برغبة الولايات المتحدة في مواصلة دعم وكلائهم في الحرب.