أطاح المجلس العسكري في النيجر بالرئيس المنتخب محمد بازوم في انقلاب عسكري الأسبوع الماضي نفذته قوات الحرس المكلفة بتأمينه، والتي تمركزت أمام القصر الرئاسي. وتم تعطيل العمل بالدستور وتنصيب الجنرال عبد الرحمن تياني، رئيس الحرس الرئاسي، حاكما للبلاد.
وأعلنت الحكومة العسكرية إعادة فتح حدود النيجر مع الجزائر وبوركينا فاسو وليبيا ومالي وتشاد، لكن حدودها مع نيجيريا لا تزال مغلقة.
ووصل وفد من إيكواس – المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا – إلى عاصمة النيجر نيامي الأربعاء استمرارا لجهود الوساطة في أعقاب الانقلاب. وعلى رأس هذا الوفد الحاكم العسكري السابق لنيجيريا الجنرال عبد السلام أبو بكر، الذي أشرف على انتقال بلاده من الحكم العسكري إلى الديمقراطية عام 1999.
وقال تياني بصفته رئيس المجلس العسكري الحاكم “المجلس الوطني لحماية الوطن” لن يرضخ لعقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” (ECOWAS) التي تضم 15 دولة. وتابع رئيس المجلس العسكري -الذي يتولى رئاسة الدولة- أنه لا شيء سيعرقل المسار الانتقالي والحفاظ على السيادة الوطنية، قائلا إن قوات الدفاع لن تنقسم ولن تتقاتل من أجل غايات سياسية.
“فرنسا تنهبنا ولا نريدها”
وقد بدأ المئات من أنصار العسكريين -الذين سيطروا على الحكم في النيجر- بالتجمع في نيامي تعبيرًا عن دعمهم. وتجمع المتظاهرون -الذين كان بعضهم يلوح بأعلام روسية كبيرة وسط العاصمة في ساحة الاستقلال- بدعوة من حركة “إم 62” وهي ائتلاف يضم منظمات المجتمع المدني “السيادية”.
وتولى أعضاء في الائتلاف أمن التجمع الذي يُنظم في الذكرى 63 لاستقلال النيجر عن فرنسا. وقال متظاهر شاب يدعى إيسياكا حمادو “الأمن فقط هو ما يهمنا” سواء وفرته لنا “روسيا أو الصين أو تركيا، إذا أرادت مساعدتنا.. نحن لا نريد الفرنسيين الذين ينهبوننا منذ عام 1960، إنهم موجودون هنا منذ ذلك الحين ولم يتغير شيء! فما الفائدة منهم؟”.
وأيده آخر يدعى عُمر بقوله “أنا طالب، لم أجد عملًا بعد الدراسة في هذا البلد، بسبب نظام (بازوم) الذي تدعمه فرنسا: كلهم، عليهم أن يرحلوا”. ورفع البعض لافتات كتب عليها “نعم لروسيا”.
الإفراج الفوري عن الرئيس
من جانبه، دعا الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس للإفراج الفوري عن رئيس النيجر المنتخب (بازوم) وحماية الديمقراطية في هذا البلد. وقال بايدن في بيان “أدعو للإفراج الفوري عن الرئيس بازوم وعائلته، وحماية الديمقراطية التي تحققت بصعوبة في النيجر”.
وأضاف “في هذه اللحظة الحاسمة، تقف الولايات المتحدة إلى جانب شعب النيجر تكريما لشراكتنا التي بدأت قبل عقود والقائمة على القيم الديمقراطية المشتركة ودعم الحوكمة التي يقودها مدنيون”. وقال بايدن “الشعب النيجري لديه الحق في اختيار قادته. أعربوا عن هذه الرغبة في انتخابات حرة ومنصفة. ينبغي احترام ذلك”.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال في وقت سابق إنه أبلغ بازوم التزام الولايات المتحدة بإعادة الحكومة المنتخبة إلى السلطة.
ظروف الاحتجاز.. الرئيس بلا كهرباء
وكشف مستشار رئيس النيجر المعزول محمد بازوم جانبا من ظروف احتجاز الأخير الذي لا يزال يتلقى اتصالات من قادة ومسؤولين غربيين، آخرهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وقال إنتينيكار الحسن المستشار الخاص لبازوم للجزيرة إن قادة الانقلاب يضيقون عليه، وإنهم فصلوا عنه التيار الكهربائي منذ ساعات. وأضاف الحسن أن قادة الانقلاب شددوا إجراءات الحراسة على الرئيس بازوم المحتجز في القصر الرئاسي منذ الإطاحة به قبل أسبوع.
وظهر بازوم لأول مرة بعد 4 أيام من الانقلاب إلى جانب الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، الذي التقاه والقادة العسكريين بالقصر الرئاسي في محاولة للوساطة لإنهاء الأزمة. ووسط دعوات غربية لإنهاء الانقلاب، قالت الخارجية الأميركية إن الوزير بلينكن أبلغ بازوم -في اتصال هاتفي أمس الأربعاء- بأن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بإعادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيا إلى السلطة.
وكان القائد السابق للحرس الرئاسي عبد الرحمن تياني قد استولى على السلطة يوم 26 يوليو/تموز الماضي، وبرر الإطاحة بالرئيس بإخفاقه على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، في بلد يعد من بين الأفقر في العالم ويشهد هجمات تشنها مجموعات مسلحة. وفي وقت سابق، كشف مستشار رئيس النيجر المعزول جانبا من ظروف احتجاز بازوم الذي لا يزال يتلقى اتصالات من قادة ومسؤولين غربيين.
وقال إنتينيكار الحسن المستشار الخاص لبازوم للجزيرة إن قادة الانقلاب يضيقون عليه، وإنهم فصلوا عنه التيار الكهربائي منذ ساعات. وأضاف أن قادة الانقلاب شددوا إجراءات الحراسة على “الرئيس” المحتجز في القصر الرئاسي منذ الإطاحة به قبل أسبوع. وظهر بازوم لأول مرة بعد 4 أيام من الانقلاب إلى جانب الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، الذي التقاه والقادة العسكريين بالقصر الرئاسي في محاولة للوساطة لإنهاء الأزمة.
رفض التهديدات والضغوط
وقال الجنرال تياني -بصفته رئيس المجلس العسكري الحاكم- إن “المجلس الوطني لحماية الوطن” لن يرضخ لعقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” (ECOWAS) التي تضم 15 دولة.
وفي خطاب تلفزيوني بثه التلفزيون الرسمي مساء أمس عشية ذكرى استقلال النيجر عن فرنسا، وصف تياني العقوبات بأنها غير قانونية وغير عادلة وغير إنسانية، وكان يشير بذلك إلى بعض الإجراءات التي هددت بها إيكواس أو اتخذتها بالفعل لاستعادة النظام الدستوري ومنها وقف نيجيريا إمدادات الكهرباء للنيجر.
كما قال قائد الانقلاب إن المجلس العسكري يواجه تدخلات خارجية ترفض توليه السلطة، معتبرا أن ما قام به العسكريون جاء لصالح شعب النيجر. وتابع رئيس المجلس العسكري -الذي يتولى رئاسة الدولة- أنه لا شيء سيعرقل المسار الانتقالي والحفاظ على السيادة الوطنية، قائلا إن قوات الدفاع لن تنقسم ولن تتقاتل من أجل غايات سياسية.
وقد أعلنت نيجيريا قطعَ الكهرباء عن النيجر، حيث تزودها بـ 70% من حاجتها للطاقة، كما بدأت كل من بنين ونيجيريا وساحل العاج تطبيق العقوبات التي فرضتها مجموعة “إيكواس” على المجلس العسكري.
استعادة الديمقراطية
وقبل ساعات من خطاب تياني، أكد رؤساء أركان دول “إيكواس” -خلال اجتماعهم في أبوجا- عزمهم استعادة الديمقراطية في النيجر “مهما بلغت التحديات”. وقال رئيس الأركان النيجيري كريستوفر موسى إن الانقلاب في النيجر يجب مواجهته، مشددا على أن الأحداث هناك انعكست على جميع دول غرب أفريقيا، وأثرت على الجميع بشكل سلبي.
وبالتزامن مع ذلك، وصل وفد من “إيكواس” إلى النيجر لعقد مفاوضات مع قادة الانقلاب. وشدد مفوض المجموعة للشؤون السياسية والسلام والأمن عبد الفتاح موسى على أن التدخل العسكري بهذا البلد سيكون الخيار الأخير المطروح.
وكانت “إيكواس” أكدت الأحد الماضي -خلال قمة طارئة بأبوجا- استعدادها لفرض عودة الرئيس المعزول إلى السلطة ولو اقتضى ذلك تدخلا عسكريا، وأمهلت الانقلابيين أسبوعا للعودة إلى ثكناتهم.
رفض التدخل الأجنبي
دوليا، قالت الخارجية الروسية أمس إن التهديد باستخدام القوة في النيجر ضد منفذي الانقلاب الأسبوع الماضي “لن يسهم في تسوية الصراع” داعية إلى تنظيم “حوار وطني” لضمان سيادة القانون.
من جانبه، قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني إنه يجب استبعاد أي تدخل عسكري غربي في النيجر لأنه سيُعَد استعمارًا جديدا. كما حذرت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا من مغبة التدخل الخارجي في شؤون النيجر ومحاولات جرها إلى الفوضى، وقالت إن التدخل سيزيد من خطورة الأزمة ويقوّض أمن هذا البلد والدول المجاورة له.
وكانت الجزائر حذرت بدورها من أي تدخل عسكري خارجي في النيجر، وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه 3 دول أفريقية شهدت انقلابات ويحكمها عسكريون، وهي مالي وبوركينا فاسو وغينيا.
عمليات الإجلاء
على صعيد آخر، قررت الولايات المتحدة تنفيذ إجلاء جزئي لموظفي سفارتها في النيجر بعد أسبوع على الانقلاب. وقالت الخارجية الأميركية أمس إنها أمرت بمغادرة الموظفين الحكوميين غير الأساسيين في السفارة مع عائلاتهم. وأضافت الوزارة أن سفارتها في نيامي ما زالت مفتوحة، وأن اتصالات دبلوماسية مع النيجر تجري على أعلى المستويات.
ونقل موقع “بوليتيكو” عن دبلوماسي أميركي قوله إن الوضع على الأرض في عاصمة النيجر مستقر نسبيا، مضيفا أنه تم بالفعل إجلاء 20 من موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية هذا الأسبوع. وكانت واشنطن أعلنت في وقت سابق أنها ستبقي على قواتها المتمركزة في النيجر، والتي يبلغ تعدادها 1100 جندي.
من جانبها، أعلنت الخارجية البريطانية اليوم أن سفارتها في نيامي ستقلل عدد موظفيها مؤقتا في ضوء الوضع الأمني. كما أشارت الخارجية البريطانية في بيان إلى أن هناك دعوة لمظاهرات في النيجر اليوم بمناسبة ذكرى استقلال البلاد، محذرة من أنها قد تكون عنيفة “وقد يتغير الوضع سريعا من دون إنذار”.
أما الخارجية الفرنسية، فأعلنت أن 992 شخصا تم إجلاؤهم من النيجر بينهم 560 فرنسيا بعد مغادرة رابع رحلة جوية العاصمة نيامي. ويوجد في النيجر نحو 600 مواطن فرنسي، إضافة إلى 1500 عسكري ينتشر أغلبهم بالقاعدة العسكرية في نيامي.
وفي خطابه الأربعاء، قال رئيس المجلس العسكري الحاكم بالنيجر (تياني) إنه لا يوجد أي سبب موضوعي يدفع الفرنسيين لمغادرة البلاد، مضيفا أنهم لم يتعرضوا لأدنى تهديد.
كما وصلت أمس إلى العاصمة الإيطالية روما طائرة قادمة من نيامي تقل 83 شخصا، بينهم إيطاليون وأميركيون وبريطانيون. ومن ناحيته، أكد وزير الخارجية الإيطالي أن سفارة بلاده في نيامي ستظل مفتوحة.