يمضي مبعوثو الرئيس بايدن قدما في جهودهم لإعادة تنظيم سياسات الشرق الأوسط من خلال التوسط في إقامة علاقات دبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل على الرغم من التنازلات الكبيرة التي طالب بها النظام الملكي السعودي.
أرسل بايدن، مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، إلى المملكة العربية السعودية في الأيام الأخيرة، وهي رحلته الثانية إلى هناك في أقل من ثلاثة أشهر، حيث يختبر المسؤولون الأمريكيون المناخ للتوصل إلى اتفاق يجمع بين خصمين تاريخيين ويعيدون تشكيل المنطقة بشكل أساسي.
لم يتم الإعلان عن أي اختراق، لكن حقيقة عودة سوليفان إلى المملكة بعد فترة وجيزة من رحلته الأخيرة في مايو تشير إلى أن إدارة بايدن ترى آفاقا جادة للتوصل إلى اتفاق.
ومن بين العقبات إصرار المملكة العربية السعودية على اتفاقية أمنية متبادلة مع الولايات المتحدة وتطوير برنامج نووي مدني يمكن للبلد من خلاله تخصيب اليورانيوم الخاص بها، وكلاهما لم يكن موجودا في الماضي. ولم يقدم ملخص الاجتماع في بيان للبيت الأبيض سوى القليل من المؤشرات على مدى التقدم الذي تم إحرازه خلال الزيارة.
وقال البيان إن سوليفان سافر إلى جدة “لمناقشة المسائل الثنائية والإقليمية، بما في ذلك المبادرات لتعزيز رؤية مشتركة لمنطقة شرق أوسط أكثر سلماً وأمناً وازدهاراً واستقراراً ومترابطة مع العالم.” لكن المسؤولين الأمريكيين الذين كانوا في جدة يوم الخميس الماضي أبلغوا زملائهم بشكل خاص أن المشاركات سارت على ما يرام وأعربوا عن تفاؤل حذر بإمكانية إحراز تقدم مع استمرار المحادثات على أرض الواقع.
سعت إدارة بايدن أيضا إلى إبعاد المملكة العربية السعودية عن تعاونها مع روسيا بشأن أسعار الطاقة لزيادة الضغط على موسكو وهي تشن حربا في أوكرانيا. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم السبت الماضي أن القادة السعوديين سيعقدون محادثات سلام يومي 5 و 6 أغسطس بمشاركة ممثلين من أوكرانيا وعشرات الدول الأخرى بما في ذلك الهند والبرازيل، التي لم تنضم مثل السعودية إلى الجهود الغربية لعزل روسيا بسبب غزوها.
روسيا، التي رفضت التفاوض، ليست مدرجة في الاجتماع.
وقالت الصحيفة إنه كان من المتوقع أن يشارك سوليفان، لكن مجلس الأمن القومي لن يعلق. تسلط خطة سعودية لاستضافة مثل هذا الاجتماع الضوء على سلسلة من الديناميكيات المعقدة والمتضاربة في بعض الأحيان. وتريد واشنطن تجنيد الرياض ضد الروس، ومنعها من الاقتراب من الصين، وجمعها مع كيان إسرائيل، والتنسيق معها ضد إيران، وإقناعها بوضع حد نهائيا للحرب في اليمن المجاور، ومنعها من إثارة الحرب.
في محادثة الأسبوع الماضي مع توماس فريدمان، كاتب العمود في صحيفة نيويورك تايمز، وصف بايدن صفقة سعودية صهيونية محتملة مع العديد من الأجزاء المتحركة، يمكن لأي منها أن يؤدي بسهولة إلى تعثر مثل هذه المفاوضات المعقدة ولكن سيكون لها آثار بعيدة المدى، إذا تحققت.
كانت المطالب السعودية للتطبيع مع كيان إسرائيل واسعة النطاق. من بين أمور أخرى، يريد المسؤولون السعوديون تحالفا على مستوى الناتو مع الولايات المتحدة يكون فيه الهجوم على أحدهم هجوما على الجميع، وهو من المحرمات منذ فترة طويلة بين صانعي السياسة الأمريكيين الذين لا يريدون الالتزام بالدفاع عن نظام ملكي غير ديمقراطي.
في حالة الحرب يريدون برنامجا نوويا مدنيا على الرغم من المعارضة الطويلة من قبل كيان إسرائيل والولايات المتحدة اللتين تخشيان حدوث سباق تسلح نووي في المنطقة. وأُعطي المسؤولون الصهاينة الذين اجتمعوا مؤخرا مع نظرائهم الأمريكيين الانطباع بأنه في حين أن المرحلة الأولى من المفاوضات لم تتضمن أي طلب لتقديم تنازلات صهيونية كبيرة في صراعهم مع الفلسطينيين، يُعتقد الآن أن الصفقة ستتطلب تقدما كبيرا في هذه القضية.
قيل للمسؤولين الصهاينة إن الملك سلمان، الذي تنازل عن الكثير من السيطرة لابنه ولي العهد الأمير محمد، تدخل في المفاوضات للإصرار على أن تتضمن أي صفقة تحركا إسرائيليا واضحا تجاه الفلسطينيين، وفقا لمسؤول دفاعي صهيوني تحدث عن شرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المعلومات الحساسة.
السعوديون، بحسب الانطباع الصهيوني، لن يكتفوا بوعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم ضم الضفة الغربية، وهو أمر لم تتخيله الحكومة الحالية. وبدلاً من ذلك، سيطالبون بعمل كبير على الأرض. ومن المشكوك فيه إلى حد كبير ما إذا كان الائتلاف الصهيوني اليميني الحالي سيوافق على تنازلات كبيرة للفلسطينيين، ويمكن أن يؤدي الدفع الداخلي لمثل هذا الاقتراح إلى حل الحكومة.
رفض قادة المعارضة بشدة الانضمام إلى أي حكومة يقودها نتنياهو، ولكن ظهرت أسئلة في المناقشات مع الأمريكيين حول ما إذا كان القادة قد يلين إذا كان ذلك يعني إقامة علاقات دبلوماسية مع السعوديين. وقال مسؤول صهيوني كبير مطلع على المحادثات إن كيان إسرائيل لم تكن جزءا من المفاوضات لكنها كانت تعتمد على وعد أمريكي بالشفافية الكاملة والتحديثات المنتظمة. يضغط الجانب الأمريكي على السعوديين لضمان إنهاء دائم للقتال في اليمن، وتثبيت وقف إطلاق النار المؤقت الذي ساد العام الماضي.
لتقديم مساعدات جديدة واسعة النطاق للمؤسسات الفلسطينية في الضفة الغربية؛ وكبح علاقتها الجديدة مع الصين، التي استضافت العام الماضي المحادثات التي أعادت العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران. وتأتي المفاوضات في وقت احتكاك بين الولايات المتحدة وكيان إسرائيل حيث يدفع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من خلال تشريع للحد من السلطة القضائية في تحد لبايدن ومئات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع.
العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين كيان إسرائيل والمملكة العربية السعودية ستكون انتصارا كبيرا لنتنياهو في جهوده الطويلة الأمد لتطبيع موقف بلده في منطقة معادية لمعظم تاريخ كيان إسرائيل الممتد 75 عاما.وفتحت اتفاقات أبراهيم التي تم التوصل إليها بوساطة إدارة الرئيس دونالد ترامب في العام 2020 الباب أمام منطقة متغيرة عندما وافقت الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب على فتح علاقات رسمية مع كيان إسرائيل.
قاومت المملكة العربية السعودية الانضمام إلى الاتفاقات في ذلك الوقت وكانت الجائزة الكبرى منذ ذلك الحين. لقد أصبح السعوديون والصهاينة أقرب بشكل غير رسمي على مر السنين بسبب المخاوف المشتركة بشأن دور إيران في المنطقة، وأظهرت التغييرات المتزايدة علاقاتهم المتطورة، مثل الإذن السعودي للرحلات المتجهة من وإلى كيان إسرائيل لعبور المجال الجوي للمملكة.
في حين أن إدارة بايدن في البداية لم تكن متفائلة بشكل خاص بشأن فرص التفاوض على التقارب السعودي الصهيوني، خلال زيارة سوليفان في مايو، أعرب الأمير محمد عن استعداد أكبر لعقد صفقة وقرر بايدن بذل جهد كامل. وقام وزير الخارجية أنطوني بلينكين برحلة إلى المملكة العربية السعودية في يونيو، أعقبتها عودة سوليفان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيتر بيكر ورونين بيرجمان
“نيويورك تايمز