يلف الغموض مصير المجلس الانتقالي، الذي إنشاته الإمارات في العام 2016، كيد طولى لمواجهة السعودية جنوب اليمن، ويتعرض حاليا لضربات قاصمة قد تنهي حياته القصيرة تقودها السعودية وسط تضعضع في الموقف الإماراتي، فهل تتخلى ابوظبي عن المجلس؟
ووفق اجماع النخب الجنوبية، فوضع الانتقالي، أصبح قاب قوسين أو ادنى من الاندثار، ولم يتبقى سوى اللمسات الأخيرة لترتيب خروجه من المشهد وتلك مهمة تعكف على تدبيرها السعودية حاليا وبدأت بالفعل من حضرموت بتشكيل مجلس وطني هناك ومثلها في شبوة وسط ترتيبات لأبين وعدن ولحج.
بالنسبة للسعودية التي أعاد ناشطوها حملة مشابهة لتلك التي قادها اتباعها في اليمن في التسعينات لتكفير الانتقالي تحت توصيف “الماركسية والشيوعية” فإن قرار إنهاء نفوذ الانتقالي قد اتخذ ولا رجعة عنه وهذا بارز بالتحركات الهادفة لتسليم الحكومة لخصومه في المؤتمر الشعبي العام وتقليص نفوذه في الرئاسي إلى عضو واحد بدلا عن ثلاثة، وهذه التحركات السياسية ليست الوحيدة لتفكيك منظومة المجلس بل تأتي بموازاة إجراءات اقتصادية برزت جليا بأزمة انهيار الوضع في عدن وعسكرية مع تعزيز القوات التابعة لخصومه وأبرزها “درع الوطن”.
لا يملك الانتقالي حاليا الكثير من الأوراق لمواجهة هذا الزخم وليس بمقدوره الان حتى المناورة وقد اصبح عاجزا تمام مع سقوط أهم المحافظات التي كان يراهن عليها لتغيير وضعه وانتقال المعركة إلى عدن وأبين وشبوة اللاتي تعد معاقله مع قرار السعودية تشكيل مجالس أهلية للحكم تسحب بساط سلطته، وحتى الغطاء الاماراتي الذي كان يعول عليه في قلب المعركة بدأ يتراجع ليبرز ذلك جليا بقرار أبوظبي استبدال أبو ظبي إعلام الانتقالي بإعلامها في سقطرى وحديث منظري سياسية الامارات الخارجية عن موافقة على تشكيل مجالس أهلية لإدارة المحافظات كما ورد ذلك على لسان ضاحي خلفان ناهيك عن التقارير التي تتحدث عن توجه لنفي الزبيدي من مقر اقامته الحالية في ابوظبي إلى الولايات المتحدة والأهم من ذلك وقف ابوظبي دعم الانتقالي خصوصا في قطاع الكهرباء مع الغائها مشروع كهرباء بالطاقة الشمسية وقبلها تسريب فساد الزبيدي وابرزها مزرعته الجديدة في خطوة قد تنهي مستقبله السياسي.
حتى الأن لم يتضح دوافع الموقف الإماراتي مع أن أبو ظبي لا تزال تعول على الانتقالي في كثير من الملفات، وما إذا كان تماهي ابوظبي مع الموقف السعودي لواد مجلسها في عدن كان نتاج صفقة تقاسم جديد ضمنت بموجبها ابوظبي مكاسب اقتصادية خصوصا في ظل تعزيز قبضتها في شبوة النفطية وسقطرى، أم لتلافي أي تصادم مع السعودية عبر رفع يدها علنا عن الانتقالي ودعمه سرا، لكن الواضح الان ان أبو ظبي ترتب لما بعد خروج الانتقالي عبر تعزيز نفوذ وجهها الآخر الذي يقوده طارق صالح وجناح عمه في المؤتمر وبرز بدعمه سياسيا عبر الدفع نحو تسليمه قيادة الحكومة واقتصاديا بتعزيز مشاريعه خصوصا في قطاع الكهرباء بالمخا.
أسباب توجه التحالف لطي الانتقالي
بدورها أكدت وسائل إعلام جنوبية، قرار التحالف حسم وضع الانتقالي، كاشفة في الوقت ذاته الدوافع وراء هذا التطور. وأكدت صحيفة الأيام، أحد أهم كبرى الصحف الصادرة من عدن، تعرض الانتقالي ورئيسه عيدروس الزبيدي لتصعيد سعودي كبير، مشيرة إلى أن الوضع لا يصب في صالح المجلس الموالي للإمارات.
من جانبه أرجع موقع “سوث 24” المقرب عن الانتقالي، تحركات السعودية لتفكيك نفوذ المجلس إلى ما وصفه لإعادة تشكيل المشهد وفقا لرؤية تتعلق بترتيبات التسوية النهائية في اليمن، مشيرا في تحليل مطول إلى سعي الرياض انتاج اطراف جديدة محسوبة عليها من اجل تمرير ما وصفها بالصفقات الكبرى.
وأكد الموقع بأن الخطوة السعودية الحالية تهدف لتقوية دور رشاد العليمي سياسيا وعسكريا مستشهدا بزيارته الأخيرة لحضرموت، واعتبر التحليل الهدف الرئيسي من تأسيس مكونات على أساس ديمغرافي في الجنوب بمثابة صب الموقف الجنوبي من السلام داخل القالب الشمالي باعتبار أن المكونات الأخيرة في إشارة إلى مجلس حضرموت وحلف قبائل شبوة وأبين ولحج ستمثل في إطار الجنوب دون ان تحمل قضية او تضع اعتبار للملف التفاوضي الخاص به.
واشار التحليل إلى أن السعودية ودول الإقليم الأخرى في إشارة كما يبدو للإمارات تتجاهلان حقيقة أن السلام الشامل والمستدام في اليمن مرتبط بحل القضية الجنوبية.